5 مبدعات إماراتيات يحملن الكـــــاميرا.. للاحتفال بقيم الاتحاد
في تجربة غير مسبوقة وبتمويل فردي وجهود شخصية، قررت خمس مصورات إماراتيات، إقامة معرض للتصوير الفني، تعبيراً عن حبهن للوطن وانضوائهن تحت رايته الموحدة، في الوقت الذي جسدت إبداعاتهن المعروضة على مدى أيام المعرض، الذي افتتح بعنوان «صور إماراتية» في 25 نوفمبر ويختتم بعد غد، ولاءهن للقيم الحضارية والإنسانية للمجتمع الإماراتي، من خلال توثيق أروع انعكاساته بضوء العدسة هذه المرة، في الوقت الذي احتضن «سنترال بارك» بمركز دبي العالمي باقة احتفالاته بالعيد الوطني في المكان نفسه الذي عرضت فيه صورهن، تعبيراً عن دعم قائميه للتجارب الإماراتية الأنثوية، ودفعها نحو مزيد من النجاح.
مبادرات جريئة
يضرب عشق التصوير لدى منى التميمي بجذوره في أعماق الطفولة اليافعة، التي اندفعت فيها منى مبكراً نحو سحر الكاميرا، فانخرطت في طريق الاكتشافات، وتقول «رغم عشقي القديم للصورة، إلا أنه لم تتح لي فرصة لعرض أعمالي إلا من خلال (انستغرام)، الذي سرعان ما فوجئت فيه بردود الأفعال الإيجابية التي تناولت بعض الجوانب التقنية للصور وحسن انتقائي للزوايا»، وتضيف أنها قررت المضي قدماً وانضمت إلى فريق «عدسة الإمارات»، وشاركت معهم في عدد من الورش التي أتقنت الاستفادة منها، كما أتيحت لها فرصة المشاركة في عدد من الرحلات التصويرية مع فرق مختصة كان أبرزها تجربة «آيسلاند» ومن بعدها «النيبال»، وتوافرت لها فرصة المشاركة في معرض (سكة 2018)، لتصل أخيراً إلى هذا المعرض الذي يجمع تجارب خمس مصورات إماراتيات تحت عنوان «صور إماراتية»، ليكون رسالة احتفاء أنثوية بذكرى الاتحاد.
التميمي كشفت لـ«الإمارات اليوم» أن أعمال هذا المعرض اعتمدت تقنية «اليوفي برينتينغ» التي تعتمد في طباعتها على صفائح خاصة من الألمنيوم، وتستعمل للمرة الأولى في المعارض الفنية بدبي، قائلة «هي مبادرة جريئة نوعاً ما، على اعتبار الأبعاد الجديدة التي تبرزها للأعمال المصورة، وهو إنجاز لم نتوقع أن يضيف هذا القدر من الجمالية والتميز للأعمال الفنية، التي تنوعت ما بين صور الحرف اليدوية والأعمال التقليدية وبعض صور الحياة الطبيعية الإماراتية التي توازت مع مشاهد الحياة العصرية في الإمارات».
رسائل بصرية
تسعى الدكتورة منى بالفقيه، إلى تجسيد الجمال بلغة الألوان، وانعكاسات الضوء اللذين تراهما منى ضرباً من التعبير عن المشاعر و«النظرة الخاصة التي يحملها المبدع للعالم»، فتقول «نرتقي اليوم إلى شكل جديد من أشكال الصورة التي تلتقط اللحظة وتتخاطب مع محيطها، إذ تضيف الأعمال الفنية المطبوعة على الألومنيوم بعداً مختلفاً على شكل وحياة الصورة، فتبدو فيها الخواتم والأيادي والألوان وبقية العناصر الفنية ساطعة، تحاكي الناظر للعمل الفني عبر انعكاسات وقراءات وربما أمزجة متباينة ما بين شمس الصباح وضوء النهار ونور المصابيح».
وتتابع أن «التجديد في الرسالة البصرية ومضامين الخطاب الفني، أكثر ما يميز الأعمال المعروضة التي تخاطب الحواس بشكل مختلف، فالفكرة ليست مجرد عرض لأعمال تصويرية، بقدر ما هي تكريس لرسالة مختلفة تحاكي المشاهد عبر إبداعات فنية محضة».
وحول اللقاء الخماسي الذي جمعها بالمصورات تقول بالفقيه «لدينا تواصل عبر أكثر من فريق إبداعي، لكننا اعتمدنا هذا العام على روح كل مبدعة وتعلقها بشغفها من جهة، وإضافتها في عالم التصوير من جهة أخرى، بشكل أردناه متنوعاً ومكرساً للبصمة النسائية بمختلف تفاصيلها». وتأمل بالفقيه أن يكون هذا المعرض بداية لمعارض قادمة «تبرز دور المرأة في عالم التصوير وتكرس الصورة كعمل فني وإبداعي متكامل».
«عروس الماضي»
من جهتها، تحتفظ المصورة وكيميائية الأغذية مريم شاهين عبدالله بأول كاميرا اقتنتها من مصروفها الخاص، كما تستذكر أولى خطواتها الجدية في هذا العالم الذي ورثت شغفه عن والدتها، محققة بعد سنوات طويلة من الممارسة والتكوين الفردي قفزة نوعية، وصفتها بالاستثنائية، وكانت فيها معلمة نفسها: «لم أكن أستعين إلا بإحساس الصورة الذي دفعني دوماً إلى توثيق اللحظة التي تلهمني، فرحت أنهل من الفيديوهات التعليمية على (يوتيوب)، بعدها شاركت مع فريق (عدسة الإمارات)، كما تنقلت بين مختلف بلدان العالم لتوثيق أجمل اللحظات وتكريس بصمتي الخاصة».
وحول مضمون الصور التراثية التي شاركت بها رأت شاهين في صورة «عروس الماضي» التي التقطتها من مشهد تمثيلي «لليلة الحنة» التي احتضنتها جامعة الشارقة، أيقونة العرس الإماراتي التقليدي، في الوقت الذي أرفقت تجربتها في توثيق المشهد التراثي الإماراتي بصورة «فن حياكة النول» وصورة «نقش الحناء التراثي» التي احتضنها رواق المعرض الجماعي.
شغف التفاصيل
من خلال مشاركتها بأربع لوحات، تصرّ سهام محمد إبراهيم، أمينة المكتبة في معهد تدريب المعلمين في عجمان، على أنها لم تتقن شيئاً في حياتها أكثر من فن التصوير، الذي استلهمت عشقه من بيت عائلتها المطل على البحر في الشارقة، وتعلمت أسسه على مقاعد الإعلام، فسعت إلى تطوير مواهبها فيه عبر صور «البورتريهات والسيتي سكايب»، وانحازت لاحقاً إلى الترحال لالتقاط أجمل صور الطبيعة الخلابة، بعد أن نجحت في استمالة زوجها الذي شاركها تجربة أسفارها، وتقول «دفعني حبي للطبيعة إلى السفر حول العالم، فزرت البوسنة وأستراليا وأذربيجان وقيرغيزستان والأردن وسورية، كما سافرت خمس مرات متتالية هذا العام إلى صلالة». وأضافت «اتجهت في هذه الفترة إلى تصوير الحياة البرية ومختلف أنواع الطيور التي تزخر بها منطقة وادي نحيز جنوب سلطنة عمان، في الوقت الذي تجذبني مظاهر التراث والحداثة في الإمارات، خصوصاً أيقونات العمارة العصرية في دبي، ما يحثني على التنقل بين أرجاء الدولة لالتقاط التفاصيل التي تستوقفني، مهما كان موضوعها».
صناعة الفرص
ما بين فن «البورتريه» والمناظر الطبيعية الخلابة، تنقلت تجربة المصورة مريم السويدي، رئيسة قسم المحتوى المعرفي بوزارة الثقافة وتنمية المعرفة، التي دخلت عالم التصوير بتأن في البداية، ولكن بثبات وإصرار على بلوغ الأهداف، فبدأت بالانضمام إلى المنتديات والدورات التدريبية، لتقرر بعدها توسيع مشاركتها عبر منصة هذا المعرض الجماعي الذي وصفته بالقول «سعيدة بهذه الفرصة التي صنعناها لأنفسنا، وهذا لقاء لا يمكن وصفه إلا بالمثمر، لما يطرحه من حيز للقاء المصورين والمحترفين وتبادل الآراء والأفكار والاقتراحات وحتى تلقي النقد البناء». وأضافت «لا أخفي سعادتي برأي الفنان الإماراتي جاسم العوضي وعدد من المصورين الإماراتيين الآخرين لاهتمامهم ودعمهم لنا». وحول المكانة التي يحوزها التصوير في حياتها قالت مريم: «غيَّر هذا الشغف منظاري للأشياء من حولي، فاتجهت إلى البحث عن جوهر الأشياء والقصص النابعة منها، ودفعني فضول التفاصيل إلى تحليل المعطيات البصرية التي تصادفني، بالإضافة إلى شغف القراءة الذي يحثني على الاطلاع على مختلف التجارب الإبداعية الأخرى من حولي لتطوير تجربتي».
عشق
تربط منى التميمي، بين ميدان عملها نائب الرئيس للتسويق والاتصال المؤسسي في «ديار» للتطوير، وبين ميدان التصوير الذي تهواه، والذي تجده ضرباً من الإبداع الذي يتناسب مع موهبة الإبداع في تسويق مادتها للناس، وعلى الرغم من ضيق الحيز المتاح، فإنها تتقن إدارة وقتها وأولوياتها للانغماس في عشق التصوير.
دلالات لغوية ولونية
في تنقلها بين ردهة الفن التشكيلي وعوالم الصورة، تنشغل الدكتورة منى بالفقيه، الأستاذ المساعد في قسم اللغويات والاتصال بجامعة خليفة، بحوار الماضي والحاضر، ومقومات التراث وخط الأصالة، اللذين ظلت وفية فيهما لشخصية باحثة «اللسانيات» التي تدرس العلامات والأدلة اللغوية، وتقول: «أعشق اللحظة الماضية وأبحث في مكنوناتها، وهذا وجه من وجوه شخصيتي الفنية».