معرض يعكس الطابع العالمي للفن
«من برشلونة إلى أبوظبي» حوار فريد عن الإنسان والفن والحياة
بعض الأشياء المرغوبة + بعض الأشياء غير المهمة - تلك الأشياء التي تفوت انتباهنا ÷ ظرف قاهر= بعض الأشياء. بهذه المعادلة التي تمثل عملاً فنياً بعنوان «بعض الأشياء المرغوبة» للفنان لورنس وينر يرمز فيه إلى علاقة الإنسان بالعالم المادي المحيط به، يستقبل معرض «من برشلونة إلى أبوظبي»، الذي افتتح أول من أمس في منارة السعديات بأبوظبي، زواره، ليطرح في نفوسهم أسئلة عدة حول وجود الإنسان، وعلاقته بالفن الذي يمكن أن يكمن في كل شيء، حتى معادلة بسيطة معلقة على الجدار.
ويقام معرض «من برشلونة إلى أبوظبي»، الذي افتتحه الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح، ضمن فعاليات الدورة الـ15 لمهرجان أبوظبي الذي يقام تحت شعار «عام زايد»، وشهد الافتتاح مؤسس مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون، المؤسس والمدير الفني لمهرجان أبوظبي، هدى إبراهيم الخميس، ورئيس مؤسسة «متحف ﺑرﺷﻠﻮﻧﺔ ﻟﻠﻔﻦ المعاصر»، آينوا غرانديس، وسفير المملكة الإسبانية لدى الإمارات العربية المتحدة، أنطونيو ألفاريث بارته، حيث يمثل المعرض حواراً فريداً بين أعمال فنية من مقتنيات «متحف برشلونة للفن المعاصر» وأعمال فنانين من الإمارات.
الإنسان والبيئة والتكوين
أعمال وفنانون يضم معرض «من برشلونة إلى أبوظبي» أعمال أكثر من 70 فناناً تشكيلياً على مدى 90 عاماً، من «متحف برشلونة للفن المعاصر»، للمرة الأولى في العالم العربي، في حوار مع الفن الإماراتي المشارك بأعمال 20 فناناً إماراتياً. |
ينقسم المعرض إلى ثلاثة أقسام رئيسة، تتجاور في كل منها مقتنيات من متحف برشلونة للفن المعاصر مع أعمال لفنانين إماراتيين، ويمثل الإنسان محور القسم الأول من المعرض متضمناً أعمالاً تسعى إلى تخطي الشكل المادي الظاهري للأشخاص، والتعمق في صفاتهم الشخصية وما تحمله أرواحهم وعقولهم من أفكار ومشاعر وخبرات. ومن الأعمال اللافتة التي يضمها هذا القسم عمل الفنان خوان مونيوث «طبيعة الوهم البصري» 1994-1997، ومن الأعمال الإماراتية لوحة للفنان فرح القاسمي بعنوان «ليس من السهل أن ترى»، تبدو فيها فتاة ترتدي الزي الإماراتي التقليدي، بينما اختفت ملامحها في إشارة إلى التأثير الاستهلاكي للحياة على البشر، خصوصاً المرأة. أيضاً كانت المرأة محور عمل الفنانة ابتسام عبدالعزيز في المعرض والذي حمل عنوان «دوائر المرأة»، ويمثل سلسلة من الصور لأداء حركي تظهر فيه المرأة محاطة بدوائر مضيئة في إشارة لما يحيطها المجتمع من قيود ومحاولتها التخلص منها. ويربط الفنان محمد كاظم في عمليه «لسان» و«ساقان وذراعان» بين الإنسان وبيئته، ومحاولته لاستكشاف ما يحيط به، أما في عمله «مقياس» فيضع الفنان مجموعة من موازين معلقة بشكل هرمي، تليها مجموعة أخرى من موازين معلقة بمجموعة أصغر، إلى أن تصل إلى ميزان واحد يحملها جميعاً. في حين كانت الوجوه هي محور أعمال أخرى، منها عمل «تنويم مغناطيسي» للفنان محمد المزروعي الذي يواصل فيه اهتمامه بالوجوه وما تحمله ملامحها من معانٍ، مع التركيز على العيون باعتبارها نوافذ الروح، وفي عمله «وجوه» يستنطق الفنان حسين شريف مواد مهملة مثل العلب المعدنية، لتخرج من جمودها وتنطق بملامح الحزن، في حين يسعى الفنان جلال لقمان إلى إضفاء ملامح محلية على لوحة «الموناليزا» الشهيرة، وذلك من خلال عمله «أثر الابتسامة».
البيئة هي محور القسم الثاني من المعرض، ويركز على حياة الإنسان وعلاقته بالمكان الذي يعيش فيه والقوانين التي تنظم هذه العلاقة، وذلك من خلال مجموعة من الأعمال تتنقل بين مدن مختلفة مثل الجزائر، وبرشلونة، وبوينس آيرس، وباريس، ولندن، وساو باولو، ومكسيكو سيتي، ومن الجانب الإماراتي في هذا القسم يقدم الفنان عمار العطار مجموعة من الصور تحت عنوان «يوميات بصرية»، تمثل تجربته في التوثيق لملامح الحياة في أزقة الشوارع، مروراً بتجمعات الناس في الأسواق والساحات، كما توثق الفنانة آلاء إدريس في سلسلة صور فوتوغرافية بعنوان «حلم الريم» مراحل تطور العمل في جزيرة الريم لتتحول من مكان مهجور إلى مركز سكني.
أما القسم الثالث من المعرض فيتناول «التكوين» ويركز على حالات التبدل والتغير التي يمكن أن يمر بها الفنان للوصول إلى ملامح تجربته الخاصة، ومن الأعمال الإماراتية في هذا القسم عمل «رموز» للفنان محمد أحمد إبراهيم، ويواصل فيه استخدام رموز بآلية متكررة، وتشارك الفنانة ليلى جمعة بعملها «استيطان»، وهو عبارة عن مجسم خشبي تتداخل فيه مكعبات بأحجام مختلفة، ليبدو مثل بناء ضخم.
غرس زايد
من جانبه؛ أشار الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح، في تصريح له على هامش افتتاح المعرض، إلى أن المعرض يتضمن أعمالاً فنية إماراتية تعبر عن ثقافة المجتمع الإماراتي، كما تعبر في الوقت نفسه عن قيم ومبادئ المعرفة الإنسانية، لافتاً إلى حرص الإمارات على تقديم ما يعبر عن ثقافتها وتاريخها، مثلما تقدم ثقافات وتاريخ الآخر، وهي القيم التي رسّخها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، والتي تقوم على التنوع والتعايش بين الجميع.
وذكرت مؤسس مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون، المؤسس والمدير الفني لمهرجان أبوظبي، هدى إبراهيم الخميس، أن تنظيم المعرض يأتي ليترجم التزام المجموعة بإثراء الرؤية الثقافية لأبوظبي، وعملها على تحفيز الإبداع المحلي مقروناً بالعالمية، عبر الحوار بين الثقافات، وتبادل الخبرات والمعارف، في لقاء تكمن أهمية انعقاده في كونه جسر وصل بين ثقافاتنا وتجاربنا والعالم.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news