«رنين» روان بركات.. نور البصيرة يتحدى «تقليدية المناهج التعليمية»
إلى جانب طرحه مختلف القضايا المرتبطة بصناعة النشر الإلكتروني؛ يسلط منتدى أبوظبي للنشر، في دورته الثانية المنعقدة حالياً في منارة السعديات بأبوظبي، الضوء على العديد من التجارب الواعدة والاستثنائية في مجال النشر الإلكتروني. ومن التجارب الفريدة التي يبرزها المنتدى تجربة الأردنية روان بركات، التي تغلبت بنور بصيرتها على صعوبة فقدان البصر، وقامت بتأسيس مشروع «رنين» وهي مؤسسة تعنى بإيجاد منظومة تعليمية متكاملة، تعمل على بناء مهارات الاستماع والتواصل للأطفال.
وأوضحت روان، التي بدأت العمل التطوعي بعمر 11 سنة بانضمامها لبرلمان أطفال الأردن، وتخرجت في الجامعة الأردنية قسم الفنون المسرحية كأول كفيفة عربية تدرس هذا التخصص في عام 2008، لـ«الإمارات اليوم»، أن انضمامها للمسرح رغم أنها كفيفة قد يبدو غريباً للبعض، لكنه وافق اهتمامها وميولها، وشجعها على ذلك احتضان المشرفين على المركز، وشعورها بأن المسرح يمنحها فرصة للتعبير عن نفسها بطريقة مختلفة، فيها جزء من اللعب الذي يصقل الشخصية. وقالت روان «عندما بدأت التمثيل؛ أصبحت أشعر بالثقة بالنفس وأقف أمام الجمهور دون خوف، وهو ما دفعني لأن اختار هذا التخصص لأدرسه في الجامعة، خصوصاً أنني منذ الطفولة لديَّ حلم بأن أكون مشهورة، حيث لم أكن وقتها أدرك معنى أن أكون مؤثرة في غيري».
تمثيل وإخراج
روان التي مثلت عدداً من العروض المسرحية، وقدمت مونودراما في عمر 16 سنة، لم تقتصر علاقتها بالمسرح على التمثيل فقط؛ فقامت بإخراج مسرحيات عدة، أثناء دراستها الجامعية، وكتبت جزءاً من العروض بعضها أخرجته بنفسها والبعض أخرجه غيرها. ورغم ذلك لم تخلُ مسيرتها المسرحية من تحديات، تقول: «لم يتم وضعي في أدوار معينة بسبب إعاقتي، لكن التحدي كان في ضرورة أن أبذل جهداً أكبر، للتعرف على أبعاد المساحة التي يجب أن أعمل بها، وأن أدرك جيداً الخطوات التي عليّ أن أقوم بها على المسرح، أما في الإخراج فكنت أكتب النص بنفسي حتى يسهل عليّ الإخراج، ورغم وضوح رؤيتي الإخراجية للعمل، فإنني كنت أحتاج إلى مساعدة أحد الزملاء من أجل بعض الأمور مثل الإضاءة وحركة الممثلين، وكنت أعتمد على النص المحكي، ما يسهل عليّ اختيار الممثلين من خلال أدائهم الصوتي، ومن هنا جاءت لي فكرة مشروع «رنين»، ليكون مكتبة صوتية تخدم الأطفال، سواء من المكفوفين أو غيرهم، وتقدم لهم القصص بشكل درامي».
52 قصة
وأشارت روان بركات، الحاصلة على جوائز عدة، منها جائزة «سينرغوس للمبدع الاجتماعي 2011»، و«زمالة أشوكا للإبداع الاجتماعي 2014»، و«وسام الحسين للعطاء المميز 2015»، إلى أنها أنتجت من خلال «رنين» إلى الآن 52 قصة مسموعة، وقامت بإخراجها صوتياً. كما تستثمر الدراما بطرق مختلفة، مثل العمل مع المعلمين على توظيف الألعاب الدرامية لبناء مهارات الأطفال، وفي إنتاج القصة المسموعة واستخدام هذه الألعاب مع القصص المسموعة في المدارس، موضحة أنها لا تصنف مشروعها، الذي حصل على جائزة الملك عبدالله الثاني للإنجاز والإبداع الشبابي، وجائزة الشيخة فاطمة بنت مبارك للشباب العربي الدولية عن فئة مؤسسة رائدة وداعمة للشباب بين (12-18) عام 2013، باعتبارها دار نشر لكنها أقرب إلى المؤسسة التعليمية، لأنها تُعنى بتنمية مهارات الاستماع والتواصل عند الطلبة، من خلال القصة المسموعة وتمكين العاملين مع الأطفال. لافتة إلى أن اختيار القصص يتم من خلال لجنة تعتمد على معايير، منها أن تكون القصة قابلة للإنتاج الدرامي، وأن تكون اللغة العربية صحيحة وجاذبة وتضيف للطفل، وألا تتعارض مع حقوق الإنسان، وتعمل على زرع قيم إيجابية في الطفل، والابتعاد عن تنميط الأشخاص وتنفير الطفل منها. كما تقدم منظومة متكاملة تضم ألعاباً درامية وأسئلة تنبؤية تحمس الطفل لسماع القصة، ثم يجيب الأسئلة، ويقوم بأنشطة مرتبطة بأحداث القصة، ما يجذب الطفل، خصوصاً في ظل منظومة التعليم التقليدية السائدة في العالم العربي.
خطر حقيقي
اعتبرت روان بركات أن الألعاب الإلكترونية ليست منافساً فقط، لكنها خطر حقيقي على علاقة الأطفال بالقراءة، لكن العمل معهم في سن مبكرة يمكن أن يسهم في تقوية هذه العلاقة. معتبرة أنه ليست هناك علاقة بين الكتاب المسموع والكتاب المقروء، ولن يأخذ أيٌّ منهما مكان الآخر، فلكل منهما جمهوره.