صفاء الدلو تحوّل إرث الأجداد إلى أعمال فنية
فنانة غزّية تنقش لوحاتها بالخيزران
على نار مشتعلة تراها تمرر عود الخيزران مرة، وتغمره بالماء مرة أخرى، ليصبح بيدها عجينة فنية تشكل بها لوحاتها التي تعبر عن إحساسها ومشاعرها، لتنتج أعمالاً فنية تمزج من خلالها بين أصالة الماضي وحداثة الحاضر.
شعر الإمام الشافعي تقول الفنانة التشكيلية صفاء الدلو: «اخترتُ تشكيل إحدى لوحاتي ببيت الشعر للإمام الشافعي (إذا نزل القضاء ضاق الفضاء)، فهو أيضاً فلسطيني مثلي، ولد في غزة، فأردت تسليط الضوء على شخصية مهمة قد يجهل البعض مكان نشأتها وتاريخها، فعزمتُ أن أعرّف بها من خلال لوحتي». - صناعة الخيزران من أقدم الصناعات اليدوية في غزة على مدار 100 عام. - تضمين الخيزران في لوحاتها نجح في الحفاظ على مهنة والدها. |
صفاء الدلو، 28 عاماً، من مدينة غزة، فنانة تشكيلية أخذت على عاتقها إحياء صناعة الخيزران التاريخية التي يهددها الاندثار والانقراض، إذ تستخدم أعواد الخيزران في جميع لوحاتها الفنية التي تسر الناظرين إليها، لتنجح بذلك في الحفاظ على مهنة والدها الذي يعمل بها منذ 40 عاماً مضت.
وتعد صناعة الخيزران من أقدم الصناعات اليدوية في غزة، إذ اشتهر بها أهلها على مدار 100 عام، لكنها في وقتنا الحالي مهددة بالانقراض، بسبب محدودية دخول أعواد الخيزران إلى القطاع وغلاء أسعارها نتيجة إغلاق المعابر بفعل الحصار الاسرائيلي المفروض منذ إحدى عشرة سنة.
«الإمارات اليوم» التقت الفنانة صفاء داخل مشغلها الصغير الذي ينتج أعمالاً كثيرة ومتعددة، حيث أعواد الخيزران المتناثرة في كل زاوية، والتي تحتضن لوحات صنعت بدقة متناهية، لتخبر الناظرين إليها بروعة ما تصنعه الأيدي الناعمة.
وتقول صفاء، وهي تجلس وسط مشغلها الفني: «عندما تم اختياري ضمن 10 فنانين من غزة والضفة الغربية لعمل معرض فني مشترك، اشترطوا أن يحمل المعرض موضوعات من عبق تاريخ المدينة، لذلك كانت فكرتي مستوحاة من حرفة أبي، إذ تعلمتها منه، والتي ترتبط في الوقت ذاته بتاريخ مدينتي غزة، لذلك صنعت لوحات فنية من الخيزران تجمع جمال الماضي والحاضر».
ومن التحديات التي واجهت صفاء في البداية، صعوبة تشكيل الخيزران، فهو بحاجة الى وقت وجهد كبيرين، لأن عملية التشكيل تتم عن طريق نحت وحرق وتشكيل العود، الأمر الذي يتطلب منها الصبر والإيمان بما تشكله تلك الأعواد.
وتشير إلى أن أسعار الخيزران المرتفعة أرهقتها نوعاً ما، إذ أصبح سعر عود الخيزران الواحد يساوي ضعفي سعره القديم، وهي تفتقد التمويل المؤسساتي، ومن جهة أخرى عدم توافر أعواد الخيزران نتيجة قلة استيراد الشحنات من الخارج نتيجة إغلاق المعبر.
وكانت صفاء قد تخرجت في كلية الفنون والحرف في جامعة الأقصى بغزة قبل خمسة أعوام، وحالها كحال الكثير من الشباب الفلسطيني؛ لم تحظَ بفرصة عمل في مجالها، ولكنها لم تستسلم، واستثمرت هوايتها وموهبتها الفنية، وجعلت منها مهنتها التي تحلم بها، لتصنع لها اسماً ومكاناً في عالم الفن.
وتشكو الدلو قلة اهتمام المؤسسات الحكومية والمراكز الفنية والثقافية الراعية للفنانين في غزة، وفي المقابل، هي تسعى لتطوير عملها ذاتياً من خلال الدورات وورش العمل داخل القطاع، إضافة إلى لجوئها إلى التواصل من خلال الإنترنت مع فنانين في الخارج للاستفادة من تجاربهم.
وتقول الفنانة التشكيلية: «نحن بحاجة لحاضنة مستمرة لنا ولأعمالنا الفنية، للمحافظة عليها من خلال تمويلها، أو طرح مشروعات تستقطب جميع الأعمال الفنية، وعرضها للعلن لتثبت نفسها محلياً وعالمياً، لأن الجهود الفردية وحدها لا تثمر».
وتتابع «إن الإغلاق المستمر للمعابر حال بيننا وبين المشاركات في معارض فنية خارج البلاد، ما أفقدني وأفقد الكثير من الفنانين في غزة فرص العمل وفرص الظهور والتعريف بنا وبمواهبنا على مستوى الوطن العربي على الأقل، ونتمنى أن ترى أعمالنا النور خارج الأسوار عما قريب».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news