«دبي وتراثنا الحي».. فِضّة وبخور وأغانٍ

من القيم الأصيلة المرتبطة بالعادات والتقاليد في دولة الإمارات، يستمد مهرجان «دبي وتراثنا الحي»، الذي تنظمه هيئة دبي للثقافة والفنون، فعالياته، إذ يعكس روح التراث بمختلف أشكاله، ليقدم هذا الموروث الثقافي لمختلف الزوّار والمواطنين والمقيمين عن قرب. ويحمل المهرجان، الذي انطلق أول من أمس، في «مردف سيتي سنتر»، ويستمر حتى بعد غد، وهو اليوم العالمي للتراث، مفهوم «الفنون الشعبية الإماراتية»، لذا تجمع فعالياته الكثير من اللوحات الاستعراضية والغناء الشعبي والموسيقى التي تُعزف على الآلات التقليدية، إلى جانب تقديم الحرف الإماراتية القديمة بدءاً من التلي والخوص، وصولاً إلى نقش الفضة والتنجيد وغيرهما.

الحياة البحرية

قدم النوخذة سبيل عبدالله، عرضاً لتفاصيل الحياة البحرية، وكيف تبدّلت بعد ظهور النفط، ولفت إلى وجود أنواع مختلفة من السفن، منها: البوم والجالبوت والهوري والشاحوف والبقارى، موضحاً أن «الشاشة هي السفينة التي كانت تصنع من النخيل، ولكنها تعدّ من السفن الخاصة بالرحلات القريبة جداً، وهي مخصصة لصيد السمك فقط». وبيّن وجود أنواع متباينة من الخشب الذي يستخدم في صناعة السفن، مشيراً إلى أن «الخشب كان يتم إحضاره من الهند»، منوّهاً بأن «ضلع السفينة هو أساسها، وبالتالي الحفاظ على أساس السفينة هو الذي يضمن سلامة من عليها».

ولفت إلى وجود مواسم للسفر في السفن، تتبع حركة الهواء، فمنهم من كان يسافر إلى إفريقيا بالبحر، ولا يعود إلا بعد ستة أشهر، بسبب طبيعة الهواء.

فن «الأنديما»

قدمت في المهرجان مجموعة من الرقصات الشعبية، التي تحمل اسم «الأنديما»، وهو فن من فنون أهل البحر، ويمتاز بالموسيقى القوية والإيقاع الراقص. وتستخدم في هذا الفن طبول عدة، بعضها محمول، إضافة إلى الطبول الأرضية، وتسمى «مسيندو». أما الأناشيد التي تردد في «الأنديما»، فهي: «نازل من المركب»، «بوسلامة»، «شارب يباله مقص»، و«اتمسوا على خير».

مديرة إدارة مركز التنمية التراثية في هيئة دبي للثقافة والفنون، فاطمة لوتاه، قالت لـ«الإمارات اليوم»: «إن الدورة الحالية تركز على الفنون الشعبية الإماراتية، وقد تم تنسيق الفعاليات بالتعاون مع جمعية الفنون الشعبية، لاختيار مجموعة من الفنون التابعة لثقافة الإمارات»، مشيرة إلى أن إقامة المهرجان في (مردف سيتي سنتر) جاءت بسبب إغلاق قرية الشندغة، التي كانت تستضيف الفعالية، ولذلك أيضاً جاء المهرجان مصغراً هذا العام»، موضحة أن «الدورة المقبلة ستكون أكبر، وستمتد على مدى أسبوعين، وستكون هناك عودة لقرية الشندغة، ولكن مع توسيع المهرجان ليضم دول الخليج، ويقدم الثقافة الخليجية التراثية على اختلاف أنواعها».

يقدم المهرجان مجموعة من الفنون الشعبية الراقصة، التي تجتذب زوّار المركز، وتستوقفهم إلى جانب الحرف التقليدية الإماراتية، التي قدمتها مجموعة من النساء. وتجلس الإماراتية فاطمة شاهين، لتطرق الفضة بمطرقة صغيرة وتجعلها قطعة مزدانة بالنقوش، لتقدم منها ما يستخدم في الزينة، سواء الخاصة بالخناجر، أو حتى الحُلي. وقالت شاهين عن هذه الحرفة: «أدق الفضة يدوياً، وأرصّع الجلد بخيوط الفضة، علماً أن القطعة الواحدة تحتاج إلى شهر كامل كي يتم الانتهاء منها، وقد تعلمت الحرفة من زوجي، وأعمل في هذه الحرفة منذ 15 سنة».

ومن مواد بسيطة تقدم عائشة خلف، البخور الذي تمزجه بيديها ليصبح عجينة لينة لونها أسود تفوح منها رائحة العطور العربية. وأشارت خلف إلى أن «المكونات الأساسية للبخور هي العود الذي يسحق كي يصبح بودرة ناعمة، ثم تضيف اليه العنبر والمسك وماء الورد، وتمزج المكونات في عجينة وتصنع منها الأقراص الصغيرة، ثم تتركها 15 يوماً كي تجف». وأكدت أنها «تستخدم أنواعاً متباينة من العطور، كي تحصل على روائح مختلفة، وأنها تعلمت هذه الحرفة من والدتها، ومازالت تقوم بصناعتها يدوياً للاستخدام المنزلي».

بينما من الخيوط الخضراء التي تشبكها مع الخيط الفضي تصنع عائشة عيد خميس، التطريزات التي تستخدم على الملابس، والتي تُعرف بالتلي. وتؤكد على وجود أنواع من التطريز الذي تصنعه بالتلي تصل إلى عشرات الأنواع، منوّهة بأن «شكل التطريز يرتبط بنوع الملابس». وشددت على أنه «تقليدياً كان يستخدم التلي باللون الأسود على نحو كبير، ولكن اليوم دخلت الألوان العديدة على التلي. كما أنه في القدم كانت تستخدم الفضة الأصلية في حياكة التلي، وكانت الخيوط الفضية من الفضة الخالصة».

أما حرفة السفافة، فقدمتها (أم خالد)، التي كانت تصنع من الخوص الأغراض التقليدية التي كانت تستخدم في الإمارات، منها: المكبة، والسرود، والمهفة، مشيرة إلى أنها «تلوّن سعف النخيل بالألوان المتعددة التي تجعل الأغراض مزينة بالألوان»، منوّهة بأن «الصبغ يتم من خلال غلي الخوص على النار لمدة نصف ساعة. أما العمل على الخوص، فيتطلب قبل البدء به تركه في الماء مدة خمس إلى 15 دقيقة، كي يصبح ليناً ولا يتكسر».

الأكثر مشاركة