6 استراحات جمالية بين «طيور الإمارات»
يفتح غلاف «طيور الإمارات» العين على كائنات تحلق بكثرة في سماء الإمارات، لاسيما في هذه الفترة من العام، مع اعتدال الأجواء ونسمات ديسمبر.
يعود هذا الكتاب إلى عام 1992، وإصدارات المجمع الثقافي بأبوظبي، وهو من تأليف كولن ريتشاردسون، أحد مؤسسي جمعية دبي للتاريخ الطبيعي، ومسجل لطيور دبي والإمارات الشمالية، كما ورد بالتعريف به في الكتاب الذي ترجمه إلى العربية، المهندس ساعد محمد العوضي. يعد الكتاب دليلاً جمالياً يعرّف القارئ بالطيور التي اجتذبتها بيئات الإمارات المتنوعة، من وديان وهضاب وجبال وسهول، وكذلك شواطئ تكتمل لوحة جمالياتها بتحليق طيور بكل الألوان، ولا ينسى الكتاب الطيور العابرة، ويعطي وصفاً تفصيلياً للطيور التي يمكن مشاهدتها في دولة الإمارات، والأوقات التي يتوقع قدومها فيها، وأفضل الأماكن التي يمكن مشاهدتها فيها عن قرب.
وهنا ست وقفات مع الكتاب:
1
في البداية يصطحب المؤلف القارئ في رحلة عامة عن جهد الآخرين، مئات من المراقبين الذين سجلوا في أرشيفهم أنواع الطيور بالإمارات، وتوزيع وحالة كل نوع، والتحديات التي تواجه مراقب الطيور ومن يحاول اكتشافها. ومن بين العقبات توفير صور الطيور التي لم يكن الحصول عليها هيناً «لقلة عدد المصورين في الإمارات، الذين أخذوا حياة الطيور بمأخذ جدي».
2
مع روزنامة العام وشهوره، يعدّد المؤلف الطيور التي يمكن رؤيتها في الإمارات، المقيمة والمهاجرة. ويعتبر أن ديسمبر من بين أفضل التوقيتات التي يمكن فيها متابعة الطيور بالإمارات. ويؤكد أن ديسمبر فرصة للتمتع بالمشاهدة «تكون طيور الحمام الدبسي والعصفور الدوري في هذا الحين نشطة، وتوجد طيور النورس الأسخم والنورس أسود الرأس والنورس أصفر القدم والنورس الأرمني على طول السواحل».
3
يشيد المؤلف بالمسطحات الخضراء التي تحرص الإمارات على توفيرها، ويراها حواضن للطيور الباحثة عن ظلال وخضرة وماء، لافتاً مثلاً إلى أن حديقة الصفا بدبي شوهد فيها أكثر من 230 نوعاً من الطيور (حتى عام 1990 تاريخ إنجاز النسخة الإنجليزية من الكتاب)، إذ «توفر المساحات المروية جيداً، بيئات ممزوجة تجتذب الطيور المهاجرة التعبة والجائعة بشكل كبير، يمكن في بعض الأيام الجيدة مشاهدة أكثر من 45 نوعاً في الحديقة، خلال ساعة واحدة».
4
تشتهر محمية رأس الخور بدبي بالنحام الكبير الذي كان في البداية طيراً مهاجراً، إذ كانت المئات منه تقضي فصل الشتاء في تلك البقعة، إلا أن توفير البيئة جعل الطائر يستقر في رأس الخور، لتكون المحمية موطناً له، ويشير المؤلف إلى أنه تم رصد أكثر من 80 نوعاً من الطيور في رأس الخور (في حينها أيضاً): «أسراب طيور الزقزاق المطوق وزقزاق الرمل الصغير والزقزاق الرمادي، أما نهاية الصيف فتجلب أعداداً كبيرة من طيور كروان الماء، وأسراباً أقل من طيور زقزاق الرمل الكبير وكروان الغيط الصغير».
5
بعد سنوات من البحث، وآلاف الساعات من العمل الميداني، جمع دليل «طيور الإمارات» معلومات قيمة عن أكثر من 360 نوعاً، و79 خارطة لمواقع التكاثر، و100 صورة ملونة. ومن تلك الطيور البلبل الشامي الذي يكتب عنه المؤلف: «مقيم معشش وشائع في الأودية وحول الجبال، وفي الحدائق والمناطق الزراعية قرب المسطحات الحصوية، وفي الشريط الساحلي، حيث يتغذى على الفواكه والحشرات، وله صوت عذب مميز يكشف وجوده، ويعشش من فبراير، وتضع الإناث بيضها في مارس، ويسمى أيضاً البلبل أسود الرأس، وكان يعتبر سابقاً من نوع البلبل الشائع نفسه».
6
قبل الختام، يشدد مؤلف الكتاب على أن «دراسة طيور الإمارات تحتاج إلى الكثير من التمحيص والدقة، حيث تتم مشاهدة طيور جديدة بشكل منتظم، كما تتم مراجعة وتعديل حالة ووضعية الطيور الحالية بشكل مستمر». ويضيف بعض الطيور إلى اللائحة، التي لم تكن واردة، ما يدل على اهتمام المؤلف، وحرصه على تسجيل كل ما يراه، وإثراء دليل الطيور بكل جديد، إذ يقول عن قبرة البادية سوداء الذيل: «شوهدت ثمانية من هذه الطيور في 29 أكتوبر 1991، على بُعد 15 كيلومتراً من جبل الظنة في المنطقة الغربية لأبوظبي (الظفرة حالياً)، ووجد طائر وحيد ميتاً بدبي في مارس 1971».