مرعي الحليان.. حالة إبداع لا تهدأ

حالة الاستغراق التام في ما يعمل أبرز سماته، فسواء كان في قلب المسرح الحديث الذي يتولى إدارته، أو في غمرة الاستعداد والتركيز لدور دراما تلفزيونية أو مسرحية، أو حتى مستسلماً لسرد ما يُلح على مخيلته، يبقى الفنان مرعي الحليان، في حال من التماهي التام مع ما يصنع، وهو ما جعله في نهاية المطاف غير قادر على الجمع بين الانتماء لبلاط «صاحبة الجلالة» الصحافة، وشغفه بالفن والمسرح.

- عام 1994حصد الحليان جائزته الأولى في التأليف المسرحي بأيام الشارقة المسرحية عن دوره في «بنت عيسى»

- الشعر كان مادته الابداعية الأولى قبل أن تقوده الصدفة إلى المسرح

- الحليان: الممثلون الشباب يمتلكون طاقات واعدة..ما يحتم علينا أن نقوم معهم بذات الدور الذي قام به معنا المخضرمون

بدايات

كانت بداية الحليان مع عوالم الإبداع شعرية، عبر صحيفة ساخرة تدعى «أشلاء الأرانب»، أما رحلة الإبداع المسرحي فبدأت في عام ‬1973، أول سنوات إبصاره للخشبة، قبل أن تجذبه إليها ممثلاً في «باب البراحة»، و«بو محيوس»، و«حسون وعلول»، و«إخوان شما»، و«دور فيها يالشمالي» وغيرها.

وتوجه الحليان في قرار جريء إلى مسرح الطفل، ليبدع ايضاً العديد من الأعمال منها «بستان المحبة»، و«اللعبة انتهت»، و«شكرا بابا»، و«الحواس الخمس»، و«مريوم والسنافر»، وغيرها.

وقاده المسرح أيضاً إلى كتابة العديد من النصوص المسرحية منها «التراب الأحمر» و«باب وأحلام سنة رابعة»، و«يا ليلة دانة»، «بايتة»، بالإضافة الى مشاركاته في عدد كبير من الدراما التلفزيونية.

بعد سنوات طويلة من العطاء لصاحبة الجلالة، الذي لايزال يحمل بطاقتها، عبر عضويته بجمعية الصحافيين، جنباً إلى جنب عضوية جمعية المسرحيين، اختار الحليان المسرح، لكنه حينما تخلص من هوسه بالصحافة، لم يسلم من حالة استغراق أخرى، جذبه إليها شغفه بالمسرح، والتمثيل والكتابة، في دائرة، بؤرتها الرئيسة الدراما، كتابة وإخراجاً وتمثيلاً.

ومع شغفه الشديد بفن الخشبة، منذ مرحلة مبكرة من حياته، يعشق الحليان العزف على العود أيضاً، الذي ظل بمثابة الرفيق المخلص له في أوقات كثيرة، كان أحدها «درامياً» عبر مسلسل «فات الفوت»، وأخرى تلفزيونياً حينما حل ضيفاً على برنامج «جمعتنا الليلة» الذي قدمه يومياً خلال شهر رمضان الماضي على قناة «الظفرة» كل من كانو الكندي وريم عارف، وفاجأ الحليان جمهوره على الهواء مباشرة بالعزف، وأيضاً الغناء.

الحليان الذي أشار إلى أنه يستعد لعرض أحدث أعماله المسرحية، بالإضافة الى فيلم سينمائي جديد هو «في الوقت الضائع»، من المنتظر عرضه أيضاً في دور السينما المحلية قريباً، يعيش حالة زخم ملحوظة، سواء مسرحياً أو تلفزيونياً، لا سيما في السنوات الأخيرة، التي شهدت بشكل رسمي «فك الارتباط» بينه وبين العمل الرسمي في بلاط صاحبة الجلالة، في الزميلة «البيان».

وما بين البدايات التي شارك فيها في أعمال عديدة من بينها «حبة رمل» التي جمعته بصديقه ناجي الحاي، وأحدث أعماله التي لم ترَ النور بعد وهو فيلم «في الوقت الضائع»، مشوار طويل مع الفن، لا يقل في تشعب تفاصيله، كما يصفه الحليان نفسه، عن تفاصيل «ألف حكاية وحكاية»، يوحدها شغف الدراما، وعشق المسرح.

وفي الوقت الذي اكتظ فيه المعروض التلفزيوني الدرامي في رمضان بشتى ألوان المسلسلات، فإن الحليان يرى أنه ليس الشهر الأنسب لهذه التخمة، مضيفاً «لدي تحفظ على فكرة المواسم الدرامية في العموم، والأجدى لجميع الأطراف سواء شركات الإنتاج أو الفنان أو حتى المتلقي، توزيع عرض الأعمال على مدار العام، وألا يكون رمضان هو الموسم الأوحد».

وأطل الحليان في الموسم الرمضاني المنقضي في عملين مختلفين، أحدهما خليجي هو «صوف تحت حرير»، والآخر محلي، «على قد الحال»، لكنه رغم التفرغ للمسرح وللفن، إلا أنه لم يتخلص من حالة ازدحام الأفكار، والمهام، التي كانت تلازمه، وقت الجمع بين الصحافة وسواها.

«الإمارات اليوم» التقت الحليان في مناسبات مختلفة، جميعها كانت حالته فيها الانهماك في ما يصنع، وحتى مشاركته ضمن وفود الدولة في المهرجانات المسرحية الخارجية، كان الحليان فيها ينزوي في الكتابة أو التخطيط، لمشروع ما، رغم حرصه على أن يكون كعادته منفتحاً على التواصل مع الجميع، وهو ما يفسره الحليان بقوله «حينما أبدأ مشروعاً ما يظل يطاردني حتى أتممه، بحيث يمثل بالنسبة لي بمثابة البؤرة أو الحالة التي تسكنني». في بيته كما يحلو له أن يسميه، وهو مسرح الشارقة الحديث، مساحة أخرى لا تخلو من الانهماك، طرفها هذه المرة، شباب المسرح، الذين اعتاد أن يجمعهم في ورش مسرحية، غالباً ما يكون نتاجها عملاً يرى النور في أحد المهرجانات المحلية، أو ربما يكتفي فيه بنقل مهارات وخبرات، معروف عنه جوده وعدم ضنه بها، ما جعله بامتياز واحداً من الفنانين الأكثر حرصاً على نقل خبراتهم للأجيال الجديدة.

وفي هذا الإطار يضيف الحليان الذي يدين لشغفه بالمسرح لمصادفة اصطحبه خاله فيها الى المسرح القومي في دبي «مسرح الشباب للفنون حالياً»، فاطلع على كواليس العمل المسرحي، قبل أن يتعرف إلى الفنان عبيد بن صندل الذي لعب دوراً حاسماً في رعاية موهبته في مستهل تعرفه إلى فنون المسرح «الممثلون الشباب يمتلكون طاقات واعدة.. ودورنا يحتم علينا أن نقوم بالدور ذاته الذي قام به معنا المخضرمون».

الأكثر مشاركة