محمد حسن علوان: أضناني ابن عربي
قال الكاتب السعودي محمد حسن علوان إن روايته «موت صغير»، التي فازت، أول من أمس، بالجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر)، مثّلت تحدياً حقيقياً له، لكنه تحدٍّ جميل، إذ اختلفت عن رواياته الأربع السابقة، موضحاً أن التحدي الأبرز تمثل في قلة المعلومات المتاحة عن الفيلسوف ابن عربي، الذي تدور الرواية عن حياته، وغموض سيرته، نافياً أن تكون روايته نخبوية.
اختيار صعب أشارت رئيسة لجنة تحكيم الجائزة، الكاتبة سحر خليفة، إلى أن اختيار رواية من الروايات الست، المرشحة ضمن القائمة القصيرة كان صعباً، حيث اتسمت كل رواية منها بالتميز. مشيرة إلى أن تناول «موت صغير» للماضي والتراث العربي، في الوقت الذي دارت فيه الروايات الأخرى في فترات معاصرة، ليست له علاقة بفوز الرواية بالجائزة. لكن الاختيار جاء لتميز «موت صغير»، فهي تتكون من طبقات عدة: اجتماعية وتاريخية وإنسانية وفكرية، كما أنها تذكرنا بمرحلة خسرناها هي فترة الأندلس، وفي الوقت نفسه يمكن ربطها بالواقع العربي حالياً، حيث لا نعرف ما الذي سنخسره لاحقاً، وهي رواية دسمة وكبيرة، ولا يجود بمثلها المشهد العربي سوى كل سنوات عدة. وعن معايير الاختيار التي اعتمدتها اللجنة؛ قالت إن تذوق الأدب والإبداع لا يعتمد على معيار محدد أو ثابت، فهو يخضع للذوق الإنساني، لكن هناك معايير رئيسة لابد من توافرها في العمل الجيد، منها اللغة، فلا رواية من دون لغة، والأجواء التي تدور فيها الأحداث، وقدرة الكاتب على بناء الشخصيات وبناء وسط تتحرك فيه الشخصيات يتسم بالصدق الفني، ويجعل القارئ يدخل فيه ويتفاعل مع العمل. وأشار عضو لجنة التحكيم المترجم صالح علماني إلى أن الروايات الست كلها تستحق الفوز، لما تميزت به من رؤية وحبكة، ما زاد صعوبة مهمة لجنة التحكيم. إن التحدي الأبرز والأكبر في كتابة (موت صغير)، كان في قلة المعلومات عن حياة ابن عربي. |
وأضاف علوان خلال المؤتمر الصحافي، الذي عقد مساء أول من أمس، عقب إعلان فوزه بالجائزة: «لا يمثل ما نعرفه عن سيرة ابن عربي 10% منها، أما الـ90% الباقية فهي تعتمد على الخيال، لذلك كانت الكتابة عنه عملاً مضنياً، وقمت بالكثير من القراءة والبحث، ليس في سيرة ابن عربي فقط، ولكن لكل من جايلوه من العلماء والحكام والخلفاء، وفي سيرة المدن التي زارها؛ شكلها وتجارتها ولهجة أهلها وأسلوب حياتهم، وبعض هذه المدن كُتب عنها بغزارة مثل القاهرة وبغداد، والبعض الآخر لم يُكتب عنها سوى دراسة أو اثنتين، لذلك كنت أتعلم وأنا أكتب وأقرأ ما يمكنني من أن أكتب، واستفدت في ذلك من تجربة السنوات الخمس التي قضيتها في تحضير رسالة الدكتوراه الخاصة بي، فرغم اختلاف المجال إلا أن أدوات البحث واحدة والمنهج متشابه».
وأوضح علوان أن التحدي في «موت صغير» لم يعتمد على البحث فقط، لكن في كسر الهالة حول شخصية حقيقية، مشيراً إلى أنه كان يتوقع أن تغضب الرواية من يحبون ابن عربي، لأنها تقدمه في صورة إنسانية بعيدة عن التقديس، وأن تغضب كذلك من لا يحبون الفيلسوف العربي لأنه كرس له رواية كاملة «لكن بشكل عام لم يحدث حتى الآن أن غضب أحد من الطرفين، رغم صدور الطبعة الرابعة من الرواية».
وأشار الكاتب السعودي أن أنسنته لابن عربي وتقديمه في الرواية باعتباره إنساناً يفرح ويحزن ويحب ويحتار، ويمر بالمواقف نفسها التي يمر بها جميع البشر في الحياة، كانت خياره الوحيد، فهو لا يمكن أن يكتب رواية لتبجيل ابن عربي أو عمل إسقاطات سلبية عليه.
وكشف محمد حسن علوان أنه قام بحذف أربعة فصول من الرواية، مشيراً إلى أنها تتضمن مواقف حقيقية حدثت لابن عربي، لكنه حذفها لأنها تحمل تكراراً، ولا تضيف للعمل.
وعن تقديمه روايات أخرى تتناول سير شخصيات حقيقية؛ قال إنه لا ينوي اعتماد هذا الخط، حيث يقوم حالياً بكتابة رواية جديدة لا تتناول سيرة ذاتية. وأضاف: «تعرفت إلى ابن عربي منذ ما يقرب من 10 سنوات، عندما كنت أقرأ عن سيرته، لكن لم يخطر ببالي أن أتفرغ لمدة سنة كاملة لأكتب رواية عنه».
ونفى علوان أن تكون روايته نخبوية، أو أنه يكتب رواية ذات طابع نخبوي، لكنها في الوقت نفسه رواية صعبة، موضحاً أن الفكر الصوفي ربما أصبح نخبوياً بسبب صعوبته، لكن السلوك الصوفي متاح للعامة من مختلف الطبقات.