من ندى الماضي
من ضراعات متهم بالزندقة
مثل عديدين في تراثنا العربي، عانى الكاتب أبوحيان التوحيدي، التفتيش في صدره والقدح في ما يحمله من اعتقاد، ورمي بتلك التهمة الجاهزة (الزندقة)، وربما في ابتهالات الرجل وضراعاته ما يرد على هؤلاء، وهنا بوح منكسر، للتوحيدي الذي يرفع يديه لمولاه، ويدير ظهره لكل من سواه: «إلهي كل ما أقوله فأنت فوقه، وكل ما أضمره فأنت أعلى منه، فالقول لا يأتي على حقك في نعتك، والضمير لا يحيط بكنهك، وكيف نقدر على شيء من ذلك، وقد ملكتنا في الأول حين خلقتنا، وقدرت علينا حين صرفتنا، فالقول وإن كان فيك فهو منك، والخاطر وإن كان من أجلك فهو لك. من الجهل أن أصفك بغير ما وصفت به نفسك، ومن سوء الأدب أن أعرفك بغير ما عرفتني به حقيقتك، ومن الجرأة أن أعترض على حكمك وإن ساءني، ومن الخذلان أن أظن أن تدبيري لنفسي أصلح من تدبيرك. كيف يكون هذا الظن صواباً والعجز مني ظاهر، والقدرة منك شائعة؟ هيهات! أسلمت لك وجهي سائلاً رفدك، وأضرعت (أخضعت) لك خدي طالباً فضل ما عندك، وهجرت كل من ثنى (مال) بي إلى غيرك، وكذبت كل من أيأسني خيرك، وعاديت فيك كل من أشار إلى سواك».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news