حوّلت مشكلتها إلى قصة نجاح وأسست جمعية «تلعثم الإمارات»
فرح القيسية: التأتأة «مجرد لهجة أخرى»
بابتسامة لا تفارق شفتيها تقابلك فرح القيسية، تلك الفتاة التي تعاني التأتأة منذ الصغر، وهي حالة لم تعِ أنها مختلفة عن غيرها إلا عندما واجهتها معلمتها في المدرسة في المرحلة الإعدادية باستهزاء. والغريب - حسب القيسية - أن الاستهزاء يأتي عادة من الأقران في المدرسة أو في الحي، لكن الصفعة القوية أن هذا الاستهزاء جاء من معلمتها، وكانت تلك الصفعة كفيلة بأن تنطوي القيسية على نفسها في مرحلة المراهقة، لتمر السنوات بعدها وتصبح القيسية متصالحة أكثر مع ذاتها في مراحل ومحطات أخرى من حياتها. هذا ما كشفت عنه في حوار مع «الإمارات اليوم».
المواجهة
«اسمي فرح قيسية، أعاني التأتأة وأطلب منكم تحملي». تساؤلات كثيرة يحكي الفيلم الوثائقي القصير «مجرد لهجة أخرى» قصة فرح القيسية، وهو فيلم للمخرجتين والمنتجتين خديجة قدسي وسامية علي، وقد تشجعت القيسية كثيراً لفكرة الفيلم، فالسينما قادرة على إيصال تساؤلات البشر والإجابة عنها أيضاً، موضحة أنه «من خلال هذا الفيلم القصير أجبت عن تساؤلات كثيرة قد تدور في ذهن الغالبية، وقدمت تجربتي التي جعلتني على ما أنا عليه الآن». ومن الجدير بالذكر، أنّ الفيلم شارك في مسابقة الأفلام الوثائقية القصيرة في مهرجان مالمو السينمائي في السويد العام الفائت. مستشارة بالإضافة إلى وظيفتها في إحدى الشركات في أبوظبي، تعمل القيسية مستشارة للعديد من البرامج، منها «e7 بنات الإمارات»، وهو برنامج يشجع بنات الإمارات على تنمية المبادرات لكي ينفعن مجتمعهنّ. و«Flat6Labs»، وهو برنامج احتضان الأفكار المبتكرة في أبوظبي، إضافة إلى كونها سفيرة الدولة في «WeAreTheFuture»، وهي منظمة عالمية لريادة الأعمال الشبابية. |
«اسمي فرح قيسية، أعاني التأتأة وأطلب منكم تحملي». بهذه الكلمات بدأت فرح مسيرتها الجامعية وكسرت حاجز الرهبة الذي كانت تقف عنده، لتنطلق في ما بعدها بصوت أعلى وأكثر جرأة عندما وضعت هدفاً واضحاً نصب عينيها، أن يكون صوتها امتداداً لكل المتلعثمين. «صوتي واضح وعندي ما أقوله»، حيث كانت الانطلاقة الأولى لها، وذلك بتأسيس جمعيتها غير الربحية في العاصمة أبوظبي تحت اسم «تلعثم الإمارات».
طفولة ومراهقة
تتحدث فرح عن طفولتها عندما وجدت في تلعثمها ما يميزها عن أقرانها، ولم تجد في ذلك عيباً بل شعرت بأنها مميزة عن الآخرين، حيث تؤكد أن دراستها الابتدائية انقضت بيسر وسهولة في جو من المرح واللعب، لكنها أدركت بعد ذلك أن اختلافها لم يكن ميزة بنظر معلمتها في المرحلة الإعدادية في الصف السابع، عندما سخرت منها أمام زملائها، في الوقت الذي كان من المفترض أن يكون لها دور داعم في مرحلة المراهقة التي يحتاج فيها الطفل إلى الدعم والتوازن النفسي. تقول: «عشت مرحلة الانعزال الاجتماعي، ولم تكن مرحلة متوازنة، حيث إنها مرحلة انتقالية عمرية محرجة، وكنت أحتاج فيها إلى الدعم المعنوي والنفسي».
لكن هذا الانعزال سرعان ما تحوّل إلى ثقة وقوة عند دخولها الجامعة، عندما قررت التصالح مع لعثمتها، وتقبلها من خلال إظهار نفسها، وعدم التردد، وأطلقت عليها «لهجة أخرى»؛ لذلك رفعت صوتها قائلة: «نحن نتقبل اللهجات المختلفة والمتنوعة، فلماذا لا نعتبر التلعثم لهجة أخرى؟» وأضافت: «لدينا الصوت، وعلى المتلقي الصبر».
فكرة الجمعية
ومن هذا الإحساس جاءت فكرة تأسيس جمعية خاصة غير ربحية تسلط الضوء على حياة المتلعثمين في الدولة، حيث وجدت القيسية أن «نسبة التلعثم في العالم لا تتجاوز 1%، وإذا ما قمنا بحساب النسبة والتناسب بالنسبة لسكان الدولة، فإن عدد المتلعثمين يصل تقريباً إلى 100 ألف متلعثم؛ لذلك قمت، وبدعم من أبي بتأسيس جمعية (تلعثم الإمارات) التي تهدف إلى تعزيز الثقة بالنفس عند المتلعثمين، من خلال البحث عن طاقاتهم الإبداعية وتنميتها لتكون جزءاً مسانداً لتلعثمهم، مؤكدة أن العام 2013 شكّل مرحلة مفصلية في حياتها، حيث كان عليها أن تواجه المجتمع عبر توعيته بمرض التلعثم وتقبله، وإيجاد الحلول التي من شأنها تخفيف تلك المعاناة. وقد كان لحصولها في العام الفائت على (وسام أبوظبي) من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان،ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة ، أثر كبير في نفسها، ومحفّز لطموحها في توسيع عمل الجمعية على مستوى الدولة، وذلك ليصل صوتها إلى كل المتلعثمين».
أبي وفقدان أخي
كان لفقدان فرح شقيقها منصور بحادث مأساوي أثر عظيم في نفسها، حيث كان منصور الشقيق الأقرب إليها والداعم لها دائماً، ما أصابها بالإحباط. تقول: «اعتقدت أنني سأعود إلى انطوائي مرّة ثانية، ففقد شقيقي لم يكن أمراً سهلاً، لكن الغريب أنّ قوة كبيرة تملكتني، وأحسست به يدعمني بطريقته الخاصة». وأضافت: «لدي عائلة محبة، وقد كان أبي الداعم الأول لي معنوياً ومادياً حتى هذه اللحظة، ولم يتأخر في الوقوف إلى جانبي وتحقيق ما أبتغيه»، مؤكدة أن الحياة مراحل، وكل مرحلة نمر بها مهما كانت مليئة بالخيبات أو بالوجع هي تجربة علينا أن نجتازها بحلوها ومرها، لنكون على قدر ما نطمح في بناء مجتمعنا، وفي بناء وطننا».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news