«تياترو فلسطين».. 47 شاباً يحملون هموم مليونَي غزّاوي إلى المسرح
على خُطى البرنامج المصري الشهير «تياترو مصر»، اجتمعت مواهب 47 شاباً وفتاة على خشبة المسرح وسط مدينة غزة المحاصرة، لينتجوا أعمالاً مسرحية ودرامية، تجسد هموم مليونَي غزّاوي، وتتحرش بالواقع المعاش لكل كبير وصغير، وتعالج قضاياهم المختلفة، بأساليب فنية جذابة وشيقة. مجموعة الشباب الغزّي الواعد هذه، شكلت النواة الأم لبرنامج فني حمل اسم «تياترو فلسطين»، في تجربة أولى لتدريس فنون التمثيل، حيث اعتلوا خشبة المسرح بشكل دوري خلال الشهور الماضية، لدعم مواهبهم وتطويرها، من خلال التدريب المكثف على أيدي مخرجين وممثلين فلسطينيين، وفي نهاية المطاف أصبحت لديهم الإمكانية لصناعة أعمال مسرحية، تجسد واقعهم، وترويه إلى العالم الخارجي.
تنشيط دور المسرح
بدأت فكرة تأسيس أكاديمية «تياترو فلسطين» تتبلور في شهر أكتوبر الماضي، بمبادرة من المخرج الفلسطيني عصام شاهين، الذي استقطب مواهب شباب الفريق الفني، داخل مركز هولست الثقافي بمدينة غزة، لإثراء وتعزيز المشهد الفني الفلسطيني، وتنشيط دور المسرح. ويشير مدير فريق تياترو فلسطين، إلى أن عملية تشكيل الفريق الغزي تمت من خلال ثلاث مراحل، حيث تمثلت الأولى بإعداد الممثلين المبتدئين، وتعريفهم الى الفنون المسرحية، لتقوم المرحلة الثانية على إعداد ممثل متقدم يتشبع بأصول العمل المسرحي، أما المرحلة الأخيرة فتعتمد على تكوين ممثل محترف، لديه القدرة على تأدية الأدوار بجدارة عالية.
ويوضح أن الهدف الأساسي لتياترو فلسطين، طرح معاناة المواطنين وظروفهم الحياتية دون شروط سياسية أو اجتماعية، وعدم الانحياز إلى أي طرف سياسي.
ويقول شاهين لـ«الإمارات اليوم»،«إن فريق تياترو فلسطين حقل خصب يعج بالمواهب الإبداعية، التي تتمتع بالإرادة التي تلغي المستحيل، فجميع الشبان والشابات يمتلكون طموحات عالية لتحقيق النجاح، وإنشاء كادر فني قادر على فهم ماهية المسرح، وإنتاج أعمال فنية تعالج قضايا اجتماعية شتى». ويضيف «غياب دور المسرح وعدم تدريس الفنون المسرحية في الجامعات الفلسطينية والمدارس، وعدم توجه الدولة لدعم نشر ثقافة المسرح على عكس دول العالم التي تدعم الفن والمسرح فيها، تلك الأمور أثرت بشكل سلبي في التمثيل المسرحي في القطاع، ولكنني أردت تحدي كل الظروف، وأسست هذا الفريق، لإنشاء دراما خاصة، تحكي التغريبة الفلسطينية بطاقم فني محلي». ويتابع مؤسس الفريق الفني الغزي قوله: «إن التمثيل المسرحي يعد سبيل شباب غزة للتغلب على مصاعب الحياة التي تعصف بهم منذ سنوات مضت، فهناك عدد كبير منهم يمتلك موهبة التمثيل، ولكن لا توجد حاضنة لتطوير موهبتهم والاهتمام بها، لذلك نريد الاستمرار في فريقنا الفني، لاستثمار المواهب الفنية في غزة وتنميتها، وتكوين دراما حقيقية».
ويسعى فريق «تياترو فلسطين» خلال الفترة المقبلة، بحسب شاهين، لتنفيذ عمل مسرحي يحاكي القضية الفلسطينية، ويسلط الضوء على ظروف وحياة المواطنين، في ظل الاحتلال والحياة السياسية والاجتماعية.
ويشير شاهين الى أن إنشاء الفريق الفني، وإنتاج أعمال درامية ومسرحية، سيعيد إحياء دور السينما في غزة، بعد إغلاقها منذ عام 1988.
حلم يتحقق
إنشاء برنامج تياترو فلسطين، مكَّن الشاب الفلسطيني محمد أشرف من تحقيق حلمه الذي يرافقه منذ الطفولة، فهو منذ سنوات ينتظر فرصة حقيقية لتعلم فنون المسرح والدراما، والمشاركة في أعمال فنية يمثل بها وطنه.
ويقول أشرف: «مشاركتي في (تياترو فلسطين) كانت بداية الطريق للوصول إلى حلمي باعتلاء خشبة المسرح، وتأدية الأدوار المسرحية والدرامية، وأضاف شيئاً جديداً وذهبياً إلى حياتي».
ويضيف «تدربت خلال الشهور الماضية على أصول الفنون المسرحية، التي نمَّت موهبتي في التمثيل، وجعلتني أكثر قدرة على تمثيل وطني في الأعمال الفنية التي أستعد للمشاركة فيها خلال الفترات المقبلة».
تجربة جديدة
فريق تياترو فلسطين كما هو الأول من نوعه في غزة، فهو أيضاً يتمتع بمزية فريدة من نوعها، فكوادره ليسوا من الأصحّاء فحسب، إذ شارك في تكوينه سبعة شبان وشابات من ذوي الإعاقة، جميعهم يمتلكون موهبة التمثيل.
الشابة عبير الهوركلي، البالغة من العمر 25 عاماً، تعدّ من أوائل أعضاء فريق تياترو فلسطين، متحدية ظروفها الصحية، لتشارك من فوق كرسيها المتحرك بتدريبات الفريق المسرحي، التي اجتازتها بنجاح باهر.
الهوركلي شاركت أيضاً خلال السنوات الماضية في أدوار مسرحية عديدة كانت تعرض في المراكز الثقافية، في المناسبات الخاصة بذوي الإعاقة، وجميعها تلخص معاناتهم.