من «قرطاج» إلى «المسرح العربي» وصولاً إلى «الأيام»
«صولو».. تحرر العالم يمر من قلب «زهرة»
احتفت أيام الشارقة المسرحية، مساء أول من أمس، بواحدة من الليالي التي تم استحداثها في الدورات الأخيرة، بأيام الشارقة المسرحية، باستضافتها أفضل عمل مسرحي عربي، هو «صولو» المغربية، التي اقتنصت جائزتين في مهرجان قرطاج، قبل تتويجها بجائزة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، باعتبارها أفضل عمل متكامل في مهرجان المسرح العربي، قبل أن تكون على موعد مع جمهور أيام الشارقة المسرحية.
محمد صبحي: سعيد بجائزة راعيها حاكم الشارقة أعرب الفنان المصري محمد صبحي، عن سعادته بفوزه بجائزة الشارقة للإبداع المسرحي العربي، في دورتها الـ12، مضيفاً «السعادة منشؤها سؤال حيوي مفاده: من الذي يمنحني الجائزة؟ فراعي الجائزة ومانحها هنا هو أديب وفنان حقيقي، ومهرجان أيام الشارقة المسرحية هو من المهرجانات المهمة على مستوى الوطن العربي». وتابع صبحي، في استعراضه تجربته: «المسرح في مصر، وجه يبوح به لعشاقه ومحبيه، فيمنحهم ما يبحثون عنه من فن خالص، ومتعة رائعة، وقيمة إنسانية سامية، ووجه آخر يبحث عن جمهور مغلوب على أمره، يبهره ببريق أضوائه الزاهية التي لا تفضي به إلى شيء». يعرض اليوم: مسرحية «حرب النعل»، من إخراج حسن رجب، وتأليف إسماعيل عبدالله، بقصر الثقافة، لفرقة جمعية دبا الحصن للثقافة والتراث والمسرح. |
وسبقت العرض ندوة تطرق فيها الفنان محمد صبحي، إلى مجمل تجربته المسرحية، بمناسبة فوزه بجائزة الشارقة للإبداع المسرحي العربي، وهي الجائزة التي تم إطلاقها بتوجيهات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى للاتحاد حاكم الشارقة، دعماً للإبداع المسرحي العربي.
ولا يمكن مشاهدة مسرحية «صولو» لفرقة أكون للثقافة والفنون، التي استضافتها أمس خشبة قصر الثقافة بالشارقة، من إخراج محمد الحر، وبطولة آمال بنحدو وسعيد الهراسي وهاجر الحامدي، دون الوضع في الاعتبار لسياق طرح دراماتورجي مقتبس من رواية «ليلة القدر» للطاهر بنجلون، حيث خضعت صياغتها الإخراجية لمسار روائي في نقل قضايا تحرر الذات، والمساواة بين الجنسين، وإثارة أسئلة وجودية تشغل الإنسان، انطلاقاً من موضوع معاناة المرأة من السلطة المجتمعية بمختلف تجلياتها.
تطرح «صولو» الأسئلة، أكثر مما تزعم الإجابة عنها، وهي في مجموعها، أسئلة جوهرية مرتبطة في مستواها الأول، بزهرة أحمد، الشخصية التي تروي شهادتها، لكنها في مستوى ثانٍ، تبقى أسئلة مرتبطة بالمرأة، وفي مستوى ثالث، يبدو كأن معالجة لواقع عربي مترد، هو ما يهيمن على الرؤية، لكن قراءة أكثر شمولية، تقودنا حتماً إلى أن العمل بحث صوفي عن تحرر الإنسان.
وفي زمرة الأسئلة التي تطرحها «صولو» نجد تساؤلاً حين تجد المرأة نفسها في مجتمع ذكوري يرفض إنجاب البنات، وعندما تجبر على أن تكون ذكراً، في لباسها وطريقة تفكيرها ونمط معيشتها لتقتل أنوثتها الفطرية، التي انتُهكت بالأساس في عملية ختان قاسية، حين تعيش برغبة أبيها التي يريدها ذكراً، رغماً عن طبيعتها، لتصبح «أحمد» بدلاً من زهرة.
وانفتح العرض على ديكور غير متكلف، موائم في مجمله لتبدلات الصراع النفسي، خصوصاً الداخلي، لدى «زهرة أحمد»، مقتصداً، متيحاً حرية مناسبة لحركة الشخصيات، عبر منصة تقف خلفها الممثلة الرئيسة، وحاجزان خشبيان، في حين لعبت الإضاءة والمؤثرات الصوتية دوراً مهماً ورئيساً في استدراج المتلقي باتجاه مزيد من التعمق في معاناة زهرة.
وعلى الرغم من أن النص المسرحي معالج من نص روائي، إلا أن المحتوى الدرامي جاء متحرّراً من رائحة الرواية، باستثناء اللجوء إلى سرد، قد يبدو مبالغاً فيه بمقاييس الكتابة المسرحية، في مواضع بعينها، يمكن تبريرها بأن الأمر متعلق بشهادة الفتاة زهرة، من خلال روايتها مسار تحررها في طقس صوفي تتطور فيه الحكاية عبر سبعة أبواب مختلفة.
وعلى الرغم من أن الأسئلة الجزئية العديدة، التي يطرحها العرض، ظلت بحاجة إلى إجابات، ربما من المتلقي نفسه، بعد أن ألح على إثارتها العرض، إلا أن التساؤل الجوهري قد تم استيعابه بالفعل، ضمن رؤية انتصرت لكل الزهرات، وليس لزهرة أحمد فقط، ليكون تحرّر الذات الإنسانية محققاً لدى كل منا، في الوقت الذي تحصل فيه «زهرة» على انعتاقها، وكأن العالم يمر من قلب زهرة ودائرة تحرر ذاتها.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news