التقى معه في الاهتمام بتوثيق العطاء الإبداعي في الخليج العربي
نصر الطائي: جدي قادني إلى عالم الثقافة
رغم أن الكاتب الشاب، نصر الطائي، لم يكن يرغب في أن يرتبط بجده الكاتب والباحث والإعلامي الراحل، عبدالله الطائي، إلا أنه وجد نفسه في النهاية يلتقي بجده في الطريق نفسه، وهو طريق الكتابة والبحث بشكل عام، وفي التراث الأدبي والإبداعي في منطقة الخليج بوجه خاص، وهو المجال الذي اختاره موضوعاً لكتابه «تأملات في شعر مهمل» الذي صدر، في ديسمبر الماضي، عن «الدار العربية للعلوم ناشرون»، والذي عمد فيه الكاتب الشاب إلى تسليط الضوء على نتاج مجموعة من الشعراء الذين ولدوا وعاشوا في القرنين الـ19 والـ20، معتبراً أن «الوقوف على سِيَر هؤلاء الشعراء من أقل الواجبات تجاه أوطاننا الخليجية والأدب العربي تحديداً».
يشير نصر الطائي إلى أن جده كان صاحب الفضل في اهتمامه المبكر بالقراءة، ثم دخوله المجال الثقافي في عمر الـ15 تقريباً، بينما واصلت الأسرة تشجيعه على الاستمرار في هذا الاتجاه بتوفير الكتب والمناخ المناسب لذلك. فقد جاءت بدايته في العمل الثقافي من خلال العمل، مع مجموعة من الشباب المهتمين بالثقافة من مختلف دول الخليج، على إنشاء موقع إلكتروني لجده يضم أعماله وكتاباته التي تركزت على البحث في الناتج الثقافي بمنطقة الخليج، والأسماء التي أسهمت في تقديم أعمال إبداعية مميزة على الساحة لم تأخذ حقها من الاهتمام والدراسة.
الصورة مع المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، أثناء المباحثات التي سبقت قيام الاتحاد، في الفترة من 1969 إلى 1970، حيث عمل عبدالله الطائي خلال الفترة من 1968 إلى 1970 مستشاراً في الديوان الأميري للشيخ زايد حاكم إمارة أبوظبي، ومسؤولاً عن العلاقات الخارجية للإمارة، ونائباً لرئاسة الإعلام، بالإضافة إلى كونه مستشاراً للتربية والتعليم، كما أسهم الطائي في إنشاء الجهاز الإعلامي بدولة الإمارات، من إذاعة وتلفزيون وكذلك جريدة الاتحاد. «جدي كان صاحب الفضل في اهتمامي المبكر بالقراءة، ثم دخولي المجال الثقافي». «عبدالله الطائي ليس الوحيد الذي لم يأخذ حقه من الاهتمام وهناك أسماء عدة ». - «في البداية كنت أنتقد تركيز جدي على الكتابة عن غيره من الكتّاب الذين عاصرهم أو سبقوه». - «أسماء من أبناء المنطقة كانوا أبناء لصيادين ورعاة أغنام سعوا بكل قدراتهم لنشر المعرفة والثقافة». |
وأضاف: «في البداية كنت أنتقد تركيز جدي على الكتابة عن غيره من الكتّاب الذين عاصرهم أو سبقوه، وتسليط الضوء على إنتاجهم الأدبي بدلاً من الاحتفاء بإنتاجه الخاص، وكنت أفضّل لو ركز في كتبه على إنتاجه الأدبي، خصوصاً الشعري، لكن مع الوقت صرت أشعر بأهمية ما كان يقوم به جدي، وأهمية التواصل بين الأجيال والحفاظ على التراث والإنتاج الفكري لأبناء المنطقة، وأن يكون جزءاً من تربية وثقافة الأجيال المقبلة، خصوصاً أن هناك اعتقاداً سائداً بأن التعليم والتنوير جاءا في المنطقة من خلال الإنجليز، لكن الواقع أن هناك أسماء من أبناء المنطقة كانوا أبناء لصيادين ورعاة أغنام وتعلموا في الكتاتيب، وسعوا بكل قدراتهم لنشر الدعوة للتعلم والمعرفة والثقافة»، مشيراً إلى أن جدّه، عبدالله الطائي، ليس الكاتب الوحيد الذي لم يأخذ حقه من الاهتمام والدراسة، فهناك أسماء عدة كانت لها إسهامات ثقافية تمثل جزءاً لا يتجزأ من العطاء الثقافي العربي، لكنها لم تأخذ حظها من الاهتمام نتيجة لضعف وسائل الإعلام والاتصال في مجتمعاتها بتلك الفترة، على عكس بقية الدول العربية، ولذلك اهتم عبدالله الطائي بالكتابة عنها وعن عطائها، بحكم قربه منها واهتمامه بالتأريخ للأدب في منطقة الخليج من منطلق إيمانه بأن التعريف بالأدب المحلي لكل بلد يعد من أهم وسائل التعريف بها وبهويتها.
وعن كتابه «تأملات في شعر مهمل»، قال نصر الطائي إن الكتاب يسعى إلى تسليط الضوء على شعراء وأدباء كانت لهم إسهامات بارزة في دول الخليج، باعتباره جزءاً مهماً من مسيرة الإبداعين الخليجي والعربي، حيث وزع قراءته في حياة وأعمال هؤلاء الشعراء على عناوين مختلفة، منها: الشاعر خلفان بن مصبح والقصيد من رحم المرض، الصداقة في الشعر العربي.. أحمد بن علي بن مبارك نموذجاً، الشاعر فهد العسكر بلبل متمرد ماجن، ظاهرة الغربة في شعر عبدالله الطائي، المديح في شعر ابن عثيمين، شعر صقر الشبيب بين النهضة والشكوى، عبدالله الزائد مثقف مكافح، وابن درهم في بداية تكوين الثقافة الأدبية القطرية، لافتاً إلى أنه استعان بكتاب جده «الأدب المعاصر في الخليج العربي» من قبل معهد الدراسات والبحوث العربية بجامعة الدول العربية (القاهرة) عام 1972، باعتباره مرجعاً يستعين به كل من يبحث في المشهد الثقافي بالخليج في فترة ما قبل ظهور النفط والنهضة الاقتصادية لدى دول الخليج.
وأشار إلى أن اختيار العنوان حمل قدراً من المجازفة بسبب وصف الشعر بالمهمل، لكنه بالفعل شعر بأن الأشعار التي ضمها الكتاب مهملة، وهو ليس عيباً في الشعر نفسه أو أصحابه، ولكن في من أهمله، لافتاً إلى أنه وجد صعوبة كبيرة في العثور على المصادر التي يعتمد عليها، متنقلاً بين دول عدة، بسبب شحّ المصادر نتيجة للإهمال وعدم الوعي بأهمية توثيق تاريخ الثقافة في المنطقة، والتركيز على أسماء بعينها، حتى في المناهج التعليمية، من دون بذل مجهود للبحث في التراث الخليجي.
منهج العمل
عن منهج العمل على الكتاب، أشار الطائي إلى أنه استفاد فيه من دراسته لعلم الجريمة، حيث قام باختيار نظريات أو مدارس شعرية معينة، ثم اختيار الشاعر الذي تنطبق على كتاباته، من دون تحديد أسماء مسبقة، موضحاً أن البعد الاجتماعي لعب دوراً مهماً في اختيار الشعراء، بحيث يرتبط كل شاعر اختاره بظاهرة اجتماعية تعكس جوانب من الحياة وقتها، فعلي سبيل المثال كانت غربة المكان عنصراً مهماً في حياة وكتابات جده عبدالله الطائي، بينما كان مرض جدته ورغبته في فهم معاناتها ومشاعرها خلال المرض، دافعاً له للبحث عن شاعر ارتبطت كتاباته بحالة مشابهة، وكان خلفان بن مصبح، وهكذا. كما اعتبر أن الإعلامي، عبدالوهاب قتاية، الذي كتب مقدمة الكتاب، قدم إضافات مهمة للكتاب، كما استفاد منه كثيراً، وكان من الشخصيات البارزة التي تعرف عليها أثناء العمل على إنجاز الكتاب.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news