«ملك من شعاع» شغل الجميع
5 إضاءات على شخصية لا تغادر دائرة الجدل
في دائرة الجدل الذي لا يهدأ، تبرز دوماً الشخصية التاريخية أخناتون (أمنحتب الرابع)، الذي اجتذب ليس فقط المؤرخين، بل الأدباء والكتّاب، ممن حاولوا البحث عن حقيقة ذلك الملك، وتخيل سيرته ومسيرته.. ومن هؤلاء الراحل عادل كامل في روايته «ملك من شعاع» التي تطلّ من بعيد، تحديداً من أوائل الأربعينات من القرن الماضي. حازت الرواية عام 1943 الجائزة الأولى من مجمّع اللغة العربية في القاهرة، والمفارقة أن كاتب الرواية لم يواصل مسيرته الإبداعية، إذ اكتفى بعمل ثانٍ بعنوان «مليم الأكبر»، وبعده آثر التفرغ لمهنة المحاماة، رغم ما حققه من نجاح في الساحة الأدبية.
وهنا خمس إضاءات على رواية «ملك من شعاع»، وكذلك على مبدعها عادل كامل:
1
بمقدمة ثناء بـ«إخناتون»، يصدّر عادل كامل «ملك من شعاع»، واصفاً إياه بأنه «أعظم عاهل أعقبه التاريخ منذ الأزل. فقد تقلب على الأرض ملوك كثيرون نبغوا في فنون الحرب، فعرف التاريخ تحتمس ورمسيس، وعرف الإسكندر وقيصر، ولايزال عهدنا بنابليون قريباً. لكنّ أحداً من ملوك العالم لم يتأتَ له أن ينبغ في ما نبغ فيه إخناتون. وليس من بينهم من يستطيع أن يثير إعجابنا – بل دهشتنا – بمثل ما يثيره هذا الملك الشاب». ويشير إلى أن إخناتون أدرك معنى النور، بينما كان العالم يتخبط في ظلام دامس.
2
من بداية رحلة النور، يروي عادل كامل حكاية إخناتون منذ أن كان أميراً، يفكر في ذاته كإنسان عادي، وليس كفرعون صاحب هالات، يقضي حياته في الحروب والإعداد لغزو الآخر، لذا اصطدم بكثيرين من أركان مملكته، حينما جلس على كرسي الملك، خصوصاً بعدما تكشفت له الحقيقة وهو سارح على ضفاف النهر، فيفطن إلى سر الحياة، والإله الواحد، وسعى لينشر ذلك بين أبناء مملكته، وواجه قوى الظلام والمصالح، وكذلك السياسة، ولعل أكثر من اصطدم بهم، وعملوا على تقويض عرشه، الكهنة وحرّاس المعابد، وكل المنتفعين بمزايا لا حصر لها.
3
لا يستغرق الماضي الفرعوني رواية «ملك من شعاع»، إذ تحضر إسقاطات بالجملة على العصر الذي كتبت فيه الرواية، لتصل بين زمنين بعيدين، ومن تلك الإشارات: «هذه هي الصيحات الخافتة التي بدأ كاهن آمون يسرها في آذان شعب طيبة. وهذه هي بذور الديمقراطية التي ابتكرها هذا الكاهن الماكر، وراح باسمها يمهد الأمور لتحطيم خصمه. ولأول مرة في التاريخ عرفت مصر نظام الأحزاب».
إذ تبدو كأنها تتحدث عن الزمن الذي كتبت فيه، وليس ذلك التاريخ الفرعوني الضارب في القدم.
4
لا تغيب زوجة إخناتون (نفرتيتي) عن الرواية، فهي صاحبة دور كبير، وتأثير عميق، إذ تقف بجوار الزوج في محنته حتى النهاية، وعلى عكس روايات أخرى ترى أنها تخلت عنه، تأتي «ملك من شعاع» لتؤكد أنها ظلت بجواره حتى اللحظات الأخيرة التي تكالب فيها عليه الكل، معلنة إكبارها له، وتقديرها لما يصنع، واصفة إخناتون بأنه: «أعظم بطل أنجبه التاريخ... فليس من مبدأ سامٍ، ولا قاعدة خلقية، ولا معنى جميل، سيصل إليه العالم في مستقبله القريب أو البعيد، إلا سبقته إليه أنت اليوم. أفلا يكفيك هذا جزاء يا إخناتون؟».
5
يؤكد المؤلف عادل كامل أنه استند إلى الوقائع في روايته، واحترم ما ذكره التاريخ عن إخناتون، موضحاً أنه: «وليس من واقعة ذات شأن في هذه القصة إلا تستند إلى أساس تاريخي محقق. وليس من بين شخصياتها واحدة خيالية المنشأ.. أما التفصيلات المكملة التي اقتضتها الصياغة الفنية، وكذلك الحبكة الروائية اللازمة لدعم القصة، فما نظن أن فيها ما يصدم الحقيقة، أو ما يمكن أن يعترض عليه مؤرخ». فالرواية تزيد فيها الجرعة التاريخية، وتحرص على الصدق التاريخي، والاستناد إلى شيء محقق، ونسبة الأقوال والأناشيد إلى أصحابها.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news