يوسف الحسن يستدعي تاريخاً مرّ من هنا

«قد يطول الطريق إلى نهوض الأمة العربية.. وقد يضيع الطريق، غير أن الحلم سيظل في العقل والوجدان.. نحدق فيه، ننفض عنه غبار اليأس حين نصحو.. وحتى نصل»، بهذه الكلمات التي تلخص الواقع، وفي الآن ذاته تتمسك بالحلم والأمل في الوصول، يقدم الدكتور يوسف الحسن لنصوصه الفكرية، في كتاب: «زفرات عربي حزين» الذي صدر العام الماضي عن وزارة الثقافة، واتحاد كتاب الإمارات في 125 صفحة.

بداية النهوض، من بعيد، فالوعي بالتاريخ هو المفتاح السحري، حسب الدكتور الحسن الذي يستهل نصوصه الفكرية بـ«سلطان.. وحماية الذاكرة»، معتبراً أن «النصب التذكاري لمقاومة خورفكان للغزاة في القرن السادس عشر، الذي دشنه صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، هو زرع لبذرة حس التاريخ عند الأجيال الناشئة، وكأني بسلطان يقدم لهذه الأجيال مفتاحاً سحرياً يفتض الكثير من الأقفال التي أغلقت على حكايا شعبية باسلة، وبطولات إنسانية مقاومة للغزاة المدججين بالأساطيل والبارود والخبث الاستعماري والاستباحة والقرصنة».

ويقلّب الحسن في صفحات مجهولة من التاريخ، طارحاً العديد من الأسئلة: ماذا يعرف الجيل المعاصر عن الغازي «البوكيرك» البرتغالي؟ وماذا يعرف هذا الجيل عن معاهدات الإكراه المفروضة على المنطقة من قبل قوى بريطانيا العظمى في ذلك الوقت؟ مشيراً إلى أن الوثائق البريطانية نفسها تتحدث عن «قصة البوارج الحربية التي شنت هجوماً على دبي في ديسمبر 1910، بحجة التفتيش عن الأسلحة، واصطدمت مع أهل دبي في الشوارع، وبلغت خسائر دبي في الأرواح نحو 37 مواطناً، في مقابل خمسة قتلى من البريطانيين».

ومع التاريخ أيضاً، يكمل المؤلف المسيرة مع نص فكري بعنوان: «البرتغاليون مروا من هنا»، مشدداً على فكرة الوعي التاريخي، وأنها أكثر ما تحتاج إليه الأجيال الشابة.

وتحت عنوان: «كيف تظل مصر ولعاً خليجياً؟» يتحاور الحسن مع الآخر ومع الذات، من وحي زيارة لـ«المحروسة»، مختتماً هذا النص، أو المقال، بـ«مصر، لم تخطُ بعد خطوتها الأولى نحو النهوض والقيام بهذا الدور المركزي، ورغم ذلك فإن هناك من لا يرى في مصر إلا ما يطفو على السطح، وهو الأخف والأهش، ويتجاهل ما تملكه من الاحتياطي الهائل، ما إن يُستدعى سيحقق المعجزات. المهم أن تظل مصر ولعاً خليجياً.. وأن لا تصاب بوصلتنا الاستراتيجية والأخلاقية بعطب، وأن يبقى وعينا مستيقظاً، ليحمينا من أوهام تضخم الذات، ويحفزنا لعدم التخلي عن دور الشاهد، ويحول دون الركون إلى البطالة السياسية أو بطالة التكفير أو السكوت عن الظلم وتشويه الدين والقتل الحرام.. بعد أن جرى تدمير العراق وسورية.. لم يبقَ إلا مصر.. تفتح أمامنا طريقاً آمناً إلى مستقبل مأمول».

ولا تنتهي حكاية الحسن، الذي أصدر أكثر من 30 مؤلفاً، مع مصر، إذ يعاود الكتابة عنها في «مصر التي في خاطري». وبما يحمل الكتاب عنوانه تكون خاتمة النصوص، بالزفرات الحزينة لـ«المواطن العربي البسيط الذي تكسرت أحلامه وتحولت إلى كوابيس»، وتساؤلاته التي تبدو بلا أجوبة: «ما الذي يدعوه لانتظار الترياق من قمة عربية، تأتي وتذهب، من غير أن تقنعه بأنه آمن على ذريته وحريته ولقمة عيشه ورموزه وتراثه وذاكرته وجيرانه ومسقط رأسه وقبور أجداده وتراب وطنه؟».

الأكثر مشاركة