فطيم الحرز.. على خُطى «فتاة العرب»
تضع الإماراتية فطيم الحرز نُصب عينها الإبداع في الاهتمام بأدق تفاصيل حياتها، بما يكفل لها تحقيق أهدافها في تكريس تجربتها الشعرية لتكون جديرة بلقب خليفة «فتاة العرب»، الشاعرة الإماراتية الكبيرة عوشة السويدي، وتمثيل بلدها عربياً، إضافة إلى حرصها الواضح على الانخراط في مجال ريادة الأعمال الذي تحضّر له الحرز بالتزامن مع استعدادها لإصدار ديوانها الشعري الأول.
الإعلام والأعمال
تدرس فطيم الإعلام في كلية التقنية العليا بدبي، وهي اليوم على مشارف التخرج، بعد أن اكتشفت أن «الإعلام أصبح القلب النابض الذي يعكس مدى نجاح تجربة دبي المدينة التي أبهرت كل العالم، وباتت تستقطب الناس من كل مكان»، وتضيف «اختياري لتخصص الاتصال المؤسسي سيؤهلني لاحقاً لتجربة ريادة الأعمال التي أنوي خوضها قريباً بعد نيل تخرجي، فلدي خطط مستقبلية في تأسيس مشروعي الخاص والاعتماد على تجربة دراستي التي علمتني استراتيجيات الاتصال الجماهيري والتسويق وآليات تحقيق الأهداف».
• «كانت أختي تستمتع بتجميع ما أكتبه هنا وهناك وتعيد نسخه بخطّها الجميل في دفتر خاص». • تشجيع أهلي الدائم مكّنني من مواصلة المشوار الذي بدأته مع الشاعر الإماراتي حمد سيف الشامسي. • 2003 اكتشفت فطيم موهبة الشعر لديها. بين الخيل والتشكيل تهوى فطيم ركوب الخيل الذي تعلّمته وحصلت فيه على رخصة أهّلتها للمشاركة في عدد من السباقات التأهيلية في «الوثبة» و«باب الشمس»، بعد أن بدأت في إسطبلات «فرسان الورقاء»، و«جولدن هورس»، وتوقفت لفترة نظراً لانشغالاتها الكثيرة، لكن حب الخيل أبقاها دوماً قريبة من هذه الهواية «دائماً ما يعيدني حب الخيل والتوق إليها إلى هذه الهواية التي أعشقها»، في الوقت الذي تتقن فطيم الرسم بالألوان الزيتية، ولديها لوحات علقت على جدران كلية التقنية العليا، الأمر الذي شجعها على تطوير معارفها في فن الرسم، وممارسته في إطار شخصي. شغف القراءة تروي فطيم قصص عشقها للكلمة، وحاجتها الماسة إلى جرعات الخيال ومنابع الجمال المتوافرين في الكتب والدواوين التي تطالع من خلالها قصائد الكبار، أمثال أحمد الكندي وراشد الخضر وعوشة بنت خليفة ومحمد بن سوقات، وغيرهم، وتضيف «أحب الاقتباسات الشعرية والحكم التي تلهمني دوماً بعوالم خيالية وصور مبتكرة». |
الحكاية الأولى
تحرص فطيم على تفعيل عشقها للكلمة والقافية، التي أسست بها إحساسها الشعري، فقررت أن تترجمها على أرض الواقع لتدعم بها مشوارها الدراسي في الجامعة قائلة: «الجميل في هذه التجربة أنني كنت ولاأزال الشاعرة الوحيدة في الكلية، ما دفعني إلى المشاركة في تنظيم عدد من المبادرات الشعرية التي احتضنتها أروقة الكلية، فقمت بتنظيم فعاليات شعرية متعددة بمناسبة عيد الأم، وأخرى بمناسبة اليوم الوطني وعام القراءة، بغرض المساهمة في تنشيط الحركة الأدبية الجامعية، بالإضافة إلى تطوعي في عدد من المناسبات والمهرجانات التي يعود ريعها لمبادرات خيرية، مثل تظاهرات جمعية النهضة النسائية، وغيرها».
تجارب مضيئة
اكتشفت فطيم موهبة الشعر لديها في عام 2003، حين كانت تسجل أفكارها في جمل مقفاة وتبوح بما يجول في خاطرها لدفاترها الخاصة «كانت أختي تستمتع بتجميع ما أكتبه هنا وهناك، وتعيد نسخه بخطها الجميل في دفتر خاص، وقتها كنت مهتمة بكل قنوات الشعر والكلمة الجميلة، وكنت أبحث دائماً عن قصائد كبار الشعراء ممن شهد لهم التاريخ ووثّق كتاباتهم وإبداعاتهم، فكنت أواظب على متابعة أخبارهم، وأقرأ لحامد زيد وسعد علوش، كما كان لدي شغف بسلاسة الشعر النجدي السعودي وبالشعر الشعبي الإماراتي، فكنت أواظب على أشعار مانع سعيد العتيبة، وغيره من شعراء الإمارات، في محاولة للنهل من كل مشارب الجمال التي تطور ذائقتي الشعرية».
بيئة إبداعية
تحيل فطيم نجاحها واستمراريتها في بحور القصيدة الشعبية إلى عائلتها المثقفة التي تقف وراء تميزها، حيث تقول: «تشجيعهم الدائم لي كان الدافع المعنوي الأكبر، ما مكنني من مواصلة المشوار الذي بدأته مع الشاعر الإماراتي حمد سيف الشامسي، الذي أوكلت له عائلتي مهمة توجيهي وتلقيني مبادئ الشعر، حيث قام بالفعل بالأخذ بيدي وقادني إلى نهج القصيدة الإماراتية الشعبية، وعلّمني أسس القوافي والأوزان الشعرية».
«فوق عرقوب»
تقول فطيم: «بدأ ظهوري على الساحة الفنية والشعر الغنائي منذ قرابة ثلاث سنوات، من خلال أمسية شعرية نظمت على هامش مهرجان البطائح الشعبي، الذي شاركت فيه إلى جانب عدد من الأسماء الإماراتية، وكانت هذه فرصتي الأولى لعرض تجربتي على الجمهور، كما نبهتني هذه المشاركة إلى ضرورة تفعيل تجربتي بشكل أفضل، فقررت الانخراط في نهج الشعر الغنائي، وفكرت بتجربة أولى تعاملت فيها مع الفنان سعود المخمري، الذي غنى كلماتي بالطابع الشعبي القديم في أغنية «جرحن عتيجي»، وكانت هذه القصيدة مجاراة لأغنية بن روغة «البارحة ونيت»، وفاجأني لاحقاً نجاح هذا العمل، ما دفع عدداً من القنوات التلفزيونية والمؤسسات الثقافية إلى دعوتي للظهور والمشاركة في عدد من الأمسيات الشعرية والتظاهرات الثقافية إلى جانب عدد من شعراء الإمارات».
وحول تفاصيل لقائها الفني مع ميحد حمد، أشارت فطيم إلى الرسالة التي ضمنتها مجموعة من قصائدها وأرسلتها عبر «إنستغرام» إلى ابن فنان الإمارات الأول ومدير أعماله، لتفاجأ بعد أسبوع برد مفاده «عيديتك مني أنا ووالدي وصلتك عبر إيميلك»، وكانت قصيدة «وادعنا بعضنا» التي جذبت الفنان ميحد حمد وقام بغنائها، مؤكداً أن والده يحب دوماً دعم الشعراء الموهوبين، «بعد هذه التجربة الجميلة تشرفت أخيراً بالتعامل مع الفنان الكبير في قصيدة (فوق عرقوب) التي لاقت رواجاً كبيراً على وسائل التواصل الاجتماعي، وقد زادتني هذه التجربة الثانية ثقة بنفسي، بعد أن تأكدت أنه انتبه إلى أن لديّ حساً شعرياً يستحق الاهتمام، وهذه ثقة كبيرة أعتز بها».
أمنيات معلّقة
فطيم الحرز عضوة في منتدى شاعرات الإمارات، وفي مركز الشعر الإعلامي في الكويت، الذي يسعى منذ تأسيسه إلى تقريب وجهات النظر بين شاعرات الخليج والوطن العربي، من خلال توفير فرص للتلاقي وتبادل التجارب والخبرات الشعرية الشابة.
وحول ضرورة دعم التجارب الفتية في الشعر الشعبي المحلي، الذي تعتبره قريباً إلى قلب الجمهور الإماراتي وذائقته الشعرية، قالت: «كانت أمنيتي في بداية مشواري، أن تذاع إحدى قصائدي في الإذاعة، لكنني كنت أواجه بالرفض بسبب عدم شهرتي، وتركيز هذه الوسائل على تجارب الشعراء الكبار، وهذا ما جعل الكثير من الشعراء الشباب يتخلون عن مواهبهم بسبب الرفض وقلة التغطية الإعلامية، لكنني سعيدة اليوم بالفرصة التي أتيحت لي».