«حياة في موسيقى».. وأنغام رومانسية تداعب شعر الحبيبة

حنجرة تغني للحب في «أوبرا دبي»

صورة

بعد أن ترك المسرح لفترة قاربت الأعوام الثمانية، عاد الأوبرالي الإسباني خوسيه كاريراس إلى إحياء الحفلات على مسارح الأوبرا العالمية، إذ كانت محطته أول من أمس في «أوبرا دبي»، ضمن الجولة العالمية الأخيرة التي يقوم بها.

نجاة من المرض

عانى الفنان الإسباني كاريراس، سرطان الدم، اللوكيميا، في الثمانينات، وكان على وشك الموت بسبب سوء حالته، إلى أن انتهت المعاناة بعملية زراعة النخاع الشوكي، دالتي أنقذت حياته. وعمل بعد نجاته من المرض على تأسيس جمعية خاصة بالعناية بمرضى اللوكيميا، ويقيم سنوياً حفلاً خيرياً في ألمانيا لدعم الجمعية.

المغني الإسباني: شكراً لدبي وجمهورها

اختتم كاريراس، الحفل بكلمة توجه فيها بالشكر للجمهور ولدبي التي بنت دار الأوبرا، هذا المسرح الذي وصفه بكونه مكاناً للإبداع والموسيقى والعروض الجميلة، والذي سيكون الأساس في بناء جيل جديد محصن بالثقافة ولديه رؤية واسعة. ووصف كاريرا اختياره للأغنيات التي قدمها، بكونها تعبر عن الأزمنة الغابرة التي قدمت فيها الموسيقى المميزة في الأوبرا، وهي تمتد من القرن 19 وحتى القرن 20، واصفاً الموسيقى بكونها الشغف بالنسبة إليه، وبأن هذه الألحان المنتقاة هي التي كانت تنقله من حالة لأخرى، ويعبر عنها من خلال الصوت.

الحفل الذي أحياه كاريراس بمشاركة مغنيتين في الأوبرا؛ وهما الأوكرانية ناتياليا كوفالوفا، والجورجية سالوم جيشيا، كان مفعماً بالحب، إذ فاض من الصوت الأوبرالي «التينور» بالكثير من كلمات الحب والأحاسيس التي اختصرت كلها بعنوان «حياة في موسيقى».

لم ترافق المغني فرقة أوركسترا كاملة، بل غنى إلى جانب خمسة عازفين، فكان لورينزو بافاج على البيانو، وماسيمو ماغري على التشيللو، بينما عزف على الكمان كل من ايرين تيلا، ووروبرتو مولينيلي، واندريا كاستنجا، وهي الفرقة التي ترافقه في حفلاته حول العالم.

احتفلت الأوبرا بعودة المغني الإسباني في عام 2014 بجعله الحكم الذي يتربع على عرش هذا النوع من الغناء، فكانت عودته بمثابة الحلم، وهكذا كان الحفل الذي أحياه أول من أمس، تضفي عليه الأجواء الحالمة، إذ استعاد عبر الموسيقى الأوبرالية العريقة والقديمة أجمل الألحان وأعذب الكلمات، ليشيع جواً من السلام والهدوء والبهجة في نفوس الحاضرين. بدأ الحفل مع المغني الإسباني الذي قدم عرضاً مميزاً لأغانٍ قديمة، تعود إلى أكثر من قرنين، مع «لي كارديلو»، والتي يقدم فيها مشاعر تعرض الحب والخيانة، لينتقل إلى أغنية أخرى بمشاعر تحمل الكثير من السعادة والحلم والمشاعر الرقيقة. اختار المغني أغنيات تحاكي الذكريات والطبيعة الجميلة في الربيع، والزهور المتفتحة والهواء الذي يداعب شعر حبيبته، فكانت كلها رومانسية الطابع. المميز في الأغاني الأوبرالية التي قدمها كاريراس هو كيفية تقديم المغني لها باستخدامه لطبقات صوته المرتفعة حيناً، والتي تنخفض حيناً آخر مع الموسيقى، في حين كانت الإضاءة التي تنعكس على خلفية المسرح تحاكي الأجواء الموسيقية فتتبدل إلى الأحمر مع الأغاني العاطفية، ثم تتنقل بين الألوان الأقوى حين تصبح الموسيقى سريعة.

إلى جانب الغناء الانفرادي الذي قدمه كاريراس، قدمت كل من المغنيتين، ناتياليا كوفالوفا، وسالوم جيشيا مجموعة من الأغنيات، إذ أطلت كل منهما في أغانٍ منفردة، وقدمتاها بالصوت «السوبرانو»، بينما كانت لكل منهما أيضاً أكثر من أغنية ثنائية مع المغني الإسباني، ليختتم الحفل في أغنية ثلاثية أشعلت حماس الجمهور، نظراً لجماهيرية الأغنية القديمة والمترجمة إلى أكثر من لغة.

تميزت المغنية الأوكرانية بصوتها الرقيق، فكان حضورها عذباً فصوتها ينساب مع الموسيقى، خصوصاً أن الأغاني التي قدمتها فيها الكثير من الهدوء والرومانسية، في حين أن جيشيا تمتعت بقوة الصوت، الأمر الذي مكنها من تقديم طبقات أعلى، فطغى على الأسلوب الغنائي القليل من السرعة أيضاً، الأمر الذي وازن بين حضور كليهما، فكانت تتبدل أجواء الحفلة مع كل إطلالة.

يشار إلى أن خوسيه كاريراس ولد في الخامس من ديسمبر عام 1946، ببرشلونة. ويعد أحد أهم المغنيين الأوبراليين «التينور». بدأ حياته بدراسة الكيمياء، ثم تركها بعد فترة ليتجه إلى دراسة الغناء. حصل على جوائز كثيرة في الغناء وكذلك التكريمات، ومنها جائزة أميرة النمسا، ووسام جوقة الشرف، ووسام الاستحقاق البافاري.

تويتر