الإمارات تقود «إحياء روح الموصل»
أعلنت دولة الإمارات، ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو)، أمس، تجديد تعاونهما ضمن مبادرة المنظمة لاستعادة المواقع التراثية والثقافية بمدينة الموصل العراقية، التي انطلقت تحت شعار «إحياء روح الموصل». وكانت وزيرة الثقافة وتنمية المعرفة نورة بنت محمد الكعبي، والمديرة العامة لمنظمة اليونيسكو أودري أزولاي، قد التقتا في مقر المنظمة بالعاصمة الفرنسية باريس، حيث جرت مراسم توقيع اتفاقية جديدة تخص المشاركة الإماراتية في جهود إعادة إعمار المعالم التاريخية في مدينة الموصل، التي تعتبر محطات فارقة في مسيرة الحضارة الإنسانية.
نورة الكعبي: «إعادة بناء كنيستي الطاهرة والساعة، ومن قبلهما الجامع النوري ومنارته الحدباء، رسالة ثقافية وحضارية قوية في مواجهة الممارسات والأفكار المتطرفة». أودري أزولاي: «الهدف من إعادة الإعمار هو استرجاع مدينة الموصل طابعها الحقيقي الذي يعكس التعايش السلمي بين مختلف الديانات والمجموعات الإثنية». |
وتنص الاتفاقية على أن تقود دولة الإمارات جهود إعادة بناء عدد من المواقع الثقافية المدمرة في الموصل، وهما كنيستا الطاهرة والساعة.
روح التعايش
وقالت نورة الكعبي: «تشرفنا اليوم بتجديد تعاوننا مع منظمة اليونيسكو، وتوقيع هذه الاتفاقية التي ستمكننا من استكمال شراكتنا مع أشقائنا في العراق وأهالي مدينة الموصل العريقة، للمساعدة على إعادة بناء المواقع الثقافية والتراثية التي تجسد روح التعايش والتسامح في المجتمع. إن مشاريعنا الثقافية من هذا النوع، والتي نقوم بها تحت مظلة (اليونيسكو) في جميع أنحاء العالم، دليلٌ على التزام دولة الإمارات بتعزيز جهود (اليونيسكو)، من خلال التعاون الدولي في مجالات العلم والثقافة والعلوم. ونرسل من خلال هذه الاتفاقية الجديدة رسالة أمل وروح جديدة لأهالينا في العراق والموصل».
رسالة الأمل
وأشارت الكعبي إلى أن إعادة بناء كنسيتي الطاهرة والساعة، اللتين يزيد عمرهما على مئات السنين، يعيد الوجه الحضاري المشرق لمدينة الموصل، ويسهم في بناء النسيج المجتمعي وعودة المهجرين، خصوصاً إخواننا المسيحيين إلى ديارهم من خلال ترميم المعالم التاريخية، ودور العبادة التي تمنح المجتمع الموصلي هويته وروحه، بعد أن حاول الإرهابيون جعلها أحادية اللون، ومحو الهوية الثقافية والتاريخ الحضاري والإنساني لمدينة الموصل. ونوهت وزيرة الثقافة وتنمية المعرفة بأن الإمارات من خلال هذا المشروع تصبح أول دولة في العالم تعيد إعمار كنائس العراق.
خطوة مهمة
وقالت أودري أزولاي: «يشكّل اليوم خطوة مهمة في نهضة مدينة الموصل العريقة، ويسعدنا أن يشمل مشروعنا كنيستي الطاهرة والساعة. فالهدف من إعادة الإعمار هذه استرجاع مدينة الموصل طابعها الحقيقي الذي يعكس التعايش السلمي بين مختلف الديانات والمجموعات الإثنية. ولابدّ لي من التعبير عن فائق امتناني لدولة الإمارات العربية المتحدة التي دعمت مبادرتنا منذ إطلاقها، إيماناً منها مثلنا بأنّ إعادة الإعمار لا تكتمل إلا بالثقافة والتعليم».
ويأتي هذا المشروع الجديد امتداداً للاتفاقية التاريخية الموقعة في أبريل 2018، حيث تعهدت الإمارات بتقديم بمبلغ 50.4 مليون دولار، للمساهمة في إعادة بناء التراث الثقافي للموصل. وسيبدأ المشروع بترميم المعالم التاريخية وإعادة بنائها، لاسيما مسجد النوري التاريخي، ومئذنة الحدباء التي يبلغ ارتفاعها 45 متراً التي تم بناؤها قبل أكثر من 840 عاماً.
فرص عمل وتدريب
وتتضمن جهود الإمارات أيضاً بناء متحف ونصب تذكاري يعرض ويحفظ آثار وتاريخ المساجد والكنائس التي تمت إعادة إعمارها بالشراكة مع الحكومة العراقية وأهالي الموصل والمؤسسات التعليمية. وسيكون للمتحف والنصب التذكاري تأثير طويل الأمد على مجتمع الموصل، حيث ستوفر هذه المشاريع فرص تدريب وعمل لأكثر من 1000 شاب من أهالي الموصل.
كنيسة الساعة
تقع كنيسة الساعة في حي الساعة بمدينة الموصل، وتعرف أيضاً بكنيسة الدومنيكان. تعتبر إحدى أشهر كنائس الموصل، وأحد المعالم المميزة للمدينة، وقام الإرهاب بتدميرها بالكامل في 25 أبريل 2016. وقد تم البدء ببناء الكنيسة عام 1866. واستغرق بناؤها ست سنوات، فتم تدشينها في 4 أغسطس 1873، أما برجها الشهير فلم يكتمل حتى 1882، ويحتوي على ساعة نصب قُدمت كهدية من زوجة الإمبراطور الفرنسي نابليون الثالث عرفاناً بخدماتهم في المدينة.
كنيسة الطاهرة
تعتبر كنيسة الطاهرة للسريان الكاثوليك أكبر كنائس العراق، وإحدى كبريات كنائس الشرق الأوسط سعة وهندسة وجمالاً، افتتحت 1947 وتتألف من ثلاثة فضاءات شاهقة أوسعها وأعلاها أوسطها، وتضم قبة شاهقة تخترقها اثنتا عشرة نافذة. أما الفضاءات الداخلية الكبرى الثلاثة فترتكز على 18 عموداً رخامياً ضخماً تتلاقى في أقواس شاهقة رائعة. وقد قام الإرهاب بتفجيرها في فبراير 2015.