تجربة إحدى زهرات «تحدي القراءة العربي»
«مذكرات» هند المرموم.. أكبر من «الثانوية العامة»
تجربة واعدة، ويوميات إحدى زهرات «تحدي القراءة العربي»، وسفر عفوي بين مدن، وكذلك بين عوالم روايات وقصص.. يحفل بها كتاب «مذكرات فتاة الثانوية العامة» للإماراتية هند المرموم، التي تبدأ الحكاية من مخاوف فتاة على أعتاب المستقبل، وتحديد المصير، في المرحلة الفارقة التي تسمى الثانوية العامة.
تدوّن هند في «المذكرات» الصادرة عن دار كتّاب، حالة التوجس الأولى التي دفعتها بالأساس إلى الكتابة، وطلب الخلاص والتحرّر بتلك الوصفة السحرية، وكأن السكينة والسيطرة على الذات مرتبطة بالفضفضة، وعرض التجربة، حتى ولو رآها البعض بسيطة، بصدق، كما هي، بلا تصنع أو محاولة إضفاء هالات عليها.
تختصر هند في «مذكرات فتاة الثانوية»، التي تقع في 268 صفحة، حكايا مشابهة ربما، ترسم صورة مفصلة عن ابنة الـ17 التي تجاوز وعيها عمرها، فثمة عين ترنو إلى أبعد من تلك المرحلة، تعايش «منطق الطير» لفريد الدين العطار، و«أم النذور» لعبدالرحمن منيف، و«القندس» لمحمد حسن علوان، وتعرب الفتاة عن حلمها المشروع في أن يقرأ لها يوماً كتاب عالميون شكلوا جزءاً منها: «أنا سعيدة جداً بلغتي العربية، وددت لو كان بإمكاني كتابة قصة ملهمة ومشوقة تترجم لجميع اللغات العالمية، ليقرأ لي كويلو وإيرابيل الليندي كما أقرأ لهم».
تدارك ما فات
شاركت هند في مسابقة تحدي القراءة العربي في دورتها الأولى، كما تروي في مذكراتها، ونجحت في أن تكون ضمن الـ10 الأوائل على مستوى دبي، وتفصّل هنا حكايتها، وانتقالها من المطالعة بالإنجليزية، والفرنسية أحياناً، إلى القراءة بالعربية، وعشقها بعد ذلك لأسماء عربية، قديمة ومعاصرة، حرصت على أن تصاحبهم من جديد، وتطالع ما أنجزوه من معارف وآداب، ومنحت الأولوية للغتها العربية، لتتدارك ما فاتها، رغم أنها في سن مبكرة، وذلك ما فتح أمامها الباب لتحسين قدراتها، والكتابة باللغة العربية، مع مواصلة الأحلام: «راودتني فكرة أن أقوم بترجمة عمل لم يسبقني أحد آخر لترجمته.. وبالأخص صالح علماني».. علماني ــ بجلالة قدره ــ وليس اسماً آخر، ترجمة عملين أو حتى 10، وهو طموح يحتاج إلى الكثير لتحقيقه.
في تلك الآونة، تغيّرت قناعات الفتاة هند، لاسيما في ما يتعلق باللغة العربية، التي يجافيها كثيرون من أبناء وبنات جيلها، ممن تعلقوا بلغات أخرى مرتبطة بأنماط مغايرة، لتوقن بأن: «قراءة الكتب العربية، ليست مضجرة أو شديدة التعقيد... أصبحت مكتبتي تحوي العديد من الكتب العربية، بعد أن أزحت الكتب الإنجليزية والفرنسية جانباً حتى إشعار آخر... لازالت الكتب الأجنبية التي اقتنيتها من مكتبات باريس خلال الإجازة الصيفية في قائمة الانتظار، أؤجل قراءتها من حين لآخر».
وفي أقرب رحلة، بدلاً من أن تملأ حقيبتها بملابس ولوازم السفر، عبأتها بصديقاتها الجديدات، وملأتها بالكتب: «ذعرت أمي من وزن الحقيبة الثقيل جداً، وطالبتني بالاكتفاء بكتاب أو اثنين فقط».
رائحة الجنة
تبدو الكتب بطلة حكايات هند ويومياتها، تتقدم على كل شيء في «مذكرات فتاة الثانوية العامة»، إلا أن الطموحات ومحاولة تحصيل الدرجات والتفكير في مرحلة الجامعة تعد شريكاً في البطولة أيضاً، وكذلك الأجواء الأسرية، بداية من حالة الارتباط بالأم (رائحة الجنة)، مروراً بالأخوات، وصولاً إلى مقاعد الدراسة، ومشاكسات الصديقات، وكذلك نصائح المعلمات، وانتقادهن أحياناً، وتحضر كذلك لحظات ألم عابرة.
وكما لا تخلو البدايات من وضع الأهداف والسبل لتحقيقها، لا تغيب كذلك عن نهاية «مذكرات فتاة الثانوية» التي تعلن بتحدٍ أنها ستستمر في محاولاتها، لاسيما في يتعلق بحلم القراءة والكتابة، وتطوير الذات: «لن أتردد، سأحاول أن أصدر مؤلفات جيدة، ولن يثنيني النقد السيئ أو التقاعس عن المحاولة».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news