حمد الحمادي يستشرف المستقبل.. والقلوب أيضاً

جرعة تحتفي بالكتاب ومنابع المعرفة في شهر القراءة بالإمارات.. تطلّ على عناوين مازالت محمّلة برائحة المطابع.. تبرز إهداءات إلى البلد الطيب أو لأعزاء محلهم القلب، وتغريدات من عالم غير افتراضي، واقتباسات من ندى الماضي البعيد، وغيرها مما تيسر.. علّها تكون إشارات على حدائق ذات بهجة: الكتب في شهرها.

بشكل المستقبل، وحلم الإمساك بتفاصيله التي سيشيّد الكثير منها الذكاء الاصطناعي، تبدو مهمومة رواية «استشراف القلوب» للدكتور حمد الحمادي الذي يصوغ جديده بصورة تتماس وتبتعد، في الآن ذاته، مع الروايات السابقة، ولعل في مقدمتها: «ريتاج» التي تحولت إلى مسلسل «خيانة وطن».

لا تحلم الرواية باستشراف مفردات المستقبل فحسب، بل ما في القلوب أيضاً، تلك المسؤولة عن المشاعر التي تحرك البشر، المحبين والكارهين، البنّاة وحملة معاول الهدم، ولا تخفي شخصية ما في الرواية أن تبوح بأنه «لا يكفي أن نستشرف المستقبل لنعيش حياة أفضل، يجب أن نستشرف القلوب أيضاً».

ملامح الغد

تحفل صفحات الرواية التي صدرت عن دار «ملهمون للنشر والتوزيع» في 173 صفحة، بملامح الغد، وما تراهن عليه الإمارات من آمال، وما تعمل على الوصول إليه منذ الآن: البرنامج الوطني لاستكشاف الفضاء، ومسبار الأمل، وبناء أول مستوطنة بشرية على الكوكب الأحمر في عام 2117، وبعض الشخصيات تتنقل بسيارات ذاتية القيادة، وأخرى تستقل التاكسي الجوي، وقبل كل ذلك مستشفى الأمراض الجينية، والكثير من سمات المستقبل، ولعل من أبرزها ما تحمله خاتمة الرواية عن حيلة كتابتها، وكيف رأت النور، وبإمكان القارئ استكشاف ذلك عبر مطالعة الرواية كاملة.

وسط تلك العوالم، لا يتخلى المؤلف كعادته عن القضية الكبرى التي عالجها في أكثر من رواية، إذ يفضح من يتآمر على الوطن الذي يبقى مكانه ثابتاً: «يساراً جهة القلب»، وكشف من تآمروا، ومن ستظل هكذا حالهم، فثمة حرب لا تهدأ في الرواية، بين من يعملون للمستقبل، ومن يسعون لتدميره عبر سرقة قاعدة البيانات الجينية، ويُستغل فيها أناس تحركهم أصابع للوصول إلى البيانات الحساسة المطلوبة كي تستفيد بها منظمات إرهابية.

تشويق ومفاجآت

وكما يحاول المؤلف رسم ملامح من الغد، والنسج على منوال الخيال العلمي، يحاول إضفاء أجواء تشويقية، حتى وإن تكثّفت بصورة كبيرة قبل النهاية بقليل، فثمة مفاجآت بالجملة، وبشر بوجوه بريئة يظهرون على خلاف ذلك تماماً، فهم متورطون في مؤامرات أطرافها هاربون بعيداً، ويحركون تلك الشخصيات كما الدمى: «دخلت المكتب، كان جالساً على الأرض محاطاً بعدد من رجال الأمن. نظر إلي بعينين بائستين، مختلفتين عن كل المرات السابقة، وجهه افتقد صرامته المعتادة، لم تعد لحيته البيضاء الكثيفة، ولا التجاعيد العميقة على جبهته توحي بالحكمة والروية والاتزان، ترددت في الحديث، ساد الصمت للحظات، ثم قررت المواجهة بكلمات اختلطت بدموع وبكاء: أنت؟ أنت يا عم فؤاد؟ أنت من تريد سرقة قاعدة البيانات الجينية؟».

ليس العم فؤاد وحده المتورط، فثمة شبكة أخرى، وأسماء تكشف عنها عوالم الرواية التي تمنح دور البطولة للمرأة (سماء)، وكذلك للمستقبل، والسنة المحورية 2025 بشكل خاص، حيث الذكاء الاصطناعي سيكون مسؤولاً عن الكثير، ولن ينجو من محاولات جر البشر إلى الوراء.

يشار إلى أن للدكتور حمد الحمادي إصدارات: «يساراً جهة القلب»، و«لأجل غيث»، و«هل من مزيد»، بالإضافة إلى «ريتاج» التي حازت جماهيرية وانتقلت من الورق إلى الشاشة، عبر مسلسل عرض تحت عنوان: «خيانة وطن».

 لمشاهدة الموضوع بشكل كامل، يرجى الضغط على هذا الرابط.

الأكثر مشاركة