عبر حزمة من المشروعات والرؤى والمبادرات البارزة
إحسان الميسري: الإمارات تسير نحو الاستدامة الثقافية بخطوات ثابتة
أكدت الباحثة والإعلامية، الدكتورة إحسان الميسري، أن دولة الإمارات تسير نحو الاستدامة الثقافية بخطوات ثابتة، إذ تشهد حالياً مرحلة من شأنها أن تمهّد للاستدامة الثقافية، التي تعتمد على أطراف فاعلة ومؤثرة عدة في المجتمع وهي: الدولة ممثلة في مؤسساتها الثقافية والفكرية، ومنظمات المجتمع المدني، ووسائل الإعلام المختلفة، مشيرة إلى ضرورة عدم التركيز على الثقافة فقط خلال مواسم بعينها، وعدم المبالغة والتضخيم في ما يتم تقديمه من منتج ثقافي عبر الترويج وتسليط الضوء عبر وسائل الإعلام المختلفة، والعمل على تحقيق الاستمرارية والتنوع في ما يتم تقديمه من نشاط ثقافي.
وأوضحت الميسري، في حوارها مع «الإمارات اليوم»، أن الدراسة التي تعد جزءاً من أطروحتها لنيل درجة الدكتوراه في الجامعة الإسلامية العالميّة بماليزيا، تحت عنوان: «تحولات الدولة الريعية وانعكاساتها على البنية الاجتماعية - السياسية.. دولة الإمارات نموذجاً»، تركز على دور الإمارات في تعزيز وتفعيل التنمية الثقافة وإكسابها زخماً مجتمعياً، بعد أن أصبحت الثقافة عنصراً أصيلاً في تعزيز التنمية بأبعادها المختلفة. وأضافت أنه لتحقيق هذه الأهداف تبنت الدولة عدداً من السياسات والتوجهات، التي من شأنها أنْ ترسخ الحراك الثقافي والفكري في المجتمع، من خلال منظومة ترتكز على قواعد واضحة ومحددة، من بينها إصدار قانون القراءة الإلزامي في عام 2016، إذ أحدث نقلة نوعية في الحياة الثقافية بالدولة، وتنشيط الحياة الثقافية والفكرية والفنية عبر تنظيم جملة من الفعاليات المختلفة، بما فيها معارض الكتاب، وإطلاق الجوائز الثقافية والفكرية.
توجّه وطني
أوصت الميسري في دراستها بربط التنمية المستدامة، التي تمثل توجهاً وطنياً في الدولة، بالثقافة بأبعادها الفكرية والإبداعية والفنية كافة، لتدشين مرحلة تاريخية مهمة، في ظل ما تشهده الدولة من تطورات دقيقة على الصعيدين الداخلي والخارجي؛ مثل التحولات التي تتعلق بالتعليم والتنمية البشرية والمجتمعية، والجوانب الاقتصادية والتنموية وتسير بخطوات متسارعة وغيرها، لافتة إلى أن المشهد الثقافي المتنامي يحتاج إلى شحذ كل الإمكانات المادية والمعنوية للانتقال بالمجتمع نحو أفق ثقافي منفتح على الآخر، وتقديم الدعم الكامل للمواهب الشابة للولوج إلى آفاق الثقافة والفكر الرحبة، من خلال المنح الدراسية في مجالات الثقافة المختلفة، وفتح المجال لهؤلاء للمشاركة والتطوع في تنظيم الفعاليات الثقافية والفكرية والفنية، علاوة على ذلك دعم المشروعات الثقافية الناشئة، لتعزيز التوجه الثقافي والفكري للمرحلة المقبلة.
ودعت الباحثة إلى إبراز إسهام التوجه الحكومي الداعم للشأن الثقافي في تعزيز وتفعيل مشاركة المواطنين في الحياة الثقافية، وإمكانية ربطه بالتنمية المستدامة، واستعراض سمات التوجه الرّسمي الثقافي، وبيان دوره في ترسيخ التنمية الثقافية في المجتمع، والتعرف إلى مدى إمكانية أن تسهم المؤسسات الثقافية في تعزيز التنمية الثقافية، إلى جانب استعراض أبرز التحديات والمعوقات، التي تحدُّ من استكمال المشروع الوطني الثقافي والفكري في المجتمع.
مبادرات غير مسبوقة
وأوضحت الميسري أن التوجّه الحكومي للمنظومة الثقافية للدولة يرتكز على العمل على بلورة سياسات ثقافية جديدة، لتعزيز الجهود المبذولة، بهدف تعميق الوعي الثقافي والحضاري لدى أفراد المجتمع، ومحاولة تأسيس قاعدة ثقافية بكل تجلياتها الإبداعية والأدبية والفنية، تتجسد في حزمة من المشروعات والرؤى والمبادرات الرامية إلى تطوير العمل الثقافي في جميع أنحاء الدولة، وإطلاق مبادرات غير مسبوقة على مستوى العالم العربي، مثل مشروع «كلمة» للترجمة الذي انطلق عام 2007، ويعد المشروع الأضخم عربياً في مجال الترجمة، ومبادرة تحدي القراءة العربي، التي تهدف إلى تشجيع القراءة في العالم العربي، من خلال التزام مليون طالب عربي بقراءة 50 مليون كتاب عربي، خلال العام الدراسي الواحد، بالإضافة إلى إطلاق الجوائز الثقافية والأدبية ومعارض الكتب والمعارض الفنية والتشكيلية المختلفة والمهرجانات الموسيقية ومهرجانات السينما والمسرح، وندوات ومؤتمرات دولية معنية بالثقافة والإبداع.
ونوهت بانتشار الصالونات الأدبية في الدولة؛ ما يمثل دلالة على بداية نضوج الحياة الثقافية والفكرية فيها، إذ تسهم هذه الفعاليات في تبادل الأفكار وتنمية الثقافة وحب المطالعة، فضلاً عن إغناء النقاش الحر بين أفراد المجتمع.
تقدير
واعتبرت الباحثة الإماراتية أن انتخاب أهم مؤسسة ثقافية عربية، وهي الاتحاد العام للأدباء والكتّاب العرب رئيس اتحاد كتّاب وأدباء الإمارات أميناً عاماً للاتحاد العام في 2015، جاء اعترافاً عربياً بالإمارات كمركز للفعل الثقافي العربي، كما يأتي ذلك انعكاساً لرغبة الأدباء والكتّاب العرب في دعم الحراك الثقافي في الإمارات، والإسهام في دفع الحراك الثقافي الخليجي إلى مستويات جديدة، وعزز هذه المكانة إعلان صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، عن تكفله بتأسيس مقر دائم للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، ليكون مقراً للتواصل وحاضناً لأنشطته الثقافية المتنوعة، ولدعم مسيرته الأدبية وإنتاجه الثقافي.
ولفتت الميسري إلى أن الاهتمام بالثقافة في الإمارات لم يهمل الموروث الثقافي الإماراتي الغني، الذي يتكئ على التراث والشعر تحديداً «فهناك اهتمام خاص يحظى به الشعر، مثل تأسيس أول أكاديمية من نوعها للشعر في دولة الإمارات بشقيه (الفصيح والنبطي) عام 2007، إضافة إلى تخصيص جوائز عربية في مجال الشعر مثل (شاعر المليون) و(أمير الشّعراء)، فضلاً عن الاهتمام بالتراث بأشكاله كافة، مثل التاريخ الشفاهي، وإصدار العديد من المجلات المعنية بالشعر والتراث الشعبي، إلى جانب عدد من الملاحق الثقافية في الصحف المحلية.
قانون
أشارت الدكتورة إحسان الميسري إلى أن إصدار قانون القراءة، في عام 2016، شكل علامة فارقة في ما يتعلق بالتنمية الثّقافيّة التي تسعى الدولة لتحقيقها، وتحسين المستوى الثقافي للفرد وتعزيز دوره في المجتمع. كما مثل «عام القراءة 2016» تظاهرة معرفية اتسمت بالزخم والتنوع، إذ تمت بلورة خطة استراتيجية لجعل القراءة أسلوب حياة في المجتمع الإماراتي، وتم أيضاً إطلاق صندوق وطني لدعم مشروعات ومبادرات القراءة، إلى جانب إصدار القانون الوطني للقراءة، وهو أول تشريع من نوعه في الدولة والمنطقة يعتمد القراءة كقيمة حضارية، ويحولها إلى صيغة تشريعية ملزمة لها آليات تنفيذ ومتابعة وتقييم.
إحسان الميسري:
- «(تحدي القراءة العربي) من أبرز المبادرات الثقافية الإماراتية، إذ يهدف إلى تشجيع القراءة في العالم العربي».
- «انتشار الصالونات الأدبية في الدولة يسهم في تبادل الأفكار، وتنمية الثقافة، وحب المطالعة، فضلاً عن إغناء النقاش الحر».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news