مراكز حقوق النسخ فرصة تاريخية

عودتنا دولة الإمارات العربية المتحدة وقيادتها المستنيرة على النظر إلى المستقبل بنظرة استشرافية واستباقية ثاقبة، صنعت لهذه الدولة الفتية اسماً أصبح يُضرب به المثل في شتى المجالات إقليمياً وعالمياً. وهذه الرؤية الاستشرافية لا تستثني مجالاً ولا قطاعاً. وتسير الدولة بخطى ثابثة نحو التألق في الاقتصاد والعلوم والسياحة والتنمية البشرية والتكنولوجيا والثقافة، ما أوجد زخماً إيجابياً وضع دولتنا محط أنظار العالم.

ويُعتبر الإبداع في كافة المجالات هو المحرك الأساسي والحقيقي للنهضة في كافة القطاعات، بما فيها القطاع الفني والثقافي. ومن أجل دعم الإبداع وضمان استمراريته، يجب توفير البيئة المناسبة لاحتضانه والاستفادة من مخرجاته. وتأتي حماية حقوق الملكية الفكرية على رأس قائمة المعايير التي يهتم بها المبدعون والموهوبون من الكتاب والموسيقيين والمفكرين والفنانين، وذلك لاعتمادهم الكبير على حفظ حقوقهم من أجل ضمان استقلاليتهم المادية واستمرارية إنتاجهم.

وقد اتخذت دولة الإمارات العربية المتحدة ممثلة في وزارة الاقتصاد وجهات أخرى العديد من الإجراءات لحماية الملكية الفكرية في جميع الصناعات الإبداعية، حيث أصبحت الإمارات تحتل المركز الثامن عشر دولياً حسب مؤشر المنتدى الاقتصادي العالمي لحماية الملكية الفكرية.

• «يُعتبر الإبداع في كافة المجالات هو المحرك الأساسي والحقيقي للنهضة في كافة القطاعات بما فيها القطاع الفني والثقافي».

إلا أن رحلة حماية الملكية الفكرية لم ولن تنتهي عند هذه الإجراءات الحالية، لأن العالم يتغير والتكنولوجيا تتطور ووسائل النسخ غير القانوني أصبحت متوافرة لكل شخص يمتلك حاسوباً، وهذا يَحُثنا على تطبيق أفضل الممارسات من أجل استمرار ضمان الحقوق الفكرية للمبدعين.

ومن هذا المنطلق أتت دعوتنا إلى إطلاق أول مركز لإدارة حقوق النسخ خلال «الملتقى الإماراتي لحقوق النسخ 2017»، الذي احتضنته إمارة الشارقة بتنظيم جمعية الناشرين الإماراتيين، وبالتعاون مع جمعية الإمارات للملكية الفكرية، واتحاد كتاب وأدباء الإمارات، وبمشاركة خبراء دوليين من مركز تراخيص حقوق النسخ والاتحاد الدولي لمنظمات حقوق النسخ.

وقد بَرَزتْ مراكز إدارة حقوق النسخ كحلٍّ فعّال لضمان حقوق الملكية الفكرية، وهي مراكز تقوم برصد عمليات الانتفاع من الملكية الفكرية والتفاوض مع المنتفعين وتحصيل المستحقات بالنيابة عن مالكي الحقوق. ولحماية حقوق النسخ أثر كبير في تنشيط الاقتصاد، نظراً لدورها في تشجيع الصناعات الإبداعية. ولا يخفى على أحد الدور المهم الذي تلعبه هذه المجالات في مستقبل الأمم بوصفها مُحرِّكاً رئيساً لخلق فرص العمل والارتقاء بمستوى وجودة الإنتاج والخدمات من خلال تركيز العديد من الدول في مجالات الاستثمار في الصناعات الإبداعية. وتشير تقديرات البنك الدولي إلى أن تلك الصناعات تساهم بما يصل إلى 7% من إجمالي الناتج المحلي العالمي، ومن المتوقع زيادة هذه المساهمة بمعدل قدره نحو 10% سنوياً.

ووفقاً للاتحاد الدولي للمنظمات المعنية بحقوق النسخ تم إطلاق أكثر من 80 مركزاً لإدارة حقوق النسخ عالمياً. وبينما تقع معظم هذه المراكز في العالم الغربي وبعضها في دول إفريقية وآسيوية، لم يتم إنشاء أي مركز لحقوق النسخ في العالم العربي، ولذلك فإننا نعتقد أن الوقت قد حان لكل الجهات الحكومية المعنية، وعلى رأسها وزارة الاقتصاد في دولة الإمارات العربية المتحدة، أن تتخذ الخطوة الأولى لاستشراف المستقبل وتطبيق هذه المعايير المتقدمة من أجل تشجيع دور الصناعات الإبداعية في إثراء المعرفة وتنشيط الاقتصاد في آن واحد. ونحن على ثقة بأننا سنسجل بهذه الخطوة مثالاً إيجابياً ونرسم طريقاً سيتبعه لاحقاً الكثيرون في منطقتنا العربية.

تويتر