جلسة حوارية ضمن «دبي الدولي لفن الخط العربي»

محمد المر يسأل محمد أوزجاي : كيف وصلت الى ما أنت عليه اليوم

صورة

عَرَّف الأديب محمد المر بالخطاط التركي محمد أوزجاي، خلال الجلسة الحوارية التي دارت بينهما، أول من أمس، في فندق رافلز ضمن فعاليات ملتقى «دبي الدولي لفن الخط العربي»، بكونه شخصية فنية لها صفات الإبداع. وقدم تجربته في الجلسة التي حضرها وزير الصحة ووقاية المجتمع، رئيس مجلس إدارة هيئة دبي للثقافة والفنون، عبدالرحمن العويس، بكونها «أتت ضمن السياق التاريخي في مجال الخط التركي، لاسيما أن فن الخط برز في السلطنة العثمانية، وبرز فيه عمالقة الفن». ولفت إلى أن «المرحلة التي بدأ فيها محمد أوزجاي بالخط، كانت المرحلة التي وصل فيها الخط في تركيا إلى مرحلة متدنية»، مثنياً على إصراره على التقدم، ما قاده لأخذ موهبته إلى العالم، لاسيما أنه لا يرضى بأنصاف الحلول، ولا الأعمال الهزيلة، كما أن أعماله تميزت بقدر عال من الأهمية.

الأديب محمد المر طرح مجموعة من الأسئلة على أوزجاي لتقديم تجربته المتميزة في عالم الخط، وهنا أبرز أسئلة الجلسة الحوارية:

وأوزجاي يجيب:

- البيئة هي التي تعزز ما لدى الفنان، فهي مهمة لصقل المواهب، وإن وجد من يشجع الفن سيزدهر

- متفائل جداً، إذ تُنتج الآن أعمال تقارن من حيث المستوى بالأعمال التي أنتجت في القرن الـ 16

تتلمذت على يد الأستاذ فؤاد باشار، ما المصادفة التي عرّفتك به؟ وكيف درست على يده إلى أن وصلت إلى ما أنت عليه اليوم؟

بعد تخرجي في الابتدائية، أصر والدي على أن أدرس في الثانوية التي تقدم الدروس الإسلامية، وليس العلمانية، ولأنني درست فيها، تعرفت من خلالها إلى الحروف العربية، فأعجبتني، ولو ذهبت إلى الثانوية العادية لأصبحت رساماً، وليس خطاطاً. مضت السنوات وبداخلي هذا العشق للحروف، وكنت أهتم بتجميل الخط، وطلب مني استاذي بعد أن رأى جمال خطي، أن أذهب إلى فؤاد باشار، وحين ذهبت إليه، شعرت كأنني وجدت ما أبحث عنه في السماء. وبدأت أذهب إليه يومياً، وأتدرب بشكل متواصل، وبعدها انتقلت إلى إسطنبول، ودرست هناك الخط، لكن البيئة هي التي تعزز ما لدى الفنان، فهي مهمة لصقل المواهب، وإن وجد من يشجع الفن سيزدهر.

هناك تطورات في تركيا استطاعت أن ترفد تجربتك، ومنها المسابقة التي فتحت المجال لبروز الموهبة، ما أهمية هذه الجوائز للخطاطين، لاسيما أن الخطاطين اليوم يشاركون في أكثر من دورة؟ وهل هي مهمة لتحفيز الشباب؟

في حياتي المهنية مجموعة من المراحل، منها المرحلة الأولى الخاصة بتعلم الخط، والتي تحدثت عنها، ثم تأتي المرحلة الثانية، التي كانت مع المسابقة الدولية الأولى التي شاركت بها في مجال الخط، وكنت بدأت أكتب المصحف في الوقت نفسه تقريباً، وهذا شجعني، لأن المسابقة ميدان لإثبات النفس والقدرة، وكنت أتمنى الفوز بأقل جائزة، لكن عندما فزت بالجائزة الأولى لم أنم ثلاثة أيام. المسابقات مهمة لتشجيع المواهب، لأن المواهب الموجودة أو الخطاطين المعروفين حالياً، كلهم شاركوا في مسابقات وملتقيات. ولم أر في نفسي رغبة للمشاركة للمرة الثانية، فعندما يثبت المرء نفسه لا يحتاج لأن يفعل ذلك مرة ثانية، لكن هذا يختلف من شخص إلى آخر.

لديك تجربتك في طباعة أعمالك، سواء في المصحف، أو الكاتالوج، أو الكتب، فهل تجد أن طباعة الأعمال الخطية في العالم الإسلامي ليست بالمستوى الذي يجب أن تكون عليه من ناحية الورق والأحبار والإخراج الفني، أم أن المستوى وصل إلى قمته؟

حالياً المستوى أفضل بكثير من السابق، وقمت بطباعة أعمالي، وكان لي هدف معين، فنحن لم نستطع أن نجد نماذج مرشدة كافية في أثناء الدراسة، وكنا بأشد الحاجة إلى النماذج الأصيلة والجميلة، لذا كان علينا نشر النماذج المرشدة للجميع، وقد بذلت جهداً كبيراً في نشر الخط، تماماً كما بذلت جهداً في نشر أعمالي الفنية، لأنه بذلك يكون نشر التذوق الصحيح. يجب أن تكون الطباعة ذات جودة كي لا تكون نموذجاً مشوهاً، إلى جانب أهمية نشر الثقافة الخطية من الطباعة، فلا يستطيع كل شخص اقتناء أعمال خطية، فالخط هويتنا، ولابد من نشره، ولابد للجيل الجديد أن يكبر وهو يشاهد هذه الأعمال بزرعها في ذاكرته.

بالنسبة لفن الزخرفة الذي عاصرته، هل أنت متفائل بالنسبة لمستقبل هذا الفن، لاسيما أنه يعرف في إيران وتركيا، وفي العالم العربي مازال ضعيفاً؟

عندما بدأت كان مستوى الزخرفة متواضعاً، وتطور على أيدي الجيل الجديد، والآن يمكنني القول إن مستوى الزخرفة جيد جداً، وإنني متفائل جداً، إذ تُنتج الآن أعمال تقارن من حيث المستوى بالأعمال التي أنتجت في القرن الـ16، وهو القرن الذهبي للزخرفة. المستوى من الناحية النوعية متميز جداً، أما الناحية الكمية، فهناك حاجة إلى كمية أكبر، وهنا لابد من الإشارة إلى أن تقاليد اللوحة الخطية الجدارية كانت خالية من الزخرفة، ومتأثرة بأوروبا، وبعد فترة عادت الزخرفة، ولكن تزيين اللوحة الفنية أحتاج إلى تطوير، لأن هناك نسباً للزخرفة، فهناك تجارب جميلة، لكنها أحياناً تؤثر في الخط، فلم نصل إلى ما نصبو إليه تماماً، لأن الخطاطين لا يملكون ثقافة الزخرفة، والعكس بالعكس، فيجب الجمع بينهما.

بتوجيه من الوزير عبدالرحمن العويس، كان هناك اهتمام لإحياء نماذج من الخط، وهي تجارب جديدة على الساحة. هل ترون أن الخطوة إيجابية في سبيل تنويع المشهد الخطي؟

يمكن وصف هذه الخطوة بالتعريفية أكثر من كونها إيجابية، وسنستثمر النتائج فيما بعد، فمثلاً في ملتقيات رمضان كم من موهبة ظهرت، فلولا هذه المبادرات لما شاهدنا كل هذه المواهب، لاسيما أن الأعمال التي نراها على مستوى جيد وجميلة، فتشجيع هذا النشاط بلا شك سيكسبنا مواهب لم نكن لنراها. في العالم العربي المواهب غزيرة في مجال الخط، لكن علينا الاعتراف بأن الزخرفة مهملة، فلابد من تشجيع المواهب في مجال الزخرفة، التي يمكن التأكيد على أنها متميزة في تركيا وإيران فقط، علما بأن هناك من نفتخر ونعتز بهم في مجال الخط في العالم العربي، وإن إضافة فئة الزخرفة في المعرض هذه الدورة من شأنها التشجيع على الزخرفة.

تويتر