حاكم الشارقة: لي مع الخليج 1000 حكاية وحكاية
استعرض صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، عبر حديث تلفزيوني أجراه معه محمد حسن خلف مدير إذاعة وتلفزيون الشارقة، وعرض مساء أمس الأربعاء على قنوات مؤسسة الشارقة للإعلام مراحل تكوين حوض الخليج العربي، مشيراً إلى أن ذلك التكوين جاء بسبب تحرك الصفائح القارية إضافة إلى ذوبان الجليد، وأكد سموه أن الخليج بطبيعته التضاريسية وموقعه الجغرافي المتميز دفع كثيراً من قوى الصراع خلال الفترة من 1620 – 1820 لفرض سيطرتها على المنطقة في أول أمرها للحفاظ على تجارتها وتوفير الأمان الكافي لها، وتحول ذلك الدافع إلى أطماع استعمارية وتدخلات بشؤون سكان المنطقة.
وقال صاحب السمو حاكم الشارقة «لي مع الخليج 1000 حكاية وحكاية، تبدأ منذ التكوين الجيولوجي لهذه المنطقة، ولابد أن أستعين ببعض الخرائط لأبيّن كيف تكون هذا الخليج، وبنظرة إلى هذه الخريطة الموجودة التي تبيّن شبه القارة الهندية وشبه الجزيرة العربية، نجد أن هناك سلسلة من الجبال تمتد من شمال الهند إلى غرب إيران - ما الذي أوجدها في مثل هذا المكان؟ - هذه كلها حصلت بأسباب الزلزال الذي كان موجوداً في تلك الفترة، وهو يضرب جميع الصفائح التي كونت أجزاء إضافية على القارات».
سلطان القاسمي: • «الحملات الغربية والرحلات بدأت حين سقطت إسطنبول عاصمة الحكم العثماني الإسلامي، فقرر بابا الكنيسة حينها قطع العلاقات مع المسلمين». • «ساحلنا في الأصل طيني، والرمل الصحراوي الذي نراه ما هو إلا كميات من الأتربة المنقولة بفعل الرياح من الربع الخالي، تراكمت على مدار ملايين السنين». |
وأشار سموه إلى أن صفيحتي الهند والجزيرة العربية كانتا عبارة عن جزيرتين بالقرب من مدغشقر، وبفعل مادة الألمونيا شديدة الانزلاق تحت قاعدة الصفيحتين أدى إلى حركتهما، حيث خبطت الهند في الساحل الذي كان يسمى (أوراسيا) ويعني ساحل آسيا وأوروبا وكان يطلق عليها كذلك هضبة أوراسيا لخلوها من أي تضاريس مرتفعة، وهذا يدل على امتداد الساحل من آسيا إلى أوروبا في خط مستقيم ولم يكن يفصله شيء، وعندما ضربت الهند بذلك الساحل أزاحت الشاطئ ونجده اليوم في قمم جبال الهمالايا.
أمّا جزيرة العرب التي كانت تسير مع جزيرة الهند إلا أن حركتها كانت أبطء بسبب دورانها أثناء الحركة، ويرجع ذلك إلى أن الجزء الجنوبي من جزيرة العرب كان غاطساً في الماء لوجود الجبال المعروفة اليوم بجبال عمان، وتوجد اليوم في قممها برك وكهوف، والأحافير الموجودة هناك تبين لنا أن تلك الجبال كانت في أعماق البحار، وحجم المحار دليل آخر على أنها كانت في قاع المحيط.
وحول تكوين الخليج العربي قال صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي «لابد في البداية أن نذكر بأن الصفيحة العربية عندما خبط جزؤها الشمالي بهضبة أوراسيا ارتفع جزؤها الجنوبي وظهرت الجبال التي كانت غاطسة في البحر، وبذوبان الجليد بدأت تتكون أنهر، فجبال الحجاز واليمن كانت متجمدة، وما أن يذوب الجليد من عليها يتشكل مجرى ماء يصب بالقرب من بينونه في إمارة أبوظبي إلى حوض الخليج، وهذا المجرى المائي موجود حتى يومنا هذا ويأخذ شكل الخندق، وهذه المنطقة اكتشف بها كثير من حفريات وعظام الحيوانات، وكذلك الجليد على جبال زاغروس كان يذوب ويصب في حوض الخليج، ولكن تلك المياه المذابة تأثيرها بسيط في تكون مياه الخليج العربي، ولكن التأثير الكبير كان يدخل عن طريق ما يسمى حالياً مضيق هرمز، وبفعل ذوبان الجليد وارتفاع منسوب مياه البحار، وذلك قبل 14 ألف سنة، ومن ثم ازدادت مياه الخليج بعد الذوبان الثاني كان قبل 12 ألف سنة، وبعد الذوبان الثالث قبل 10 آلاف سنة، وآخر ذوبان أثر في منسوب المياه في الخليج كان قبل 8000 سنة، وفي كل مرحلة من مراحل الذوبان كانت تتشكل شواطئ وحياة نباتية شاطئية باقية آثارها حتى اليوم تحت المياه، ومنذ آخر ذوبان الذي كان قبل 8000 سنة تشكلت شواطئنا الحالية».
وساحلنا في الأصل طيني، والرمل الصحراوي الذي نراه ما هو إلا كميات من الأتربة المنقولة بفعل الرياح من الربع الخالي تراكمت على مدار ملايين السنين، وكانت عندما تنزل المياه من الجبال بسبب ذوبان الجليد أو الأمطار الغزيرة تشكل على الساحل مصبات وكل مصب يسمى دلتا، لذلك نجد عدداً كبيراً من الخيران على طول الساحل.
وأضاف سموه أن «للساحل الشمالي من الخليج العربي أهمية أكبر للتجار من الساحل الجنوبي، حيث يوجد فيه الجبال التي كانوا يستخدمونها كعلامات استدلالية لهم خلال رحلتهم البحرية، فضلاً عن وجود الأسواق لتصريف بضائعهم أو شراء احتياجاتهم من ماء وغذاء، كما أن ذلك الساحل به مجموعة من الجزر التي تحميهم من فعل الرياح».
وتحدث صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، حول المرحلة التاريخية التي يتوقف عندها في كتابه الصادر حديثاً «صراع القوى والتجارة في الخليج 1620 – 1820م»، موضحاً «أن الحملات الغربية والرحلات بدأت حين سقطت إسطنبول عاصمة الحكم العثماني الإسلامي، فقرر بابا الكنيسة حينها قطع العلاقات مع المسلمين، وهذا أسفر عن قطع الطرق التجارية مع الهند وشرق آسيا، فخرج المستكشفون للبحث عن طرق بديلة، وفي تلك المرحلة اكتشف كريستوفر كولمبس أميركا، ووصل فاسكو دي جاما إلى رأس الرجاء الصالح».
وأوضح «أن اكتشاف رأس الرجاء الصالح، فتح الباب أمام البرتغاليين الذين بدأوا يسيطرون على المنطقة من خلال القوى المحلية، فانتبه الإنجليز لحجم التطور والثروة التي جناها البرتغال، ومنذ حينها بدأت الحملة الاستعمارية».