"دهاليز الظلام" .. "الأخوان" والسعي للسيطرة على التعليم والإعلام في الدولة

أكد اكاديميون وباحثون أن التنظيم السري لجماعة الإخوان المسلمين الإرهابية اتخذ منذ بداياته من الدين غطاء له بينما يسعى في الحقيقة إلى الوصول إلى السلطة والحكم.

موضحين ان التنظيم حرص على الإساءة للرموز الوطنية والمؤسسات الوطنية في المجتمع الذي يتواجدون فيه، والعمل على هدم الدولة لعدم إيمانه بالدولة الوطنية من الأساس.

كما كشفوا خلال مشاركتهم في الحقلة الأولى من السلسلة الوثائقية "دهاليز الظلام" التي بدأت قناة أبوظبي بثها مساء أول من أمس، أن التنظيم السري في الإمارات كان حريصا على السيطرة على التعليم والإعلام في الدولة، واستطاع في فترة معينة أن يسطر على غالبية المؤسسات التعليمية في الإمارات حتى أن وزير التعليم ورئيس جامعة الإمارات كانا من أعضاء التنظيم في تلك الفترة.

جاء ذلك خلال الحلقة الأولى من البرنامج والتي حملت عنوان "البدايات وجذور التآمر"، وتضمنت الحلقة سرداً تاريخياً عن جماعة الإخوان المسلمين، وكيفية نشأة التنظيم السري، وبداياته في دولة الإمارات، منطلقة من صيف يوليو 2012 مع إعلان خبر القبض على مجموعة من أبناء الإمارات الذين انحازوا للتنظيم على حساب الوطن، وهو الخبر الذي شكل صدمة للمجتمع الإماراتي، لترجع الحلقة لاستعراض بدايات نشأة جماعة الإخوان المسلمين والتنظيم السري الإرهابي لها في مصر عام 1928 على يد حسن البنا والذي اعتمد على تكفير الأمة، وإقناع تابعيه أن الله سخر الجماعة لإعادة الإسلام إلى الأمة.

وتعليقا على الفكر الذي قامت عليه الجماعة، أشار مدير عام أبوظبي للإعلام الدكتور علي بن تميم في الحلقة، أن الإخوان وتنظيمهم قسموا الدول إلى دور كفر وأخرى دور إيمان دعوا للهجرة إليها.

لافتا إلى أن ارتباط التكفير بمنهج سيد قطب الذي آمن بالحاكمية، وعمد إلى تكفير المجتمع بأكمله باعتباره مجتمع يعيش الجاهلية.   

وأوضح بن تميم أن الجماعة الحزبية اتصلت بمجموعات حزبية عالمية ظهرت في فترة العشرينيات والثلاثينيات تحت مسميات مختلفة، وجمع بينها مصطلح الأخوية، مثل شباب هتلر في ألمانيا، والشبيبة الفاشية التي ظهرت في الفترة من 1926 وحتى 1937، وحزب الفلانج أو الكتائب في إسبانيا.

في حين شدد علي الدقي "شقيق حسن الدقي أحد قيادات التنظيم السري الإرهابي"، على استخدام الجماعة للدين كغطاء لهدفهم الحقيقي وهو السلطة. وهو ما اتفقت معه عائشة الرويمة "عضوة سابقة في التنظيم".

السيطرة على التعليم

واستعرضت الحلقة نشأة التنظيم في دولة الإمارات، حيث اتجه أعضاء جماعة الإخوان للهروب إلى منطقة الخليج مع بداية ظهور النفط في المنطقة، ومنهم عبد البديع صقر الذي ولد في مصر وتعرف على حسن البنا في عام 1936 ولازمه على مدى 12 عاما قبل أن ينتقل إلى منطقة الخليج، حيث كان صقر ضلعا رئيسا في تأسيس التنظيم في الإمارات، وقام بإنشاء أول مؤسسة تعليمية تابعة للإخوان، الذين ركزوا على السيطرة على التعليم في دول المنطقة. ولم يجد الإخوان صعوبة في التواجد والانتشار في الخليج والإمارات "فكل من تحدث باسم الدين كان مرحب به في الإمارات" بحسب ما أوضح الدكتور خليفة السويدي. لافتا إلى أن فكر الإخوان تسلسل إلى الدولة أيضا من خلال الطلبة الذين أوفدتهم للدراسة في الدول العربية وخاصة مصر.

وكشف مدير عام مجلس أبوظبي للتعليم الدكتور علي النعيمي أن أعضاء التنظيم استطاعوا في فترة سابقة أن يفرضوا سيطرتهم على التعليم في الإمارات، فتغلغلوا في إدارات المجالس والمدارس، وسيطروا على البعثات، ووصل كثير منهم لمناصب عليا من بينها منصب وزير التعليم ورئيس جامعة الإمارات.

من جانب آخر علق د.النعيمي على ما أوردته الحلقة من معلومات عن إنشاء جمعية "الإصلاح والتوجيه الاجتماعي" في الإمارات لتكون الكيان الذي تتخفى خلفه جماعة الإخوان في الإمارات، بعد أن سعى التنظيم للتواجد في الإمارات منذ عام 1974، مشيرا إلى أن الجمعية كانت أداة من أدواتهم وفرع من فروع جماعتهم. وقال أن الإخوان استقطبوا عدد من أعيان البلد باستغلال حبهم للدين ولعمل الخير، ليضموهم إلى مجلس إدارة الجمعية ويكونوا واجهة لها.  

ضربة قاضية

وعلى الرغم من نجاح الإخوان في إصدار 120 مقررا رئيسا في المناهج الدراسية، وهو ما اعتبروه أحد أكبر إنجازاتهم، تلقى أعضاء تنظيم الإخوان ضربة قاضية عام 1987، بعد أن تنبهت الدولة إلى سيطرة الإخوان على المناهج، فأصدرت قرارا بنقل 25 موظفا من إدارة المناهج وتوزيعهم على وزارات أخرى.

واعتبر رئيس تحرير جريدة الاتحاد محمد الحمادي أن هذا القرار كان رحيما، فلم تحرم الدولة هؤلاء الأشخاص من مناصبهم أو تنهي خدماتهم. مضيفا: "كانت إدارة المناهج هدفا مهما للإخوان، وإلى الآن نعاني من عبثهم في المناهج".  

وأشار الحمادي إلى اهتمام الإخوان بالإعلام كسلاح لنشر فكرهم وضرب خصومهم، خاصة بعد فشلهم في السيطرة على التعليم، فكانت مجلة "الإصلاح" التي أسسوها في دبي تتضمن كثير من الكتابات عن حسن البنا وفكره، أو مقتبسات من أقواله، بهدف إبرازه كرجل دعوة ينشر الدين الإسلامي.

كذلك كشف الحمادي أن الإخوان دأبوا على جمع تبرعات المحسنين في الدولة وتقديمها لدعم التنظيم في مصر، مشيرا إلى واقعة القبض على أشخاص من الإمارات في المطار وهم في طريقهم للسفر إلى مصر، حيث عثر معهم على مبالغ مالية كبيرة، وبسؤالهم قالوا أنها تبرعات من المقرر ان تذهب إلى غزة، ولكن كشفت التحقيقات أن المال في طريقه إلى التنظيم في مصر، "وتعد هذه الحادثة مفترق طرق مهم جدا في قضية التنظيم في الإمارات".

بينما أوضح أنس العتيبة "عضو سابق في التنظيم"، أن جمع الأموال في الجماعة كان يتم في سرية تامة ووفق قواعد معينة، مثل التأكيد على تسليم الأموال نقدا بعيدا عن تعاملات البنوك حتى لا يتم رصدها.    

دور الأخوات

بينما تحدث الدكتور محمد إبراهيم المنصوري عن تمدد التنظيم في الإمارات، وسعيه لاستقطاب أعضاء جدد من خلال الأنشطة والخدمات المجانية مثل رحلات الحج والعمرة والرحلات الترفيهية، إلى جانب استقطاب التنظيم لعدد كبير من  الأخوات اللاتي لعبن دورا مهما في نشر أفكاره.

وأكدت الدكتورة موزة غباش أن القيادات النسائية في التنظيم، في بعض الأحيان، كانت تفوق الرجال عددا واستطاعت أن تدخل البيوت والمجالس النسائية الدينية وتكفر كل من يخالف فكرهن وفكر الجماعية. "كفروا كل القيادات صاحبة الفكر المستنير، بل وكفروني أنا شخصيا".  

تويتر