«لوفر أبوظبي».. قبة مرصعــة تتـلاقى فيها التجارب الإنسانية والأعراق والتاريخ
تعلو متحف «اللوفر أبوظبي» - الذي استوحى مصممه، المهندس المعماري الفرنسي جان نوفيل، الفن المعماري العربي في تصميمه - قبة ضخمة قطرها 180 متراً مرصعة بالنجوم، تدخل أشعة الشمس من خلالها عبر فتحات تذكر بانسياب النور من بين الأوراق المسننة لسعف أشجار النخيل.
- الهدف الرئيس للمتحف هو إتاحة الفرصة أمام الزوار ليكتشفوا بأنفسهم مسيرة تطور الفن في مختلف الثقافات والحضارات حول العالم. - تتميز طريقة العرض داخل المتحف بأسلوب مركزي؛ إذ تغطي الأعمال الفنية المترابطة مساراً واحداً فريداً من نوعه، وهو الطريق الرئيس الذي سيمر به الزوار. جولة تضمنت جولة المتحف أقدم التحف والقطع الفنية، منها قناع جنائزي برونزي ذهبي من شمال الصين 907-1152 قبل الميلاد، وتمثالاً حجرياً برأسين يبلغ عمره 8000 عام من دائرة الآثار العامة الأردنية ويسمى تمثال «عين غزال»، و«نصل فأس» من متحف العين الوطني يعود تاريخه إلى 1600 قبل الميلاد، وتمثال لرمسيس الثاني فرعون مصر 1279-1213 قبل الميلاد، وتنين مجنح من شمال الصين 450-250 قبل الميلاد. أما الأديان العالمية وطرق التجارة العالمية الناشئة، فتمثلت في قطع وتحف فنية، مثل كتاب مقدس قوطي في مجلدين (1250-1280)، وأسد «ماري-تشا» من جنوب إسبانيا أو جنوب إيطاليا (1000-1200). أعمال معارة تشمل مجموعة الأعمال المعارة من المتاحف الفرنسية لوحة «الحدادة الجميلة» للفنان العالمي ليوناردو دافينشي من متحف اللوفر، و«صراع بين كروغاس وداموكسين» (1797-1803) للفنان أنطونيو كانوفا، و«نابليون بونابرت القنصل الأول عابراً جبال الألب» للفنان جاك لوي دافيد من المتحف الوطني لقصر فيرساي وتريانون. وتوضح هذه الأعمال وجهات النظر المتغيرة عن العالم والفن الحديث الذي ظهر في القرن الثامن عشر. وتضمنت القطع الفنية المعروضة في المجموعات الحديثة والعصرية «أمير شاب أثناء الدراسة» للرسام التركي عثمان حمدي باي (1878)، و«صورة ذاتية» لفينسنت فان غوخ المستعارة من متحف أورسيه، و«فتية يتصارعون» للرسام بول غوغان، و«المشي رقم 2»، وهي مجموعة من الصور الفوتوغرافية لعرض من (1983) للفنان الإماراتي حسن شريف. |
ويبدو المتحف أشبه بحي مصغر من مدينة البندقية الإيطالية، حيث تتجاور المياه مع عماراته الموزعة في منطقة رملية تقع قرب البحر. وتم تصميم المتحف ليعبر عن الانفتاح على الآخرين.. وتفهم التنوع.. في عالم متعدد الأقطاب.
ويعرض المتحف بتقنية عالية الموضوعات العالمية، ويركز على التفاعلات المشتركة بين الحضارات، بدلاً من التصنيف المتبع عادة في تسلسل الحضارات.
في أول أجنحته، غرفة هادئة عرضت فيها نسخة من القرآن الكريم تعود إلى القرن التاسع عشر، كتبت بالذهب على مخطوطات زرقاء، وإلى جانبها كتاب توراة يمني، وإنجيل من القرن الثالث عشر.
لكن نجمة الأعمال الفنية في المتحف، بنظر المنظمين، هي لوحة «الحدّادة الجميلة» لليوناردو دا فينشي، وهي لوحة معارة من متحف اللوفر في باريس. وسيعرض المتحف 300 قطعة معارة من المتاحف، بينها «بونابرت عابراً الألب» لجان لوي دافيد (متحف فرساي)، و«رسم ذاتي» لفنسنت فان غوخ (متحف أورساي).
وتأتي الأعمال المعروضة في المتحف من مجتمعات وثقافات متنوعة من جميع أنحاء العالم، وسيتم تسليط الضوء بشكل خاص على الموضوعات العالمية والمشتركة، بهدف إبراز الأوجه التي تتلاقى فيها التجارب الإنسانية، التي تتجاوز حدود الجغرافيا والأعراق والتاريخ.
تستند قيم وهوية متحف اللوفر أبوظبي إلى الاكتشاف والتلاقي والتعليم. والهدف الرئيس للمتحف هو إتاحة الفرصة أمام الزوار، ليكتشفوا بأنفسهم مسيرة تطور الفن في مختلف الثقافات والحضارات حول العالم.
يرتكز عمل المتاحف على عرض أعمال فنية تعود إلى حضارة فنية معينة، أو فترة تاريخية، أو حركة فنية محددة في قاعة واحدة. ورغم أن هذا النهج يعطي فكرة عن طبيعة حضارة ما، إلاّ أنه يعطي أيضاً انطباعاً حول تطور الثقافات ضمن بيئة مغلقة بعيدة عن التأثيرات الخارجية، أو أي تأثير لتبادل للأفكار والاتجاهات والمعارف والروايات.
وسيتيح متحف اللوفر أبوظبي نهجه المتفرد البعيد عن التقسيم الجغرافي، والذي يقدم الأعمال الفنية بحسب تسلسلها الزمني، فرصة لاستكشاف العلاقات التي تربط بين حضارات وثقافات عالمية، تبدو كأنها غير مترابطة للوهلة الأولى، الأمر الذي يمنح المتحف طابعه العالمي، متجاوزاً حدود الجغرافيا والانتماءات.
يتناسب هذا النهج العالمي مع توجهات أبوظبي، ويعكس في الوقت ذاته أهمية موقعها الجغرافي كملتقى بين الشرق والغرب والشمال والجنوب، ودورها الحيوي على طريق الحرير، عندما كانت المنطقة همزة وصل تربط بين أوروبا والمحيط الهندي، وتفتح آفاقاً واسعة للتبادل بين آسيا وإفريقيا. ومن المتوقع أن يمثل «اللوفر أبوظبي»، والمنطقة الثقافية في السعديات، وجهة يجتمع فيها العالم لتبادل الأفكار والثقافات.
يعتزم متحف اللوفر أبوظبي بناء مجموعته الخاصة من الأعمال الفنية، وسيتم إثراؤها باستعارة أعمال من المتاحف الفرنسية مثل متحف اللوفر، ومتحف أورسيه، ومركز بومبيدو. وسيتمكن الزوار من خلال التحاور مع الأعمال الفنية، والمنحوتات، والتحف الأثرية، من استكشاف الروابط التي تجمع الثقافات المختلفة من جميع أنحاء العالم، ما يمنحهم فكرة عن تطور البشرية منذ فجر التاريخ. وسيتم تطوير متحف اللوفر أبوظبي بخبرات من وكالة متاحف فرنسا، بالاشتراك مع متحف اللوفر، المعروف بتميز مقتنياته الفنية منذ تأسيسه في عام 1793.
تتميز طريقة العرض داخل متحف اللوفر أبوظبي بأسلوب مركزي؛ إذ تغطي الأعمال الفنية المترابطة مساراً واحداً فريداً من نوعه، وهو الطريق الرئيس الذي سيمر به الزوار خلال رحلتهم عبر المتحف.
وتتواصل الرحلة عبر مختلف الحضارات، التي تتطور بالتوازي كلما تقدم الزائر في رحلة عبر الزمن. وتتناول المعروضات أربع فترات زمنية رئيسة، تشمل الآثار وفجر الحضارة، والعصور الوسطى، وفجر الإسلام، والفترة الكلاسيكية من الإنسانية إلى عصر التنوير، والعصر الحديث بدءاً من نهاية القرن الثامن عشر.
وسيتمكن الزوار من تفحّص الأعمال المعروضة بأنفسهم، ومقارنتها، واستكشاف سماتها الفريدة ومعانيها بأسلوب تحليلي متميز. كما سيتضمن المتحف مجموعة متنوعة من المخطوطات والوسائط المتعددة بلغات عدة، والتي ستضع الأعمال الفنية في سياقها الشامل، مع توفير شرح لمصدرها، والتاريخ الغني للتحف الأثرية والأعمال الفنية المعروضة.
ويقدم المتحف كذلك برنامجاً شاملاً من المعارض المؤقتة، التي ستعزز رسالة قاعات المتحف، مع الانفتاح على استعارة الأعمال الفنية من متاحف أخرى، والدعوة إلى التبادل الثقافي مع مؤسسات فنية من جميع أنحاء العالم. وبالإضافة إلى ذلك سيحرص «متحف اللوفر أبوظبي للأطفال» على توفير الفرصة لزواره الصغار، لاستكشاف مجموعة اللوفر أبوظبي في بيئة تشاركية وتفاعلية مميزة.
واستلهم المصمم المعماري جان نوفيل تصميم الجداول المائية التي تجري عبر المتحف من نظام الفلج التقليدي للري، كما صمم فكرة قبة متحف اللوفر أبوظبي المزينة بمُخرّمات هندسية استلهاماً من سعف النخيل المتداخلة، والتي كانت تستخدم في تغطية الأسقف للسماح للضوء بالمرور عبرها وتكوين أشكال وألوان آية في الجمال. ويأتي نمط السقف المعقد نتيجة للتصميم الهندسي نفسه والذي يتكرر بأحجام وزوايا مختلفة ضمن 10 طبقات، خمس منها خارجية وخمس داخلية، الأمر الذي يعطي القبة شكلاً دقيقاً وفنياً مبدعاً.