عبدالله راشد: التمثيل المسرحي أصعب الفنون
لا يغيب الفنان الإماراتي، عبدالله راشد، عن معظم الفعاليات المسرحية التي تثري الساحة الفنية والثقافية في الإمارات، سواء تعلق الأمر بمشاركة فرقة مسرح «دبا الفجيرة»، التي شارك في تأسيسها، منذ إشهار جمعية دبا الفجيرة للثقافة والفنون والمسرح، أو غيرها من الفرق المسرحية الإماراتية، فضلاً عن المشاركات الخليجية والعربية العديدة، التي يراها بمثابة الدائرة الأكثر تأثيراً في تطور المسرح المحلي.
محطات مسرحية أكد عبدالله راشد ضرورة الاهتمام بالمسرح المدرسي، لافتاً إلى أن تجربته الذاتية بدأت عبر مجموعة مقاطع مسرحية، بعنوان «عبود والاتحاد»، تم تقديمها على مسرح المدرسة بدبا الفجيرة. وتوقف راشد عند مشاركته في مسرحية «يا ليل ما أطولك»، التي فاز بها بجائزة لجنة التحكيم الخاصة لمهرجان قرطاج الدولي المسرحي. وتحمل مسرحية «الحفار»، التي كتبها محمد سعيد الضنحاني، ذكريات محطتين مختلفين بالنسبة لراشد، مشيراً إلى أن العمل تم تقديمه برؤيتين إخراجيتين مختلفين، أولاهما خلال أيام الشارقة المسرحية، فيما تمثل الثانية مناسبة مهمة لكل المنتمين إلى المسرح الإماراتي، وهي مناسبة الاحتفاء بإشهار«جمعية دبا الفجيرة للثقافة والفنون والمسرح». وتحمل مسرحية «العارضة»، التي أخرجها محمود العباس، محطة مهمة أيضاً في مسيرة راشد، الذي كان أحد أبطال عرضها بإيطاليا في مهرجان البحر الأبيض المتوسط للمسرح عام 2002. |
ويشارك راشد حالياً في عضوية لجنة تحكيم مهرجان عشيات الدولي للمسرح بالأردن، لتستحضر تلك المشاركة ذكريات أول جائزة عربية يقتنصها ممثلاً، وهي جائزة لجنة تحكيم مهرجان قرطاج الدولي، قبل ما يقارب الـ16 عاماً.
وعلى خلاف العديدين من فناني المسرح الإماراتي، فإن إسهامات راشد في مجال الدراما التلفزيونية محدودة جداً، خلافاً لحضوره النشط، سواء في مسرح الذي توج محلياً بجائزة أفضل ممثل عن دوره في «الحفار» في أيام الشارقة المسرحية عام 2002، أو حتى «مسرح الطفل»، الذي مثل وكتب له العديد من النصوص.
وحول بداياته المسرحية، التي ارتبطت في ما بعد بتأسيس مسرح «دبا الفجيرة»، قال راشد، الذي يؤكد أن جائزة قرطاج أول جائزة للمسرح الإماراتي في المهرجانات المخصصة للمحترفين: «يظل الفنان المسرحي مبتدئاً، وحينما تسيطر عليه أي قناعة سوى ذلك، فإنه يكون قد ركن في تراكمات خبراته إلى الثبات، لذلك فإن التمثيل المسرحي تحديداً أراه أصعب الفنون، وأكثرها طلباً لمخيلة يقظة».
وتطرق راشد إلى صعوبة البدايات والتأسيس لحركة مسرحية لم تكن موجودة بالأساس في قريته بدبا الفجيرة، في ظل بيئة محافظة، كان الترويج للمسرح فيها بمثابة محطة صادمة، قوبلت حينها برفض مجتمعي كبير، وذلك في عام 1976، أو ما تلاه تقريباً، حسب إشارته.
وأشار عبدالله راشد إلى أن المشاهدات التلفزيونية مثلت تمهيداً جاذباً لديه للتمثيل عموماً، وبصفة خاصة المسلسلات البدوية الأردنية، محيلاً إلى واحدة من ذكريات النشأة والطفولة، وهي استعانته بقطعة من «فرو» خروف الأضحية، ليصنع بها «لحية» مستعارة، تسمح للصبي الصغير بأن يُقلد أداء وأصوات الكبار بعفوية وفطرية، دون أن يكون في حسبانه أن الأمر يتعلق بمهنة عنوانها «فن التمثيل».
وتوقف عبدالله راشد عند ردة الفعل المجتمعية، وكيف أن البعض كان يرى أن ما يقوم به في تلك المرحلة المبكرة من عشق المسرح، والتمثيل هو «عبث»، وأن فرقة المسرح المدرسي يجب أن تتوقف، لكنه وضع تلك البدايات في خانة «التحديات التي تصلب عود الفنان»، وكأنها تمارين لمزيد من المصاعب الأكثر ضراوة في مراحل لاحقة.
كيف تصنع مسرحاً؟ تحدٍ جوهري توقف عنده عبدالله راشد، محيلاً إلى عام 1984، وكيف كانوا حينها يلجأون إلى مقهى شعبي، وتكوين خشبة أسمنتية، والاستعانة بإضاءات هي مجرد كشافات إنارة، كي يصل فنهم، في توقيت كانت فيه عروضهم بمثابة المتنفس الوحيد، وهي المرحلة التي خص فيها بالإشادة دور الفنان محمود الدسوقي في التأسيس لنشاط مسرحي لاقى التفافاً بشكل خاص في المناسبات الاجتماعية والوطنية، في ظل شح كبير في الإمكانات.
أيام الشارقة المسرحية كانت بمثابة بوابة كبرى، ومرحلة تحول رئيسة بالنسبة لعبدالله راشد، اعتباراً من عام 1990، وهي المرحلة التي أهلته لأن يشارك في عمل من إخراج الدكتور جواد الأسدي عام 2003، لينتقل لأول مرة من البيت الصغير، حسب وصفه، قاصداً به مسرح دبا الفجيرة، إلى آفاق أحد أعلام المسرح العربي، حين أصرَّ الأسدي على وجوده في هذا العمل، وكان بمثابة دفعة مهمة له في مشواره اللاحق.
تمثيل الدولة في محفل خارجي كان بمثابة تحد جديد في مسيرة عبدالله راشد، لتذهب الفرقة المحلية «دبا الفجيرة» لأول مرة إلى مهرجان البحر الأبيض المتوسط المسرحي، وهو التمثيل الذي حظي حينها بإشادة وتقدير ملحوظين من خلال عرض مسرحية «العارضة» التي أخرجها محمود أبوالعباس.
رغم ذلك يقول عبدالله راشد إن الخشبة أعطته الكثير مما لم يكن ليجده بعيداً عنها، ليجيب عن تساؤل حول ما إذا كان هناك توقيت مناسب لأن يعتزل أي فنان «المسرح»، بتأكيده على أن «من يسري في شرايينه حب المسرح، يكون (أبوالفنون) بالنسبة إليه بمثابة إكسير حياة، لا تستمر الأخيرة من دونه».
وحول مهرجان الفجيرة للمونودراما، الذي شارك راشد في اختيار عروضه وإدارة برامجه منذ تأسيسه، أكد راشد أن المهرجان نجح، منذ انطلاقته في عام 2003، في ترسيخ موقعه كأحد أفضل المهرجانات في المنطقة التي تعنى بفن المونودراما، مشيراً إلى لجوء اللجنة المنظمة إلى استراتيجية تنويع المدارس المسرحية المنتخبة للعروض، في الوقت الذي نجح فيه المهرجان في تحريض الفنان الإماراتي على الإبداع في مجال المونودراما.