3 ليالٍ في حضرة «الكتاب الإماراتي»

اختتمت أول من أمس، الثلاثاء، فعاليات الدورة الأولى لمعرض الكتاب الإماراتي الذي تنظمه هيئة الشارقة للكتاب، بالتعاون مع اتحاد كتاب وأدباء الإمارات.

ثلاث ليالٍ، هي عمر المهرجان، تلوّن فيها مقر الهيئة بمنطقة الزاهية، بكل أشكال المنجزات الأدبية المحلية، لتحمل هذه الدورة وجبة أدبية دسمة لعشاق الكتاب الإماراتي، بحضور نخبة من الكتاب والأدباء والشعراء.

ويهدف المعرض إلى مضاعفة حضور الإنتاجات المحلية من المؤلفات والروايات والكتب التاريخية والمعارف بأنواعها، ليكون القبلة السنوية لآلاف من الإصدارات للكتّاب الإماراتيين.

وشهدت الأمسية الأخيرة ندوة ثقافية، تحت عنوان «الحركة المسرحية في الإمارات»، تناولت أثر الحِراك المسرحي الإماراتي في تشكيل المشهد الثقافي في دولة الإمارات، وسلطت الضوء على الشخصيات التي لعبت دوراً محورياً في النهوض به، إلى جانب استعراض الخط التاريخي الذي مرّ به والمنعطفات التي خاضها على امتداد مسيرة طويلة تصل إلى 40 عاماً من العطاء والإبداع.

الملامح الأولى

وخلال الندوة قال رئيس الهيئة العربية للمسرح إسماعيل عبدالله، إن «بداية المسرح كانت على يد واثق السامرائي، العراقي الذي ترك بصمة لا تنسى على خشبة المسرح المحلي»، مؤكداً الدور الكبير والمحوري الذي صنعه السامرائي في المسرح الإماراتي، تحديداً في إمارة الشارقة».

وأضاف: «عقد الثمانينات شكّل الملامح الأولى للمسرح في الدولة، في السبعينات كانت هناك محاولات خجولة، ومع قيام دولة الإمارات وحضور مؤسسات الدولة كان لوزارة الثقافة والإعلام آنذاك دور كبير في احتضان المسرح، بل أسهمت بصورة فاعلة في الارتقاء بدوره ووضعه على طريق مختلف أسهم في زيادة الاهتمام به، وسلطت الضوء على حضوره، وبرزت مكانته بشكل أكبر».

وأشار عبدالله إلى أن «عام 1981 شهد قراراً مهماً أصدرته وزارة الثقافة آنذاك، وتجلى في تفريغ المسرحيين للعمل بوزارة الإعلام بشكل منتظم، وظل هذا القرار حتى عام 1992، وخلال هذه الأعوام مرّت على المسرح تيارات تجديد قادها المنصف السويسي، وجلبت معها أصواتاً جديدة ليكونوا منشطين للحراك المسرحي، أمثال إبراهيم جلال وغيره، وفي عام 1982 حصل في المسرح انحراف عن المسار، الذي أسس له السويسي وصقر رشود وإبراهيم جلال وهشام رستم وغيرهم، حيث شكل حالة جديدة للمسرح المحلي، ولم يكن المجتمع متهيئاً بعد لهذا النوع من التجديد، ما أسهم في عزوف الكثير عن العمل المسرحي وحضوره، ووجد الجمهور نفسه غريباً عن هذا المشهد».

وأكمل: «كنا نفتقد الكثير من الإمكانات والأدوات التي تخولنا لإنتاج مسرح محلي، لكن العام 1983 شهد خلطة سحرية قادها فؤاد الشرقي من خلال مسرحيته (هالشكل يا زعفران) التي وجدت ترحيباً كبيراً من الأوساط الجماهيرية، وكان العمل يحمل رؤية جديدة سواء على صعيد الفكرة أو الإخراج، أعقبه منعطف مهم تجلى في اطلاق أيام الشارقة المسرحية في عام 1984، وكان هذا نتاج رؤية محورية قادها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، عندما وجد أنه لابد من الاحتفاء بهذا الحراك الثقافي المهم الذي يحظى حتى هذه اللحظة برعاية وتقدير ودعم كبير من سموّه تجاوز بعده المحلي ليصل إلى الوطن العربي جعلنا نؤمن أن المسرح نافذتنا إلى العالم».

وأشار عبدالله إلى أن «تأسيس جمعية المسرحيين الإماراتيين أسهم في تنظيم العمل المسرحي وضاعف من حضوره، وجمع الكثير من الأعضاء والمبدعين في هذا المجال تحت سقف واحد، وكان حاضنة حيويّة لهذه الطاقات، وصولاً إلى قرار صاحب السمو حاكم الشارقة بإنشاء الهيئة العربية للمسرح التي باتت الآن مظلة محلية وعربية للمسرح والعاملين به».

حركة نهضوية

ويتفق الدكتور الممثل حبيب غلوم مع عبدالله في أن المسرح الإماراتي انطلق من الشارقة، تلك الإمارة الرائدة في العمل المسرحي التي بزغ منها فجر العطاء والإبداع على خشبة المسرح، قائلاً: «إن جهود صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، أثمرت حركة نهضوية شاملة للمسرح تجاوزت حدود الإمارة، ووصلت إلى مدن عربية عريقة في مجال المسرح».

وأضاف غلوم: «عندما جاء المنصف السويسي من تونس حمل لنا خبراته وحصيلة تاريخ طويل وعريق يعيشه المسرح في تونس، وأي عامل في مجال المسرح يعي أهمية المسرح التونسي، لكننا في الدولة واجهنا تحديات عديدة كان أبرزها أن الكثير من العاملين في مجال المسرح اتجهوا لتقديم نوع واحد من الأعمال المسرحية التي استندت الى طرح واحد لا بديل عنه، ما أوجد حالة من القصور، ونحن اليوم نأمل أن يكون هناك حراك مسرحي في الدولة في ظل جهود الشارقة الكبيرة في دعم المسرح».

وقال غلوم إن «الإمارات تمتلك الكثير من الطاقات الإبداعية في مجال المسرح، سواء على صعيد الكتابة أو الإخراج، بالرغم من وجود بعض التفاوت في المسائل والفنيات الإخراجية، ومازلنا إلى اليوم لا يوجد لدينا سوى لون مسرحي واحد، سواء كان معتمداً على التراث أو على اللهجة المحكية بشكلها الصرف أو غيرها، بالرغم من كثرة المناهج، لكننا لا نجتهد ولا نبحث، ومازال المخرج ذو الخبرة يتعامل مع المسرح كهواية، والعديد من المشتغلين على خشبته لا ينتبهون لأهمية حضور الندوات والحواريات التي تسلط الضوء على واقع وتحديات المسرح لتستفيد منها».

ولفت غلوم إلى أهمية أن يستفيد العامل في مجال المسرح، سواء كان كاتباً أو مخرجاً، من تجارب غيره، وعليه أن يخطو خطوات واسعة نحو الأمام للتجديد والاجتهاد والبحث عن مضامين إبداعية تثري هذا الحراك الذي وصفه بأنه كبير وعريق وله تاريخ طويل ينطلق من إمارة الشارقة التي باتت اليوم سفيرة للثقافة وللأدب والمعرفة من الإمارات للعرب والعالم بأسره.

الأكثر مشاركة