الصيد بالصقور.. الشباب على خطى رياضة الأجداد

تلعب الصقور دوراً مهماً في تاريخ الشعوب العربية وحضارتها الأصيلة وموروثها العريق، خصوصاً في دولة الإمارات ودول الخليج العربية، فمنذ أن عرف الإنسان هذا الطائر الفريد، بشكله ونوعه وفصيلته وخصائله، حتى أصبح رمزاً للقوة والرفعة والصبر والشجاعة، ليذكر في كثير من القصائد العربية التي تغزلت بجمال عينه وحدتها، وضربت الأمثال بقوته الخارقة.

موسم

يبدأ موسم الصيد بالصقور في الإمارات، كما في دول الخليج العربي، في فصل الخريف، حيث تبدأ طيور الحبارى بالهجرة إلى مواطن تكاثرها من أواخر سبتمبر وأوائل أكتوبر، وينتهي في شهر مارس عندما تبدأ حرارة فصل الصيف.

وتعد رياضة القنص بالصقور من أشهر أنواع الرياضات التي عرفها الآباء والأجداد في دولة الإمارات والجزيرة العربية منذ أزمنة بعيدة، وتوارثها الأبناء عنهم ومشوا على خطاهم، حيث يعتبر العرب أول من عرفوا هذه الرياضة التي تعد من الهوايات المفضلة، في حين تعد دولة الإمارات الأولى عالمياً التي أصدرت جواز سفر للصقور، وأنشأت مستشفى خاصاً لها عام 1983 في دبي، لتتكامل الجهود الرسمية والشعبية في إعطاء هذه الرياضة التي تربط الإماراتيين بحياة آبائهم وأجدادهم.

وأحب أهل الإمارات والخليج العربي الصقر، وقسموه لأقسام عدة، حسب نوعه وحجمه وذكائه وسرعته وقوته، ودخلت الصقور حياتهم منذ زمن بعيد، وعاشت معهم حياة طويلة استطاعت فيها أن تؤكد أنه لا مناص من أن تظل ركناً أصيلاً في تاريخ الحياة الاجتماعية، لتكتسب الصقور مكانة اجتماعية راقية أسهمت بشكل كبير في صياغة الأدب الشعبي الإماراتي والخليجي، بل صارت ملهمة للعديد من الشعراء الذين أبدعوا في وصفها وحبها وتقدير مكانتها.

ونالت رياضة الصيد بالصقور في الإمارات اهتماماً خاصاً، وذلك بفضل دعم قيادة الدولة الرشيدة التي سارت على نهج المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الذي قال «إن الصيد بالصقور رياضة مهمة ووسيلة من الوسائل التي تعلم الصبر والجلد والقوة، كما أنها تعتبر لوناً من ألوان التغلب على الخصم بالذكاء والقوة، وتظهر قدرة ابن البادية على تأنيس هذا الطير الجارح وتأديبه، يأمره فيطيعه ويناديه فيحضر مسرعاً إليه».

وتبنت دولة الإمارات العديد من المبادرات لحماية الصقور والطرائد الرئيسة من الأنواع المهددة بالانقراض والحفاظ عليها، مثل برنامج الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان لإطلاق الصقور، الذي يهدف إلى إعادة الصقور إلى بيئتها في مواطن تكاثرها الطبيعية وإتاحة الفرصة لها للتكاثر واستكمال دورة حياتها، بما يسهم في دعم أعدادها في الطبيعة والحفاظ على رياضة الصيد بالصقور.

ويعتبر مشروع «البروفالكن لإكثار الصقور» في مدينة العين من المشروعات الرائدة للحافظ على الصقور البرية في العالم، حيث يهدف إلى تحسين سلالات الصقور المتكاثرة في الأَسر، وتقليل مخاطر انقراض الصقور البرية الناجمة عن صيدها في الطبيعة، لاستخدامها في رياضة الصيد بالصقور وإتاحة الفرصة لها للتكاثر وزيادة أعدادها.

ولعل الاهتمام المتزايد بالصقور، وإعادة إحياء عادة تعود إلى آلاف السنوات، يعكسان الجهود المبذولة من مختلف مكونات المجتمع الإماراتي للحفاظ على التراث والرياضات التراثية التي من خلالها تجسد باقة واسعة من القيم والتقاليد الاجتماعية المتوارثة ومرجعاً للإرث الثقافي، وفي هذا الصدد جاءت فكرة إنشاء نادي صقاري الإمارات الذي يعد الأول من نوعه في العالم العربي.

ويهدف النادي إلى نشر الوعي والارتقاء بمستوى رياضة الصيد بالصقور في دولة الإمارات ومنطقة الخليج العربي، بهدف المحافظة عليها تراثاً مهماً في المنطقة، فضلاً عن نشر أخلاقيات رياضة الصيد بالصقور والتعريف بصفات الصقر وعاداته وأطوار حياته وأنواعه ونقل إرث الأجداد إلى الأجيال المقبلة.

الأكثر مشاركة