«التعلم من مدن الخليج»: أبوظبي ودبي نموذج للعصرية
كيف يمكن أن نتعلم من المدن؟ وما الذي يمكن أن نتعلمه منها؟ سؤالان من أسئلة عدة يطرحها معرض «التعلم من مدن الخليج العربي» الذي افتتح مساء أول من أمس، ضمن «مساحة المشروع» بجامعة نيويورك أبوظبي، بتنظيم من «رواق الفن» بالجامعة.
ويتتبع المعرض سيرة مدن من مختلف أنحاء العالم، ويركز على مدن خليجية من أبرزها أبوظبي ودبي، مستعيناً بأبحاث طويلة أجراها أكاديميون ونخبة من الباحثين منهم هارفي مولوتش، وديفيد بونزيني، إلى جانب المصور المعماري وباحث الدراسات الحضرية ميشيل ناستاسي. وقال ديفيد بونزيني «لا نسعى من خلال المعرض للاحتفاء بالمدن التي تناولناها بالبحث، لكن نحاول أن نوضح كيف وماذا يمكن أن نتعلم من المدن، بما في ذلك المدن الحديثة»، مشيراً إلى أن المعرض صور فوتوغرافية مدعومة بالمعلومات والرسوم التوضيحية التي تعبر عن مضمون الأبحاث التي أجراها فريق العمل. ولفت إلى أنه وزميليه استلهما فكرة المعرض من كتاب «التعلم من لاس فيغاس» الذي أصدره عام 1972 المعماري الأميركي ربورت فيتشر، إذ قررا اكتساب المزيد من الدروس من المدن حول العالم «فحتى المدن الحديثة أو تلك الأكثر غرابة يمكن أن نتعلم منها، فهي غالباً ما تكشف عن اتجاهات وملامح غير ملحوظة حتى لو كانت مشوشة».
تأثير متبادل
معالم أيقونية يتوقف المعرض أمام التأثير الذي تلعبه المباني الأيقونية والمعالم المعمارية البارزة التي تتضمنها المدن في جذب السائحين إليها لزيارتها والتقاط الصور معها، مشيراً إلى أن مدن الخليج تتضمن العديد من هذه المعالم الأيقونية، مثل برج خليفة وبرج العرب في دبي، وجامع الشيخ زايد الكبير ومتحف اللوفر أبوظبي في أبوظبي، ما يمثل عنصر جذب وتفوق إضافي لهذه المدن مقارنة بغيرها. |
يسعى معرض «التعلم من مدن الخليج العربي»، الذي يستمر حتى السادس من ديسمبر المقبل، إلى تصحيح المفاهيم المغلوطة التي تصوّر مدن الخليج العربي على أنها مجرد نماذج محدودة وضيقة الأفق، وتفتقر للأهمية، أو أنها نماذج مُقلّدة جاءت لغرض لفت الأنظار فحسب. وبدلاً من ذلك، يصوّر المعرض مدن الخليج العربي على أنها أمثلة ناشئة تعكس ما يحدث من تطوّرات ومستجدات في العالم الحضري والعمراني الأوسع. واعتمد المصور ميشيل ناستاسي في التقاطه لصور المدن المعروضة على أسلوب نقدي لاستكشاف وتفسير مظاهر التحضر والتوسع العمراني داخل دول مجلس التعاون الخليجي وخارجها، وكذلك توضيح مدى التشابه عند انتقال نموذج حضري من منطقة لأخرى، وهي عملية غالباً ما تكون منقوصة أو تشوبها الأخطاء والعيوب.
سمات حضارية
يعكس المعرض خصائص عدة للمدن الحديثة، فقد تشترك في أنها تنمو بسرعة كبيرة، ولكن في الوقت نفسه لا تعبر عن نموذج واحد في النمو، فكل منها تختلف عن الأخرى، كما يشير المعرض إلى أن هناك استراتيجية معينة للتطور الحضاري في منطقة الخليج، بدأت تنتشر إلى مدن أخرى حول العالم مثل نيويورك ولندن وسنغافورة، ويوضح المعرض أيضاً أن التصميمات المعمارية يمكن أن توجد في مدن مختلفة، ورغم تطابق هذه التصميمات من حيث الشكل والتفاصيل؛ يكتسب كل منها طابعاً خاصاً مستمداً من المحيط المحلي الذي يوجد فيه، وذلك من صور ناستاسي التي تعكس دور السياق المحلي في تغيير وجه وطبيعة مشاريع التصميم المعماري، وذلك مهما اتسم عمل المهندس المعماري بطابع عالمي شامل أو كان مصدر التمويل دولياً.