فنانون ومبدعون طالبوا بدعم الأعمال المحلية.. وأكّدوا:

الدراما سلاح لمواجهة القوى الظلامية

صورة

دعا صنّاع دراما ومبدعون، إلى ضرورة استثمار الدراما وتجييشها لهزيمة القوى الظلامية التي تريد أن تعصف بنا وبمجتمعنا، مطالبين بضرورة أن تجد الدراما المحلية نصيبها من الدعم الرسمي، وأن تعود التلفزيونات المحلية إلى دورها الذي تخلت عنه في دعم الإنتاج المحلي من الدراما.

طريقة احترافية

عن الحلول التي يقترحها لتقديم أعمال محلية تستطيع أن تنافس خارجياً، قال المبدع إسماعيل عبدالله: «يجب أن يكون المنتج المحلي بطريقة محترفة، ولذلك نحتاج إلى بحث عميق ووعي وثقافة وتجارب متراكمة، كما نحتاج إلى معايير مختلفة تماماً لصنع الدراما المحلية، وهذه مسؤولية التلفزيونات المحلية في الدراما، التي يجب أن تعطي الفرصة للدراما المحلية بشكل كبير».

وأكدوا أن هناك كثيراً من القضايا التي مازالت تنتظر المعالجات الدرامية، وجميعها قضايا مهمة ووطنية، إذ يجب تقديم الوجه الحضاري المتطور والشخصية الإيجابية لإنسان هذا المجتمع ليراها الآخرون، لافتين إلى أن الأجيال الجديدة تبحث عن صورة مغايرة في الأعمال الدرامية، بينما تطرح الدراما الخليجية قضايا بعيدة عن واقعها.

جاء ذلك، خلال الجلسة الأولى من المجلس الرمضاني المشترك للمكتب الإعلامي لحكومة الشارقة، ومؤسسة الشارقة للإعلام، في مسرح المجاز، التي ناقشت موضوع «التوظيف الدرامي للقضايا الوطنية».

وشارك في الجلسة، التي حضرها الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي، رئيس مجلس الشارقة للإعلام، الفنان الدكتور حبيب غلوم، ورئيس جمعية المسرحيين والأمين العام للهيئة العربية للمسرح الكاتب إسماعيل عبدالله، والكاتب والفنان مرعي الحليان، والدكتور حمد الحمادي مؤلف رواية «ريتاج»، التي تحولت إلى المسلسل الشهير «خيانة وطن»، وأدار الجلسة الإعلامي عبدالله الشويخ.

فاتحة خير

من جانبه، قال حبيب غلوم: «إن صنّاع الدراما استبشروا خيراً بعد مسلسل (خيانة وطن)، واعتبروه فتحاً جديداً للدراما المحلية، وأن المسلسل بالطرح الجديد الذي طرقه فتح خطاً للدراما، وكنا نراهن على أنها فاتحة خير، ولكن مازالت الدراما الإماراتية تحتاج الكثير».

وأضاف: «هذا الخط الجديد الذي طرقته الدراما المحلية للمرة الأولى جعل المشاركون في المسلسل يعملون باجتهاد وإخلاص أكبر، حتى يخرج العمل بصور جيدة، تمثل نقطة تحول في اتجاهات الدراما بشكل عام، على الرغم من أن الدعم كان عادياً مثل بقية الأعمال».

وشدّد غلوم على ضرورة إعطاء الأولوية للقضايا الوطنية دائماً، مضيفاً: «نحن الآن نبحث عن الجديد في الدراما، ومازالت هناك كثير من القضايا نحتاج الى طرقها عبر الأعمال الدرامية، ومسلسل (خيانة وطن) كان مشاهداً من الجميع لأنه كان مختلفاً، بعيداً عن التكرار الذي نشاهده، واجترار الأفكار، ولذا أكرر يجب أن نستثمر هذا الفتح الجديد لتقديم أشياء أكثر وبصورة مختلفة».

وتحدث غلوم عن أهمية الدعم الحكومي لقطاع الدراما، الذي يحقق العديد من النقاط الإيجابية لمصلحة التنمية المجتمعية، مشيراً إلى تجربة الحكومة التركية التي اعتبرت الدراما سلاحاً قوياً، ودعمتها لمعرفتها بأهمية الدراما وانعكاساتها على تنشيط السياحة والاقتصاد التركي.

ودعا إلى وضع الدراما ضمن أجندة الدولة التنموية مثل بقية القطاعات، ودون ذلك لن يكون هناك تطوير للحركة الفنية الثقافية، ويكفي أن هذا العام لا يوجد إنتاج واحد محلي، على الرغم من أن المنتجين في الدولة أنتجوا 17 عملاً درامياً عربياً، مشيراً إلى أن «المحطات التلفزيونية المحلية لا تقدم الدعم للشباب في الإنتاج، وليست لديها استراتيجية واضحة في ذلك».

تجييش

من جهته، شدّد الكاتب إسماعيل عبدالله، على أهمية الانتقال إلى مرحلة «تجييش الدراما»، بمعنى أن تكون سلاحاً نحقق به الكثير من الفوائد على كل الصعد الفنية والثقافية والمجتمعية والاقتصادية، مشيراً إلى أنه «يجب استثمار الدراما لهزيمة القوى الظلامية، التي تريد أن تعصف بنا وبمجتمعنا».

وألقى باللوم على محطات التلفزيون المحلية، التي لا تدعم صنّاع الدراما في الدولة، موضحاً أن «محطات التلفزيون مطالبة بالعودة إلى دورها الذي تخلت عنه في دعم الإنتاج المحلي من الدراما، التي لن تتطور وتنافس خارجياً إلا بالدعم وإعطاء الفرصة لها للظهور. وهناك كثير من الشباب الموهوبين من الأجيال الجديدة الذين هم خير من يكتبون عن واقعهم وقضاياهم ورؤاهم المختلفة، ولكنهم لا يجدون الدعم والاهتمام، لذا لابد من وجود مؤسسات تتبنى الشباب بشكل حقيقي».

وعن كيفية إنتاج «مسلسل عابر للأجيال» حتى يكون هناك تواصل بين جيل الآباء وشباب اليوم، قال عبدالله: «نحتاج إلى تطوير المضمون عبر الكاتب الواعي والصادق الذي يغوص في هذا المجتمع عميقاً، ليقدم لنا عملاً درامياً تتمثل فيه القيمة الكبيرة لهذا المجتمع المليء بالرموز والشخصيات والتجارب التي يجب أن تقُدمّ ليتابعها الجيل الجديد».

وتابع: «يجب أن نتحدث دوماً عن المنتج الذي يجب أن يتم تقديمه، هناك كثير من القضايا الوطنية التي لم تعط حقها، والعمل الدرامي الوطني يجب أن يكون شاملاً ومتكاملاً في كل جوانب العمل الدرامي من تقنيات وتصوير وإخراج وغيرها، لأن الأجيال الجديدة تبحث عن شيء جديد في الطرح والتناول والتقديم، والمشاهد لديه حاجة يجب أن يجدها، ولذلك يتحول إلى مشاهدة الأعمال الأخرى لمختلف الدول، حتى وإن لم تلامس قضايا مجتمعه».

دعم الدولة

من ناحيته، قال الدكتور حمد الحمادي: «إن الدولة دعمت الشباب وخصصت لهم وزيرة دولة للشباب خاصة بقضاياهم، ولدعمهم في المجال الدرامي يجب أن تكون هناك برامج تأهيلية للتدريب على كتابة السيناريو، لأنه لابد أن تكون هناك أعمال من الشباب وإليهم».

وبيّن أن «القضايا الوطنية كثيرة، فالمفهوم الوطني الذي يجب أن يتعامل به أهل الدراما هو الاستراتيجية التي تضعها الدولة، هناك أمور كثيرة تحتاج الدراما إلى البحث فيها والتعبير عنها، اجتماعية وصحية وتنموية، لأن القضايا الوطنية كثيرة ولا يوجد خط أحمر للدراما، ويجب على المنتجين وصنّاع الدراما التحرك، وسيجدون الدعم من الجهات الرسمية».

وعن تحويل الرواية الى عمل درامي، أضاف الحمادي: «لا يمكننا المقارنة بين جنسين فنيين مختلفين، فالرواية يجب أن تقارن بالرواية، والمسلسل بالمسلسل.. وهكذا، وعند الاقتباس من قصة الرواية وتحويلها إلى مسلسل، بالتأكيد هناك اختلاف بين العملين حسب رؤية المخرجين وتجسيدهم للشخصيات المختلفة».

وحثّ الحمادي صنّاع الدراما إلى التحرك لتطوير الأعمال والاهتمام بالترويج، مع ضرورة طرح الأفكار الجديدة لتجد الدعم والتمويل.

جيل جديد

بدوره، أكد مرعي الحليان أن «المجتمع الإماراتي لديه الكثير، إلا أننا يجب الالتفات إلى الجيل الجديد وتقديم أعمال خاصة له، لأن ثقافته مختلفة وأفكاره مغايرة، وبالتالي يحتاج إلى فكر جديد، والإجابة عن سؤال كبير هو: كيف نرسم له التاريخ الذي نعرفه بطريقة يفهمها ويحبها؟ يجب الاتجاه إلى تقديم أعمال تناقش ظواهر أكثر شمولية حتى نكسر حاجز الأجيال المختلفة».

وعن اتجاه الشباب الى الكتابة ومدى نجاحهم في ذلك، قال الحليان: «الرواية الخليجية تطوّرت بشكل كبير، وتعدّ مواكبة لقضايا الشباب وبها حركة نشطة، وتمت طباعة روايات بشكل كبير ولاتزال، ولكن المشكلة الكبرى هي أنه لا يوجد من يكتبون سيناريوهات للدراما. نحتاج أن يكتب الشباب وجهة نظرهم».

وحول ضرورة تطوير الدراما نفسها، ذكر الحليان أن «الدراما تحتاج أن تطّور نفسها، فنحن بقينا نسير على المستوى القديم نفسه، حتى على مستوى التقنية والتصوير والمعالجة الفنية، الآن الشباب والجيل الجديد يشاهدون أحدث الأساليب في السيناريو والصورة والدراما بحسب تطوّرهم التقني. نحن أمام مجتمع متطوّر جداً في الجوانب العلمية والتقنية، ولكن هذه الشخصية الموجودة في المجتمع لا تراها في الأعمال الدرامية. يجب تقديم الوجه الحضاري المتطوّر، والشخصية الإيجابية لإنسان هذا المجتمع ليراها الآخرون».

تويتر