راما عودة.. روّضت المستحيل

أعطت راما عودة للعالم فرصة حرمت هي منها: أن يراها. من يلتقي بها لأول مرة لا يشعر بوجودها إلا حين تتكلم، عندها فقط تسقط كل الفرضيات المسبقة التي تتشكل عند رؤية فتاة كفيفة، أو أي إنسان من ذوي الإعاقة.

قد يقول البعض إن (راما) محظوظة لأنها ولدت في زمن تطورت فيه تقنيات القراءة. وقد يرى آخرون أن الفضل في نجاحها في القراءة يعود إلى مبتكر الكتابة البارزة للمكفوفين، لوي برايل، أو من سبقه بخمسة قرون، زين الدين الآمدي، بائع الكتب الكفيف في بغداد. لكن من يسمع قصة راما يدرك تماماً أن الوسيلة وحدها لا تكفي لتحقيق الطموح حتى عند الذين وُهبوا نعمة البصر.

باللمس والسمع قرأت راما إسماعيل إبراهيم عودة، من المملكة الأردنية الهاشمية، 50 كتاباً خلال عام دراسي واحد، لتنضم إلى قائمة التصفيات النهائية في «تحدي القراءة العربي».

إنها رحلة اختلطت فيها المشقّة بمتعة الاستكشاف؛ رحلة لم تطلب فيها (راما) مساعدة أحد، ولا انتظرت تشجيعاً من أحد. والدتها كانت خائفة عليها من صعوبة استكمال الطريق إلى النهاية، أما والدها فكان على ثقة بأنها لن تستسلم، فحياتها حتى الآن لم تكن إلا درساً في ترويض المستحيل.

تقول والدة (راما): «منذ صغرها كانت مختلفة عن إخوانها، قبل فقدانها لبصرها كانت تجذب الجميع إليها بروحها المرحة، عندما أصبحت كفيفة طورت قدرتها على الصبر والاجتهاد وسعت إلى توسيع مداركها، عرفت أن من حقّها أن يراها الناس ويشعروا بها، واستطاعت أن تثبت وجودها من خلال الثقافة والعلم والمعرفة، أحبت القراءة، وكانت تكتب النثر لفترة من الزمن، ثم أحبت الشعر وبدأت تكتبه، ما أثرى مفرداتها وعزّز ثقتها بنفسها، فشاركت في مسابقات شعرية وفازت بالمرتبة الأولى على لواء ماركا، وبالمرتبة الثالثة على مستوى المملكة الأردنية الهاشمية».

وعن قرار (راما) المشاركة في تحدي القراءة العربي، تقول والدتها: «خفتُ عليها لأن التحدي كبير، وبعض الكتب لن يكون متوافراً بـ(لغة برايل)، لكنها أصرت، وكانت تقضي الليل على الإنترنت تستمع إلى الكتب، ومع ذلك لم أتوقع أن تنجح، الفرصة ضعيفة والمساعدات قليلة وكم الكتب كبير.. ومن مرحلة إلى أخرى بدأتُ أشعر بأن الأمل بدأ يكبر، ومن لم يتوقع وصولها إلى المراحل النهائية بدأ يساندها».

تويتر