«لا أريد لهذه الرواية أن تنتهي»

سلطان فيصل حياة ممتدّة بسرد الحكايا

صورة

بأكثر من مجرد تماسّ في العنوان، تأتي الرواية الجديدة للكاتب الإماراتي سلطان فيصل، المحكومة استهلالاً وختاماً باقتباسين من قصيدة الراحل محمود درويش «لا أريد لهذي القصيدة أن تنتهي»، التي أراد لها صاحبها أن «تكون كما تشتهي أن تكون».. وهنا ثمة إرادة شبيهة بطلها سلطان فيصل في روايته «لا أريد لهذه الرواية أن تنتهي».

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2016/10/549499.jpg

7

فصول يضم كل واحد منها مقاطع عدة بعناوين منفصلة تضمّها الرواية التي صدرت عن دار ورق.


ألم تنجُ شهرزاد من الموت بالحكي؟ ألم يمنحها اختلاق القصص عمراً في «ألف ليلة وليلة»؟ ولذا اهتدى «جمال» سلطان فيصل إلى ذلك العلاج نفسه.

يكتب مبدع «قميص يوسف»، داخل عمله الجديد، روايات وحكايا عدة، يهدم البعد الرابع، ويتمرّد على السكة السردية المعهودة، يغامر ويبدو أنه مستعد لرد الفعل، لا ينتظر الكثير من وسط ثقافي تدين الرواية بعض ممارساته، تُخرج له لسانها، تسخر من أنصاف مواهبه وأدعيائه.

في «لا أريد لهذه الرواية أن تنتهي» التي صدرت عن دار ورق للنشر والتوزيع، منذ الصفحات الأولى، ثمة إشارات إلى رواية داخلية، ينبغي إنجازها، من مريض مصاب بالسرطان ينتظر الموت في أي وقت؛ ولذا فهو يقبع في غرفة الحالات المتأخرة بمستشفى «إدوارد جينز» اللندني، إلا أن المريض، الذي تحول إلى ظاهرة، أكمل 180 يوماً في تلك الغرفة، ولم يمت، ليروي حكايا عن الحالات التي تدخل الغرفة، وتغادرها جثثاً، وحتى عن الممرضة الروسية.

سرّ البقاء أو الحياة، مؤجل في الرواية، لكن يوجد سر آخر يدّعيه المريض (جمال)، الذي يكذب ويتورّط ويصدق آخرون الكذبة، ولكن المعوّل عليه ربما أن يصدقها القراء: «هنا يكمن السر؛ فكل يوم أسجل بصوتي أحداث رواية أختلق أحداثها.. رواية لا تنتهي، من حبكة إلى أخرى.. ما أن أحل عقدة حتى أفتح عشر عقد جديدة، وبهذا يستمر أملي بالحياة». تختلط الحقيقة بالخيال، والصدق بالكذب، هنا في ادعاء ذلك المريض سر البقاء بـ«العلاج بسرد الروايات»، ألم تنجُ شهرزاد من الموت بذلك؟ ألم يمنحها اختلاق القصص عمراً في «ألف ليلة وليلة»؟ ولذا اهتدى «جمال» إلى ذلك العلاج نفسه.

ومع الكذب «الفني» ثمة بوح، ومحاولة للكشف عن روح سيد الحكاية.. لحظات ضعفه وأرقه.. سيرته وسيرة من وراءه، وليس حياة من حوله في تلك الأجواء السرطانية الخبيثة، فجمال في إحدى إفضاءاته يتساءل ويجيب: «- هل تمنى أحدكم الموت؟ أنا من تمناه ثلاث مرات: تمنيته يوم علم أبي أنني خذلت حلمه بأن أكون مهندساً معمارياً، ويوم هجرتني زوجتي، ويوم علمت أن زوجتي قد أخفت حملها حتى أنجبت ابنتي، وحينما جاء المرض الخبيث فزعت؛ سمعت صوت الله في قلبي يخاطبني: عش الموت الذي تمنيته».

بين سبعة فصول يضم كل منها مقاطع عدة، تأتي «لا أريد لهذه الرواية أن تنتهي» التي تقع في 254 صفحة، ويتجلى من تخيّر العناوين وشخصية مثل مرزوق الأقحواني، انشغال المؤلف بما وراء العملية الإبداعية ومفارقاتها ودهاليزها، حتى في المقاطع الداخلية؛ فثمة تصدّر لـ«الروائي يهب الآخرين الحياة، غوغول وبارغاس وروائي القردة، القواعد الست لكتابة الرواية».

للإطلاع على الموضوع كاملا يرجى الضغط على هذا الرابط.

ربما يستهوي جديد سلطان فيصل قارئاً ما، فقد تثير «لا أريد لهذه الرواية أن تنتهي» الباحث عن تجريب ودرب مغاير، خصوصاً أن صاحبه يمتلك أدواته ولغته وثقافته وعشقه لما يصنع، وبالعكس قد لا ترضي قارئاً آخر، متلقياً كلاسيكياً، يبحث عن نفسه في الرواية، أو ينشد عالماً جمالياً بسيطاً غير مهموم بقواعد الكتابة وكيفية التعبير عن حكاية واحدة بأكثر من سبيل، وينتظر شخصية تبقى في ذاكرته، لا تموت ـ ولا تنتهي - مع الصفحة الأخيرة.. فالمبالغة في الصنعة أحياناً مشتتة، ولا تسرّ كل الناظرين.

تويتر