سلمى أنور.. «ماتريوشكا.. نساء من داخل نساء»

«ماتريوشكا».. دمية روسية شهيرة بيضاوية الشكل تحمل ملامح وشكل المرأة، لكنها تضم بداخلها دمى عدة متدرّجة الحجم، بحيث تحوي الأكبر والأصغر منها وصولاً إلى أصغر دمية في المجموعة.

واختارت الكاتبة المصرية سلمى أنور هذا الاسم عنواناً لكتابها الجديد «ماتريوشكا.. نساء من داخل نساء»، لوصف عالم المرأة المتداخل والمتعدّد الطبقات.

ومنذ الوهلة الأولى يرسّخ الكتاب لفكرة «الماتريوشكا»، فالإهداء موجّه إلى زينب، ابنة الكاتبة الوحيدة التي تخاطبها «زينبي».. فابنتها تنتمي لها مثلما تنتمي هي نفسها لأمها وأمها لجدتها.

الكتاب الصادر عن دار دلتا للنشر، هو خامس أعمال سلمى أنور الأدبية، حيث صدر لها من قبل رواية «نابروجادا» وكتاب «الله.. الوطن..أما نشوف» وكتاب «الصعيد في بوح نسائه» وديوان شعر «سأعيد طروادة إلى أهلها ثم أحبك».

وينقسم الكتاب إلى قسمين رئيسين: الأول «ماتريوشكات العائلة وأنا»، ويهيمن عليه السرد الذاتي، وفيه تستهل الكاتبة كلامها بعبارة «طالما هيئ لي أن عائلتي مكونة من نساء فحسب»!

وتتابع: «كنت دوماً محاطة بالنساء وأكثر حكاياتي بطلاتها نساء، نساء في خلفيتهن سفر، نساء في خلفيتهن فقر، نساء في خلفيتهن سجون، نساء في خلفيتهن بيزنس، نساء في خلفيتهن رجال..ونساء في خلفيتهن حروب».

وتسرد سلمى أنور في هذا القسم 17 قصة متنوّعة عبارة عن لمحات من حياتها منذ طفولتها المبكرة حتى أصبحت امرأة في منتصف الثلاثينيات.

وتتطرّق إلى علاقتها بوالدتها وعلاقتها بجدتيها، وتذكر بعضاً من حكايات كن يقصصنها. وتسترجع لقطات من طفولتها فتقول: «أذكر غرفة أمي في بيتنا القديم، حيث كانت تلك الأباجورة الملوّنة علبة أسطوانية تمر بين طرفيها من أعلى لأسفل خطوط حمراء وصفراء وخضراء، تدور الأسطوانة فتدور الألوان لتتحوّل غرفة أمي إلى بلاد العجائب الملونة! كنت أنام في ذاك العالم الملوّن عالمة أنه ما دامت هذه الألوان تدور فأنا بمأمن.. لكن عالمي الملوّن لم يصمد أمام اختبارات الحياة طويلاً».

وبأسلوب بسيط سلس تتحدث عن أحداث مهمة فتشير إلى زلزال 1992 في مصر، وتقول: «كنت وسط كل هذا الخراب مشغولة بحذائي الذي ضاع في فوضى الزلزال، ولم يكن بوسعي أن أنضم للنسوة في مدخل العمارة بقدمين حافيتين.. لقد كنت ألعب دور سندريلا في حكاية زلزال القاهرة».

وتركز الكاتبة في روايتها للأحداث على جوانب إنسانية وتفاصيل دقيقة، فتمس حكاياتها الذاتية وتراً في نفس من يقرأ وعاصر هذه الوقائع.

وتقف الراوية شاهدة على أحداث مهمة في مرحلة المراهقة، منها الهجوم على مركز التجارة العالمي في نيويورك عام 2001، وكيف تغير وجه العالم بعدها. كما تتحدث عن التحاقها بفريق التمثيل المسرحي أثناء دراستها الثانوية، وعن الأستاذ (ف) مدرس اللغة العربية.

وبعد التخرج من الجامعة وسفرها لاستكمال دراستها في الخارج، تقص سلمى كيف كان يغلبها الحنين إلى الوطن وإلى الأم فتتصل بها من هاتف عمومي لسماع صوتها فقط ، فتقول: «طوال الليل كنا نقف وحدنا.. أنا بجيوبي الخاوية، الكابينة الباردة جداً، وصوت ماما يمر في صبر عبر كل الأشياء».

أما القسم الثاني فعنوانه «ماتريوشكات من هنا ماتريوشكات من هناك»، وفيه تتحدث من خلال 17 قصة أيضاً عن نساء من خارج عائلتها، من مصر وخارجها، نساء طيبات وأخريات يمتلئن شراً، ولكل منهن قصة حجزت لها مكاناً في التاريخ الإنساني.

تتحدث مثلاً عن الأميرة ديانا التي تحمل قصتها عنوان «طفلة ضائعة على أبواب القصر الملكي»، كما تعرج على إيفا براون عشيقة الزعيم النازي الألماني أدولف هتلر، التي رافقته حتى الانتحار، وأعطت لحكايتها عنوان «سراويل داخلية من مخلفات الحرب»، حيث عُرضت ملابس إيفا براون للبيع بآلاف الدولارات.

الأكثر مشاركة