«الثلث الخالي» تحاكمها افتراضياً.. و«المجنون» تسترجع «القصة الأولى»

هموم نسائية تتصدر اليوم الأول «المسرح العربي»

صورة

لم تقصد اللجنة المنظمة لمهرجان المسرح العربي المنعقد بالجزائر، أن تخصص يوماً لإبداع المرأة العربية، كما لم تقم بأي توجيه بالضرورة باتجاه مناقشة أي من همومها، لكن بـ«المصادفة» تسيّدت المرأة اليوم الأول من المهرجان.

وضمن المسابقة الرئيسة الرسمية، التي تتنافس على جائزة صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، لأفضل عمل مسرحي، استقبل مسرح الشهيد عبدالقادر علولة، وسط مدينة وهران، للمخرجة الجزائرية تونس أيت علي، وتمثيل حورية بهلول، وأمال دلهوم، وديمة عطال، في حين هيمنت ثلاث نساء أيضاً على بطولة العرض التونسي «المجنون»، الذي استضافه مسرح «السعادة» بالمدينة نفسها، على هامش عروض المسابقة.

يعرض اليوم

تواصل فعاليات مهرجان المسرح العربي اليوم، بعرض خارج المسابقة الرسمية للمهرجان، وهو عرض «دوخة» التونسي. في المقابل تستمر الورش المسرحية، بما فيها ورش مخصصة للناشئين، والفعاليات المرتبطة بالندوة الفكرية الرئيسة، ما بين ولايتي وهران ومستغانم.


سهرة جزائرية

على شرف والي وهران، قضى ضيوف المهرجان، سهرة احتفائية جزائرية بامتياز، بدءاً من الفقرات الفنية التي نهلت من الفلكلور الجزائري، مروراً بمائدة الطعام التي حملت أشهر الأكلات الشعبية في الجزائر عموماً، وفي وهران بصفة خاصة.

وامتد الحفل، الذي استضافه فندق «شيراتون» في قلب وهران إلى وقت متأخر، احتاج بعده الضيوف، خصوصاً من يرتبط منهم ببروفات مسرحية في اليوم ذاته، العودة السريعة إلى مقر إقامة الوفود.


عودة الأسطورة

حالة من اللبس في ما يتعلق بموضوع مسرحية «الثلث الخالي»، أصابت جانباً من جمهور العرض عموماً، بسبب موضوع العرض. وتحيل عبارة «الثلث الخالي» إلى أسطورة شعبية جزائرية، تستبدل صحراء الربع الخالي بهذا الاسم، لتتداخل في الحكاية الشعبية ما يرتبط بـ«مثلث برمودا»، وما يشير إلى صعوبة هذه الصحراء، التي نُسجت حولها جزائرياً الكثير من الأساطير والغرائب.

وسيطر النساء بشكل شبه كامل على الخشبتين، خصوصاً في عرض «الثلث الخالي»، الذي لم يأت فيه أي ظهور للرجل، في مقابل الحضور الطاغي للمرأة، حتى على المستوى الموضوعي، حيث تطرّقت «المجنون» بإسدال فكري لقصة نشأة الخلق، وما أحيط بها من غواية، وحواء الأولى، في حين غاص «الثلث الخالي» في أعماق مأساة ثلاث نساء.

وتوجه اهتمام ضيوف المهرجان ولجنة التحكيم، بطبيعة الحال، للعمل الجزائري، باعتباره باكورة عروض الأعمال المشاركة في المسابقة الرسمية، وجاءت حميمية مسرح «السعادة» العتيق، في قلب وهران، وتكوينه المعماري، عنصراً أولياً مساعداً على معايشة تفاصيله.

ثلاث مشانق أسدلت من بداية العرض، وخلفية تحيل لرسوم مزركشة لواقعين في شرك اعدامات سابقة، وثلاث نساء يعتلين تكويناً مرتفعاً قليلاً، يتبادل بؤرة المشهد بتتالي، يتحدثن عن معاناتهن، وطموحاتهن، فيتشاركن في ملامحها، ليكون الاضطهاد الذكوري بطلها، وإن اختلفت التفاصيل.

وبأداء اعتمد على رشاقة الثلاثي وقدرتهن على تنويعه، مستثمراً السينوغرافيا، خصوصاً الإضاءة، في فضاء مسرحي مكشوف تقريباً، عرض «الثلث الخالي» قصة ثلاث نساء في مقتبل العمر يلتقين مصادفة، بينهن المتزوجة التي تجرعت المرارة الزوجية، والعاشقة التي مازالت تبحث عن الحبيب المنتظر، والمتمردة التي تريد أن تصنع لحياتها عالماً مثالياً، ثلاثتهن يحاكمن افتراضياً، لتطرح المسرحية النسائية بامتياز، السؤال الملحّ: «من المذنب؟ المرأة أم الرجل، من أجل الوصول إلى محاكمة عادلة.

ولم ينس العرض أن يستوعب في أحد التفاصيل قضية العصر المرتبطة بالإرهاب، ليجعل واحدة منهن أرملة شهيد، في دفاع ضمني غير مقصود، للرجل، الذي حاكمه «الثلث الخالي» من البداية بغيابه التام عن خشبة المسرح.

تويتر