منتدى أبوظبي للنشر اختتم فعاليات دورته الأولى
الناشر والمؤلف.. رضا لا يكتمل بين الطرفين
رغم مرور ما يقارب 200 عام على صناعة النشر في الوطن العربي، إلا أن العلاقة لاتزال شائكة بين الناشر والمؤلف، ولكل جهة أسبابها التي تعلن عنها، ونادراً ما تجد الرضا الكامل بينهما بسبب غياب أية استراتيجيات واضحة ومحددة، أو قوانين ناظمة في مجال العلاقة بين الناشر والمؤلف.
آلية الطباعة تاريخ النشر ارتبط بآلة الطباعة، فقد كانت بداية الصناعة في النشر في الوطن العربي مع انشاء مطبعة حلب عام 1700، بعد 260 عاماً من صناعتها في أوروبا التي انطلق النشر معها على يد يوحنا جودنبرغ، وأنشئت مطبعة بولاق في عهد محمد علي عام 1821م، وطبع أول كتاب عربي في إيطاليا عام 1514م باللغة العربية. |
منتدى أبوظبي للنشر الذي اختتم فعالياته أمس، تحت شعار «التحولات والإنجازات في صناعة الكتاب.. تجربة الإمارات»، أفسح المجال لتبادل الآراء والأفكار بين العاملين في هذا المجال ومحاولة تقريب وجهات النظر بين المؤلفين وأصحاب دور النشر.
بشكل عام، فإن مؤلفين وكتاباً يرون في دار النشر جهة تجارية عكس ما تروج له من دعم للثقافة، وأصحاب دور نشر يرون أن كتاباً يتخلون عنهم ويذهبون الى منافسين بعد أن يصبحوا نجوماً،
ومن جهة أخرى لدى المؤلف طموحات وأحلام لا تقل عن شغفه في الاستمرار بالكتابة ترتطم بشروط مجحفة من قبل دور نشر، ويرى أصحاب دور نشر أن ثمة معايير يجب أن تتوافر في الكتاب، تبدأ بالموضوع وشكل العرض، وقدرة النص على إحداث فرق.
الروائية الإماراتية ريم الكمالي، صاحبة رواية «سلطنة هرمز»، أشارت إلى أن «الروائي يحتاج الى التوزيع ليس في بلد الكاتب فقط، بل في الوطن العربي»، وأضافت «عندما كنت في المغرب لم أجد كتابي، وشعرت بالحرج» مؤكدة «أبحث عن أعذار بشكل مستمر للناشر الإماراتي لأنه مبتدئ في هذه الصناعة، لكني ككاتبة يحق لي أن يتم توزيع كتابي بشكل مرضٍ»، وأوضحت أنها حزينة في الوقت الحالي لأنها تعاقدت مع دار نشر أجنبية «سمعتني في أحد المهرجانات، وكان يوجد ترجمة فورية لما أقوله، وقصدتني مؤكدة أنها تريد دعمي من خلال طباعة كتابي القادم باللغة العربية وترجمته وتوزيعه عالمياً»، وبينت «مثل هذا الإغراء الذي قدرني ككاتبة من الصعب رفضه، فأنا في النهاية لا أبحث عن النجومية، بل أبحث عن أن يصبح كتابي نجماً».
النص هو النجم
وقال مدير عام دار كتّاب للنشر والتوزيع جمال الشحي: «لا يهمني أن يكون الكاتب نجماً، لأن النص الجيد يفرض نفسه، ويدافع عن نفسه»، موضحاً «أبحث عن النص الجيد، وأقيس مدى قدرة هذا النص على التأثير الايجابي سواء كان ثقافياً أو معلوماتياً»، وأضاف «وتأتي بعده مرحلة الاتفاق مع المؤلف بما يخص النسبة»، مشيراً الى وقت كانت دور النشر فيه تعد على أصابع اليد في الدولة «أما اليوم فبتنا في خضم الصناعة التي من الطبيعي أن تبحث عن مردود مادي يرضي الطرفين كي يستمرا»، موضحاً أن «بعض الكتاب هم الذين يستغنون عن دور نشر وقفت الى جانبهم، والتقصير دائماً تهمة تلاصق دور النشر ولا تلاصق المؤلف ابداً».
وأكدت الناشرة ومديرة مجلة بانيبال البريطانية مارجريت أوبانك، أن عملية صناعة النشر في الوطن العربي تمشي بخطوات مهمة، مشيرة الى أن التحديات التي تخوضها دور نشر عربية تحديات طبيعية خصوصاً الاماراتية التي تعتبر حديثة في هذا المجال، وقالت «العلاقة بين المؤلف والكاتب شائكة في أغلب الوقت ليس فقط عربياً بل عالمياً».
القيمة أولاً
رئيس مجلس الدار والعضو المنتدب لدار نهضة مصر داليا إبراهيم، أكدت أن ما تبحث عنه الدار بشكل خاص هو القيمة في المحتوى «من الممكن أن يكون العمل جيداً ومردوده المادي عالياً، لكنه لن يرتقي بالمجتمع»، موضحة أن البحث عن كتاب جيد لا يقل صعوبة عن بحث الكاتب عن دار نشر تؤمن به، فالعلاقة تبادلية، وفيها مصالحة متبادلة، وقالت «لا شك أن العلاقة بين المؤلف ودار النشر مازالت تبحث لها عن مخرج أمان يجمع بينهما، والخلافات موجودة دوماً في طبيعة الأعمال كافة، فصاحب المال الذي يريد أن يستثمر في منتج يهمه المردود المادي وهذا طبيعي، لكن غير الطبيعي أن تقوم دور نشر بترويج كتب لا ترتقي بالمجتمع، بل تقدم له الابتذال، ويوجد دور نشر تبحث بالفعل عن الشهرة من خلال موضوعات مبتذلة وغير فعالة».
دور النجومية
وقال المؤرخ والكاتب الدكتور منصور محمد سرحان، مدير المكتبة الوطنية في مملكة البحرين «الناشر يهمه الأمور المادية، يريد أن يطبع ليربح»، وأضاف أن معاملة دور النشر للمؤلف تختلف حسب المؤلف نفسه، موضحاً «هناك مؤلف مغمور وآخر مشهور، المغمور عادة هو الذي يدفع لدار النشر، أمّا المشهور فاسمه في حد ذاته مكسب وشروطه كلها مجابة، على عكس المغمور أو المتحمس الذي يريد أن يسوّق نفسه، ويرضى بالشروط المجحفة»، وبيّن أن «الذي يريده المؤلف من الناشر لا يتعدى طلبات طبيعية تسهم في تقديم كتابه بشكل جيد، ويريد طباعة جيدة خالية من الأخطاء، والأهم من كل هذا أن دور النشر في العالم الغربي تهتم بما يسمى بالكشاف الذي يختصر كل ما يتناوله الكاتب عبر تبويب محترم وواضح بترقيم يدل على الصفحة، إذ إنه لا يمكن أن يصدر كتاب أجنبي من دون هذا الكشاف، أمّا في الوطن العربي هذا الكشاف غير موجود إلا بدور تعد على أصابع اليد الواحدة»، مؤكداً «ناهيك عن مهمة التوزيع التي هي مسؤولية الناشر، لأنه حسب المثل الأجنبي (الكتاب ميّت ما لم يقرأ)».
واجب وطني
وقال المدير العام لمكتبة الكويت الوطنية الكاتب كامل سليمان العبدالجليل «المؤلف يريد أن يتعاقد بشكل منصف وعادل ويحفظ حقوقه، لا يريد أن يتم استغلاله، حيث يلجأ بعض دور النشر الى إشراك جهات أخرى في عملية التوزيع بعيداً عن علم المؤلف، إضافة الى النسبة التي تفرضها أغلبية دور النشر، وتكون مجحفة بشكل عام للمؤلف»، وأضاف «نريد من دار النشر أن تتسامى عن أن تكون داراً تجارية، بل من المنطلق أن تصبح شريكاً في عمليات النهضة في دعم القراءة وتصير جزءاً من نشر ما يسهم في نهضة المجتمع»، مؤكداً «نحن كوطن عربي كبير نعاني حالياً أفكاراً تسير على عقول شبابنا بسبب غزو (السوشيال ميدا) وما نشره بشكل دائم يؤثر في توجهات شبابنا العربي، ما جعلهم فريسة لأشكال عديدة من التطرف»، وأضاف أن «دور النشر عليها مسؤوليات كبيرة، لتكون جزءاً من نهضة فكر الشباب العربي وتحتويه، وتدعم الكتّاب الشباب، ليصدروا كتباً تخاطب جيلهم وتأخذ به إلى بر الأمان».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news