حافظ على كرامة المضطهدين
داريو فو.. مسرحيّ جماهيري لا يعرف المهادنة
في اليوم الذي كشفت فيه «نوبل» عن الفائز بالجائزة في فرع الآداب لعام 2016 (بوب ديلان)، أول من أمس، ودّعت حائزاً لها عام 1997؛ وهو الإيطالي داريو فو، المسرحيّ الذي وصف بالظاهرة، فهو المؤلف والمخرج والممثل وصاحب الفرقة والمصمم للديكور والاستعراضات، وحتى زوج البطلة (فرانكا رامي التي شاركته المسيرة).. وقبل كل ذلك صاحب الموقف الذي لا يعرف المهادنة، أو الخوف من عصابات المافيا.
ما يشبه الثورة، صنعها المبدع الإيطالي، الذي غاب عن 90 عاماً، في فنه الأثير، معتبراً المسرح شعبياً بامتياز، يذهب إلى الجماهير في الشارع والمصنع والسوق وكل مكان، يقدم لهم نصوصاً كوميدية ساخرة، وفي حيثيات منحه جائزة نوبل: أنه «يحاكي المهرجين في العصور الوسطى، حيث كانوا يقومون بجلد السلطة، والحفاظ على كرامة المضطهدين».
يستلهم داريو فو في «الأبواق والتوت البري» حادثة اختطاف منظمة «الألوية الحمراء» لرئيس وزراء إيطاليا السابق ألدو مورو، وتصفيتها له، في عام 1978، بعدما رفضت الحكومة التفاوض مع تلك المنظمة، وأثير جدل كبير حينها عن المصالح الخفية وراء التضحية بتلك الشخصية. يلتقط داريو فو الأمر، ويطرح – كما يقول مقدم المسرحية ومعد الدراسة العربية عنها د. أيمن الشيوي – بشكل مغاير: «طارحاً سؤالاً مهماً، وهو ماذا لو كان الذي تعرض للاختطاف هو أحد أباطرة الاقتصاد الإيطالي؟ ماذا لو كان هو جياني أجنيللي صاحب ومالك ورئيس مجلس إدارة شركة فيات، وغيرها من المؤسسات الصناعية الكبرى؟».
تنطلق أحداث المسرحية في مستشفى، وزوجة تسعى للتعرف الى زوجها الذي تعرض لحادث وضاعت ملامح وجهه، ويتقدم الممثل الذي يقوم بدور العامل (أنطونيو) ويبدأ في سرد حكايته، حيث تصادف وجوده في مكان الحادث، ودفعته الشهامة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وتمكن من إنقاذ الشخص الجالس بجوار السائق، وخلع سترته ولفّه بها، وفجأة يحدث إطلاق نار فيهرب تاركاً سترته بكل ما فيها من أوراق كبطاقة شخصية، وبطاقة الحزب الذي يتبع له.
والمفارقة، كما يرى محلل المسرحية، أن الشخص الموجود بالمستشفى، والذي يعتقد الجميع أنه أنطونيو العامل البسيط، هو رئيس «فيات» والشركات الكبرى والبنوك، وأن هذا السيد سيعاد وجهه طبقاً لصورة أنطونيو. وسيجد نفسه محل ذلك العامل، ليتعرف (المزدوج وهذا اسمه) الى معاناة العمال وكراهيتهم له، وقد يتذمر ويصف العمل بأنه حقير ومهين. بينما العامل الأصلي يجد نفسه مطارداً وعاجزاً عن استيعاب الموقف، بعدما اتهم باغتيال رئيس تلك الإمبراطورية.
وعلى شاكلة هذه المسرحية، تشتبك معظم أعمال داريو فو مع السلطة وحتى مع المؤسسات في إيطاليا وخارجها، وحتى مع الولايات المتحدة ومحاولتها الهيمنة على العالم، ورفضت الخارجية الأميركية منح فو وزوجته فرانكا رامي تأشيرة دخول على مدى سنوات (1980 – 1984) لانتقاده سياسة أميركا، ولم يحصل على تأشيرة الدخول إلا في عام 1985، بضغط من المسرحيين والمثقفين الأميركيين.
للإطلاع على الموضوع كاملا ، يرجى الضغط على هذا الرابط.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news