سلطان القاسمي افتتح المبنى بعد ترميمه: مصر هي القلب
«الكتب المصرية بباب الخلق».. الثقافة تنتصر على الإرهاب
بارك صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، لجمهورية مصر قيادة وشعباً إعادة افتتاح مبنى دار الكتب المصرية بباب الخلق، من بعد ترميمه جراء ما أصابه من تشويه بفعل عمل إرهابي كان قد حصل في يناير من عام 2014، كما بارك سموه لجميع المثقفين إعادة افتتاح هذا الصرح التاريخي الثقافي المهم الذي يعد مركز إشعاع ونور.
جاء ذلك في كلمة لسموه، ألقاها صباح أول من أمس، بحضور رئيس وزراء مصر الدكتور مصطفى مدبولي، في حفل افتتاح مبنى دار الكتب المصرية بباب الخلق، بعد ترميمه في العاصمة المصرية القاهرة، وسط حضور رفيع المستوى. وقال صاحب السمو حاكم الشارقة «نحن ومن هذا المكان نسأل الله العلي القدير أن يحفظ رئيس الجمهورية والعاملين معه، والقوات المسلحة المصرية، وكل مصري مخلص، وندعوه جل وعلا أن يشد من عزمهم ويقوي من هممهم لمواجهة كل ما من شأنه أن يضر بمصر وأهل مصر».
قلب الأمة
وأوضح سموه أن الجسد العربي تلقى الضرب من كل جوانبه، حتى وصل الضرب إلى قلب ذلك الجسد، إلا أن القلب بقي نابضاً، والقلب هي مصر، وقويت مصر، واستطاعت أن تجد الأمان، وتواجه مختلف التيارات المعادية، ولم تكن مواجهتها لتلك التيارات بالسلاح فقط، بل واجهتهم وحاربتهم بالفكر، وقوت الخطاب الديني، وأوضحت الأمور للأبناء والبنات ودرستهم، وبينت لهم السمين من الغث، وكان هذا المكان الذي نحتفي بافتتاحه اليوم واحداً من مشاعل التنوير وبناء الفكر السليم التي تحتضنها مصر.
دار الكتب وحب مصر
وأورد صاحب السمو حاكم الشارقة قصة ارتباطه بدار الكتب المصرية بباب الخلق، حيث كانت أول زيارة له للدار عام 1966، عندما كان طالباً في جامعة القاهرة، واصفاً العتمة التي كانت تحيط بالمكان، والصناديق الصغيرة التي تحمل البطاقات التعريفية للكتب التي تحويها الدار، إلى جانب وصفه لشكل قاعات المطالعة وأرفف الكتب، حتى إن سموه قادنا في حديثه لوصف الشارع المطل على مبنى الدار، وكيف أنه عندما يشعر بالتعب من البحث في دار الكتب كان يأخذ قسطاً من الراحة في مقهى «نادي الكمال»، الواقع في بناية الأوقاف، وفيه تعرف إلى صاحب المقهى الذي رفض أن يتقاضى من صاحب السمو حاكم الشارقة أي مقابل لطلباته عندما علم بأنه ليس مصرياً، وأنه يأتي إلى هذه المنطقة للتزود بالعلم والمعرفة، وكان هذا المكان واحداً من أماكن عدة زرعت في قلب سموه حب مصر.
سور الأزبكية
وتطرق صاحب السمو حاكم الشارقة في ختام حديثه للكلام عن سور الأزبكية، الذي لا يقل أهمية عن دار الكتب المصرية في تنمية فكره وثراء معلوماته وحصيلته المعرفية، بل أكد سموه أن جل ما كان يتمنى اقتناءه من مقتنيات دار الكتب المصرية وجده واقتناه من سور الأزبكية. وقال سموه في هذا الصدد «كنت كثير التردد على سور الأزبكية، ولديهم من الكنوز الفكرية والأدبية ما لا يحصى، وجمعت من خلاله الكثير من كتب التراث، إلا أنني اليوم أجد أن هناك مشكلة متعلقة بسور الأزبكية ومطالب بإزالته، وأنا أريد أن أوضح أن الموجودين هناك توارثوا الصنعة أباً عن جد، ولا نستطيع أن نستبدلهم بأشخاص آخرين، مهما هيأناهم لذلك، وأطلب ألا يزال هؤلاء الناس من هذا المكان، فثقافتنا وعلمنا منه، ونحن على استعداد أن نعيده بالطريقة الحضارية الجيدة، وأرجو من فخامة رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ومحافظ القاهرة أن يكون هناك احتفال قريباً بهذا المكان في ثوب جديد، ولو سألنا أي مثقف في الوطن العربي لا يمكن له إلا أن يمر على ذلك المكان، أما أنا فقد حفيت قدماي هناك كثيراً».
حفل
وكان الحفل قد استهل بعرض فيلم تسجيلي قصير، استعرض مراحل تطوير دار الكتب المصرية بباب الخلق، باعتباره أول مكتبة وطنية في العالم العربي، التي مر على إنشائها نحو 149 عاماً، حيث أصدر الخديوي إسماعيل الأمر العالي بتأسيس دار للكتب بالقاهرة «الكتبخانة الخديوية المصرية» عام 1870، بناءً على اقتراح من علي باشا مبارك ناظر ديوان المعارف آنذاك، وقد اتخذت دار الكتب من الطابق الأسفل بسراي الأمير مصطفى فاضل بدرب الجماميز مقراً لها، وفي عام 1904 انتقلت المكتبة إلى مبنى أنشئ لها خصيصاً في ميدان باب الخلق، واكتملت منظومة مباني المكتبة الوطنية بإنشاء المبنى الذي تحتله حالياً على كورنيش النيل منذ سبعينات القرن الماضي.
إزاحة الستار
تفضل صاحب السمو حاكم الشارقة، يرافقه رئيس وزراء مصر، بإزاحة الستار عن اللوح التذكاري إيذاناً بالافتتاح الرسمي للدار بعد ترميمها، وتجول سموه والحضور في أرجاء الدار التي ضمت المعرض المتحفي لدار الكتب، وهو عبارة عن بانوراما كنوز الهيئة العامة لدار الكتب، يضم أهم مقتنيات الدار، بما تتضمنه من مخطوطات نادرة ومهمة وكتب نادرة ووثائق وفرمانات ومصاحف مملوكية ومجموعات فلكية وأوائل المطبوعات، ثم عرجوا على قاعات الاطلاع، التي انتشرت فيها نماذج مصغرة من مكتبات أشهر ملوك ومثقفي مصر عبر التاريخ.
علاقات خاصة
رحّب رئيس مجلس الوزراء، الدكتور مصطفى مدبولي، بصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الذي قدم منحة الترميم والتطوير، وحرص على تلبية الدعوة للمُشاركة في هذا الحدث المهم، لافتاً إلى أن ذلك يعدُ دليلاً جديداً على العلاقة الخاصة التي تربط سموه بمصر، وتجسيداً لدوره التنويري في إحياء الثقافة والفنون والآثار. وأشار مدبولي إلى أن افتتاح دار الكتب في مكانها التاريخي يعد رسالة مهمة بأن مصر ستظل منارة للثقافة، تسهم بإبداعات أبنائها من المفكرين والمبدعين في إثراء الأدب والفنون، وتشكيل الوعي والوجدان. وحول الفكرة التي طرحها صاحب السمو حاكم الشارقة بتطوير منطقة سور الأزبكية، قال الدكتور مصطفى مدبولي، إن «هناك بالفعل خطة لتطوير القاهرة بشكل عام، ومنها تطوير منطقة سور الأزبكية والقاهرة الخديوية والإسلامية ومنطقة كورنيش النيل، وكذلك سور مجرى العيون، حتى تعود القاهرة إلى صورتها ورونقها القديم في أقرب وقت ممكن»..
حاكم الشارقة:
• «أول زيارة لي للدار عام 1966 عندما كنت طالباً في جامعة القاهرة».
• «الجسد العربي تلقى الضرب من كل جوانبه حتى وصل الضرب إلى قلب ذلك الجسد».
• «كنت كثير التردد على سور الأزبكية ولديهم من الكنوز الفكرية ما لا يحصى».
سجل الزوار
كتب صاحب السمو حاكم الشارقة في سجل كبار زوار دار الكتب المصرية بباب الخلق كلمة، جاء فيها «الحمد لله على الأمان في مصر.. الحمد لله على الخير المنتشر، والحمد لله على جيل سيحافظ على مصر.. الحمد لله الذي وهب مصر رجالاً.. أخذ الحفاظ على مصر مسألة إيمانية.. والله أكبر، وهذا اليوم يوم فخر أن نفتتح هذا الصرح، أحد الأسلحة التي ستنير العقول».
كما قدم صاحب السمو حاكم الشارقة إلى دار الكتب المصرية بباب الخلق مجموعة من إصداراته ومؤلفاته الأدبية والتاريخية، التي تزخر بالمعلومات البحثية الرصينة، والتي تشكل مراجع مهمة لتاريخ وتراث المنطقة العربية في عصور وأزمنة مختلفة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news