«موسوعة المرأة الإماراتية».. نساء رفضن العيش على هامش الحيــاة
قالت الدكتورة رفيعة غباش، إن «موسوعة المرأة الإماراتية» التي أنجزتها أخيراً، هي توثيق لسيرة نساء الإمارات اللاتي أبين العيش على هامش الحياة. موضحة أنها عملت على تنفيذ الموسوعة بالتعاون مع أستاذة العلوم السياسية الدكتورة مريم لوتاه، لمدة 10 سنوات، حيث بدأت العمل فيها عام 2008، وانتهت في العام الجاري، وهي توثق حضور المرأة في المجتمع الإماراتي منذ عام 1900.
رائدات
استعرضت د.رفيعة غباش، أرقاماً عن النساء الرائدات في مجالات مختلفة، ففي مجال التعليم ذكرت الموسوعة 24 مطوّعة كنَّ يعلمن الفتيات في الكتاتيب، من أشهرهن عفراء الفلاسي، وموزة الظاهري، وفاطمة بنت الزينة، و19 رائدة في مجال التعليم. وفي الأدب تم توثيق مسيرة 66 أديبة، منهن 29 شاعرة، و32 أديبة، وناقدتان، وثلاثاً عملن في التوثيق، وثلاثة صالونات أدبية. وفي الطب ذكرت 57 طبيبة رائدة، وخمس ممرضات رائدات، و10 معالجات شعبيات، وفي الهندسة 46 مهندسة رائدة، وفي الإعلام 19 إعلامية رائدة، أما في الاقتصاد فوثقت الموسوعة حضور النساء في هذا المجال في مرحلة قبل الخمسينات، حيث عملت نساء بالتجارة أو امتلكن سفناً، ثم فترة الستينات، ثم المرحلة الحالية، وفي مجال الفن ذكرت 10 فنانات رائدات. وفي الفنون التشكيلية والبصرية 33 فنانة. وفي ختام المحاضرة أهدت غباش الموسوعة للشيخة سما بنت محمد بن خالد آل نهيان. 990 اسماً تضمها الموسوعة. |
وأكدت غباش أن الموسوعة تشمل 16 فصلاً، ويصل عدد النساء اللاتي ذكرت سيرهنّ في الموسوعة 990 امرأة، بداية من الشيخة سلامة بنت بطي، وصولاً إلى روضة السركال، الفائزة ببطولة العالم للناشئين تحت ثماني سنوات في الشطرنج. وتوقفت غباش خلال المحاضرة التي عقدت مساء أول من أمس، لتدشين «موسوعة المرأة الإماراتية» تحت عنوان «من حكمة سلامة بنت بطي لرؤية أم الإمارات»، في جناح مؤسسة «بحر الثقافة»، في معرض أبوظبي للكتاب، بحضور الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح، والشيخة شما بنت محمد بن خالد آل نهيان، ضم سيرة الشيخة سلامة بنت بطي، التي عرفت بـ«أم الشيوخ»، وهي ابنة المغفور له الشيخ زايد الأول، الذي حكم أبوظبي من 1855 إلى 1909، وهي زوجة المغفور له الشيخ سلطان بن زايد بن خليفة، ووالدة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، وعرف عنها حكمتها وقوة شخصيتها وسداد رأيها، ومكانتها الرفيعة لدى والدها وأشقائها وأسرة آل نهيان، كما أظهرت شجاعة ورباطة جأش بالغتين في مواجهة التحديات، خصوصاً أن إمارة أبوظبي شهدت في تلك المرحلة تحولات عصيبة من الصراع السياسي، ولكن حكمة الشيخة سلامة مكّنتها من أخذ العهود من القبائل، باحترام مصلحة الوطن، وجمع شمل أسرة بني ياس، كما أخذت من أبنائها عهداً بأن ينتقل الحكم بينهم بالتشاور، فأنهت بذلك مرحلة من العنف عاشها جيل زوجها.
وتوقفت الدكتورة رفيعة غباش أمام سيرة الشيخة حصة بنت المر، زوجة المغفور له الشيخ سعيد بن مكتوم، حاكم دبي 1912 إلى 1958، وأم المغفور له الشيخ راشد حاكم دبي من 1958 إلى 1990، التي اقترن اسمها بالحكمة، وإسهامها في استقرار دبي، من خلال مواقفها الداعمة لزوجها، وتهيئة ابنها الشيخ راشد لحكم الإمارة فيما بعد، ويذكر معاصروها مواقف عدة لها، من بينها تعاملها بحكمة مع مطالب التجار في دبي عام 1938، وتفاهمها معهم حتى انتهت الأزمة، وعاد النشاط الاقتصادي مجدداً. مشيرة إلى أن هناك وثائق تشير إلى شخصيات نسائية في تاريخ الإمارات، كان لها تأثير في القرار السياسي، لما تميزت به من قوة الشخصية والحكمة وسداد الرأي والقرب من المجتمع، ومنهن: الشيخة ميرة بنت محمد بن سالم السويدي، والشيخة عائشة بنت محمد بن علي هويدن، والشيخة لطيفة بنت حمدان آل نهيان.
«أم الإمارات»
وأشارت غباش إلى الدور البارز الذي لعبته سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك (أم الإمارات) في تاريخ الإمارات، وما تميزت به من حضور استثنائي، حيث جمعت بين قوة الشخصية والقدرة على إحداث التغيير، واستطاعت تطويع الثقافة القبلية لتستوعب المستجدات، كما اهتمت سموها بتشجيع المرأة على إبراز مهاراتها القيادية في مجالات متعددة، إلى جانب حرصها على الجمع بين الحفاظ على الموروث، والتحرك بفاعلية نحو المستقبل، بما يمثل أرضية صلبة ودافعة للمرأة على صعد التعلم والتمكين الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والقانوني. وتطرقت غباش إلى ما ورد في الموسوعة عن الجمعيات النسائية التي أسهمت في النهوض بالمرأة والمجتمع، وكذلك الجمعيات التي أنشأتها سيدات، ولم يقتصر اهتمامها على العمل النسائي فقط.
دور سياسي
وأشارت غباش إلى أن المرأة الإماراتية كان لها دور سياسي منذ عقود طويلة، حيث شهدت مجتمعات الإمارات أثناء فترة الاستعمار البريطاني أنماطاً من المقاومة الوطنية للاستعمار، وقامت المرأة فيها بدور بطولي، حيث شاركت الرجل في عام 1918 في التسلل عبر أسوار رأس الخيمة، لتنقضّ على القوات الغازية، وتلحق خسائر بها، قبل أن ينتبه العدو ويفتح نيران مدافعه، فتسقط النساء إلى جانب الرجال، وهي واقعة ذكرت في مجلة العربي الكويتية. كذلك تفاعلت نساء الإمارات مع الحسّ العربي المناهض للاستعمار، وبادرت شخصيات نسائية بكتابة رسائل إلى الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، عبرنَ فيها عن مساندتهنّ لمصر ضد العدوان الثلاثي في عام 1956. وعلى المستوى الاجتماعي تطرقت لشخصيات نسائية تميزت بعطائها وفكرها وثقافتها، مثل الشيخة شيخة بنت سعيد، والشيخة عوشة بنت شخبوط، والشيخة عوشة بنت محمد، والشيخة ميثاء بنت محمد، والشيخة صبحة الخييلي، إلى جانب فاطمة بنت سعد، التي كانت امرأة بسيطة تعمل لدى آل نهيان، واستفادت من ذلك في مساعدة الناس وعمل الخير.