شارلي شابلن.. سيرة أيقونة السعادة
شارلي شابلن.. «حدث يحدث مرة واحدة في الحياة»، والمهرج العبقري العالمي، الذي استطاع بصمته إسعاد الجميع، إذ اعتمد على وصفة سحرية في صناعة أفلامه، وهي العفوية والصدق، كما ذكر الكاتب أشرف بيدس في كتاب عربي، يسعى إلى أن يكون سيرة حياة لأيقونة السعادة.
في 16 أبريل 1889 (العام الذي ولد فيه عظماء ومبدعون، وكذلك زعماء تسببوا في موت الملايين، هتلر، وأيضاً شبيه لشابلن، يمكن اعتباره شابلن العرب، وهو نجيب الريحاني) رأى شابلن النور في حي بأشد مناطق لندن فقراً وبؤساً لأب يعمل في جوقة موسيقية، وأم تعمل في مسرح متواضع.
يبرز الكتاب مراحل الطفولة البائسة لشابلن، وظهوره الأول على المسرح حينما تعبت الأم، فحل الصغير بدلاً منها مغنياً، فانهالت النقود على المسرح، فقطع الطفل غناءه ليجمع النقود بخفة ظل ويضعها في منديل، ويرسم مشهده الكوميدي الأول، ليضجّ المسرح بالضحك، ويتلقى الصبي الكثير من النقود: «كانت تلك الأمسية هي مناسبة ظهوري الأول على المسرح وظهور أمي الأخير».
فترة صعلكة قضاها شابلن عقب وفاة الوالد ومرض الأم التي دخلت مصحة، وكان على الصبي أن يتكفل بنفسه، فلجأ إلى المسارح لتأدية أي دور صغير، وظل هكذا حتى أصاب بعض النجاح، وعثر على شخصيته المميزة بعصاه وقبعته، ولاحت فرصة للسفر إلى الولايات المتحدة مع فرقة مسرحية، وفي «أرض الأحلام» جاءت الفرصة الذهبية، إذ لفت شابلن أنظار صناع السينما، فترك الخشبة، وتعاقد بالفعل مع إحدى الشركات، وتوالت أفلامه، حتى أصبح أحد معالم هوليوود في هذا العمر المبكر، و«راحت دور العرض تعلن على جدرانها عبارة (هنا شابلن)». وارتفع أجر النجم إلى رقم فلكي في تلك المرحلة، إذ طلب بعد ذلك النجاح والصيت أجراً مليونياً، وبالفعل وافقت الشركات. في عام 1922 عاد شابلن إلى وطنه للاستجمام، لتتصدر عناوين الصحف في صدر صفحاتها الأولى، كما يبرز مؤلف كتاب «شارلي شابلن» أشرف بيدس: «عودة شابلن تفوق يوم الهدنة.. زيارة شابلن حديث لندن.. هذا هو ابننا».
دخلت أميركا في مرحلة الكساد العظيم، ومعها العالم والسينما، مرّ شارلي شابلن بمرحلة صعبة، لكنه لم يستسلم، ومع ظهور السينما الناطقة، وجد شابلن نفسه أمام تحدٍّ جديد، واستطاع أن «يمنح السينما الصامتة الحياة بضع سنوات، قبل أن تتحول إلى ذكرى»، وذلك بفليمه «أضواء المدينة» (1931)، الذي «لم يتخلله سطر حوار واحد»، وقد شوهد ألبرت أينشتاين الذي حضر هو وزوجته الفيلم يمسح دموعه مع مشاهد النهاية.
بنار السياسة، اكتوى شابلن، مع اشتعال الحرائق والحروب في بقاع كثيرة، وغزو هتلر للعالم، ويفرد المؤلف أشرف بيدس في كتابه مساحة كبيرة لذلك «المواطن العالمي» شارلي شابلن، ويدافع عنه بضراوة، مبرئاً الفنان من كل ما رمي به، بل ويرى أنه أحد المناصرين للقضايا العادلة، ومن بينها الأزمات العربية.
قدم شابلن 80 فيلماً (75 صامتاً، وخمسة ناطقة)، يتصدى بيدس لتسليط الضوء عليها، ويستفيض أمام عدد منها. ولا ينسى الكتاب دور المرأة في حياة الفنان الذي رحل عام 1977 في سويسرا، بعدما ترك أميركا.
ويقع كتاب «شارلي شابلن» في 559 صفحة، وهو صادر حديثاً عن دار سما للنشر والتوزيع في القاهرة.