نافع الياسي: الإنترنت مزدحمة بالمعلومات المغلوطة
الرغبة في تقديم المعلومة الطبية الصحيحة، إلى جانب الشغف غير المحدود باكتشاف العالم من حوله، وتوثيق تجربته المهنية في قوالب أدبية مناسبة، من أهم الجوانب في شخصية الطبيب الإماراتي نافع الياسي، الذي يسعى من خلال موقعه المهني إلى الوصول إلى أوسع شريحة من الجمهور، مستفيداً في الوقت نفسه من سطوة وسائل التواصل الاجتماعي، وقدرتها على الوصول بشكل أسرع إلى الناس، على الرغم مما تحمله هذه الوسائط من جوانب سلبية تطرق إليها في حواره مع «الإمارات اليوم»، الذي تناول فيه العديد من القضايا والمحاور التي تصب في المصلحة العامة والنفع المجتمعي، انطلاقاً من عمله الأساسي طبيباً.
نصائح مجانية
في بداية الحوار معه، يشير الياسي إلى ضرورة التمييز بين تقديم المعلومة الطبية القيّمة والتشخيص، قائلاً «تدعو المسؤولية بلا أدنى شك الطبيب إلى ضرورة الاهتمام بصحة الفرد، وتقديم المعلومة الطبية الصحيحة، في ظل الكم الهائل من المعلومات المغلوطة التي يتم تصديرها عبر فضاءات الإنترنت»، ويتابع «لهذا السبب خضت فكرة تقديم مجموعة من النصائح الطبية المجانية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لإيماني بقدرتها على تعميم الفائدة، وتقديم النصيحة المطلوبة، التي لا يمكن أن تقوم بأي شكل من الأشكال مقام التشخيص والمعالجة».
نفع مجتمعي
في المقابل، دفعتنا رغبة الطبيب الإماراتي نافع الياسي، وإيمانه القوي بضرورة تقديم خدمة مجتمعية مجانية، إلى سؤاله عن أهمية زيادة الوعي الطبي لدى الجمهور المستهدف، فأكد أن زيادة الوعي الصحي في المجتمع، ورفع مستويات الثقافة الطبية للأشخاص، كفيلان بتقليل الأخطار، وتسهيل مهام الطبيب في المستشفى، وبالتالي الحصول على نتائج إيجابية ومضمونة، تماماً كمسألة استيعاب الجمهور لضرورة «تطعيم» أطفالهم ضد الأمراض الخطرة للحد من المشكلات الصحية المتوقعة مستقبلاً، والكثير من المسائل الطبية الأخرى. ويشدّد الياسي على ضرورة رفع الوعي العام ضد جملة من الظواهر الجديدة التي بدأت تنتشر على فضاءات السوشيال ميديا «أبرزها قيام عدد من مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي ونجومه بالترويج لمواد ومستحضرات طبية غير مرخصة، الأمر الذي لا أراه صائباً لا في جزئه الطبي ولا حتى في جزئه الترويجي لبعض شركات الأدوية المحددة»، داعياً في الوقت نفسه إلى تفعيل جملة من الضوابط المنظمة لهذا الميدان «وفرض عقوبات رادعة بحق من يقوم بهذه الممارسات غير المسؤولة، التي قد تتسبب في كوارث حقيقية».
سفر وارتحال
ورغم أن عدد متابعيه تجاوز 12 ألف متابع، إلا أن الياسي لا يعتبرهم متابعين افتراضيين، بل أقرب إلى الإخوة والأصدقاء الذين يتمنى أن ينجح في التواصل معهم بشكل إيجابي ليقدم الفائدة العامة والنصيحة الطبية المرجوة، النابعتين طبعاً من رؤية الياسي الصادقة في التعامل مع المنصات الرقمية وعالم وسائل التواصل الاجتماعي بشكل عام بإيجابية، اعتبرها الياسي ضرورية بل وملحة.
هذه الأفكار دفعت الطبيب الإماراتي إلى توسيع آفاق تواصله مع متابعيه، عبر مشاركتهم تجاربه المتعددة في مجال السفر والارتحال الدائم بين مدن العالم وعواصمه، اللذين سبقته فيهما رغبة في الاكتشاف وإصرار على إثراء ثقافته الإنسانية والاقتراب من الآخر «السفر بالنسبة لي هو المتنفس والمتعة في الابتعاد عن ضغوط العمل اليومي، وعلى الرغم من أنني زرت نحو 65 دولة في العالم، إلا أنني لا أعتبر نفسي رحالة بقدر ما أبحث عن التغيير واكتشاف العالم، وإطلاع الناس على هذه التجارب التي أحاول فيها دمج التاريخ مع المكان».
ميول أدبية
إلى جانب عمله الأساسي طبيباً متخصصاً في مجال الجهاز الهضمي للأطفال في مدينة خليفة الطبية، واعتباره العمل والأسرة أولوياته الأساسية، إلا أن لشخصية نافع الياسي جانباً أدبياً، استطاع التعبير عن مكنوناته إلى الآن عبر عملين أدبيين، استوحى أحداثهما من قصص عايشها من خلال عمله طبيباً، وهما «مريض لن أنساه»، و«حالة حرجة»، واصفاً هذه التجربة الأدبية بالقول «في مجموعتي القصصية الأولى تناولت ما يزيد على 15 حالة مرضية عايشت تفاصيلها الإنسانية اليومية، فوددت نقلها بأسلوب أدبي، ويبدو أنه لاقى قبول واستحسان القراء، بعد أن وصل عدد طبعات المجموعة إلى 11 طبعة متتالية، الأمر الذي جعلني أتحفظ على مقولة إن المجتمع العربي لا يقرأ، فقد زرت معظم معارض الكتاب في منطقة الخليج العربي، ولمست إقبال الناس اللافت على الكتب، كما أرى أن وسائل التواصل الاجتماعي أسهمت في الترويج لإبداعات عدد من الأقلام الأدبية الجديدة والواعدة، وحرّضت المهتمين على متابعتها والاطلاع على تجاربها».
مشروعات مستقبلية
عن مشروعاته المستقبلية، قال الياسي «رغم انشغالاتي الحالية، إلا أنني أفكر جدياً في تقديم مقاطع طبية صوتية عبر قناة رقمية متخصصة في هذا المجال، مع أنني أمتلك قناة عبر (يوتيوب)، إلا أنني أتمنى أن أجد الوقت الكافي لإنجاز هذا الأمر الذي يمكن أن يحقق المزيد من الفائدة لكل شرائح الجمهور»، وتابع «أما على صعيد الكتابة الأدبية، فإنني شارفت على الانتهاء من كتابة رواية جديدة، أتناول من خلالها موضوع التبرع بالأعضاء، وقيمة هذه الثقافة الإنسانية التي أعنى شخصياً بتعميم الوعي بها وتقديمها روائياً من خلال قصة شخص يحتاج إلى التبرع بقلب، إلى جانب الكثير من الأحداث والتقاطعات الاجتماعية والإنسانية التي تحفل بها الرواية الجديدة، التي من المقرر أن ترى النور في معرض الشارقة الدولي للكتاب في دورته المقبلة».
«مجموعتي القصصية الأولى صدرت في 11 طبعة متتالية وأستعد لإصدار رواية».
«65 دولة زرتها ولا أعتبر نفسي رحالة بل أبحث عن التغيير واكتشاف العالم».
طبيب بمعايير خاصة
يؤكد الدكتور نافع الياسي أن الكتابة الأدبية لن تنأى به يوماً عن تخصصه الأول في مجال الطب، قائلاً «لا أعتقد أنني سأخرج من عباءة الطبيب في السنوات الخمس المقبلة، إلا أنني أجد المتعة في مجال الكتابة عن الوسط الطبي الذي أفقه أدق تفاصيله، كما أن الوسط الأدبي المحلي يفتقر إلى هذا الجنس الأدبي الذي يسهم في إثراء الحركة الأدبية، ويجذب المهتمين بهذه الموضوعات».