تستضيفه منطقة الحصن في أبوظبي على مدى أسبوعين
حوار فني بين حِرف إماراتية وبيوت أزياء عالمية
هل يمكن أن تكون هناك علاقة بين حقيبة «ليدي ديور» الشهيرة، و«القرقور»، الذي يستخدم في صيد الأسماك في الإمارات، وتعدّ صناعته من الحِرف التقليدية في الإمارات؟ هذا التساؤل تكشف عن إجابته سلسلة ورش العمل التي انطلقت، صباح أمس، في بيت الحِرفيين بقصر الحصن في أبوظبي بعنوان «حوارات المهارات والحِرف اليدوية»، بالتعاون مع لجنة كولبير، على مدى أسبوعين.
وتأتي هذه الحوارات ضمن سلسلة من المبادرات بعنوان «فلانيري كولبير أبوظبي»، والرفاهية الفرنسية في القرن الـ21، وتهدف إلى خلق تفاعل بين أشهر الماركات العالمية الفرنسية من جهة، والحِرف التراثية والتقليدية الإماراتية من جهة أخرى.
وتجمع سلسلة ورش العمل والحوارات، التي تستمر حتى 28 نوفمبر الجاري، بين الحِرف التراثية الإماراتية، مثل (السدو وصناعة البشت وفن الخط وصناعة القهوة والخوص والتلي وصناعة الخنجر)، إلى جانب الحِرف الفرنسية بما فيها التطريز وفن الطهي والمصوغات الفضية والمصنوعات الجلدية، بمشاركة نخبة من العلامات الفرنسية الفاخرة، مثل (ديور ولويس فيتون وشانيل وفان كليف آند أربلز)، إضافة إلى عدد من الحِرفيين الإماراتيين الذين يتعاونون ويشاركون في حوارات حول مهاراتهم.
بين الحقيبة و«القرقور»
تحت عنوان «التحولات: حقيبة يد ليدي ديور والقرقور»، جاءت ورشة العمل، التي انطلقت صباح أمس، وكشفت خلالها مجموعة من خبراء (دار كريستيان ديور) عن أسرار صناعة حقيبة ليدي ديور الأيقونية، جنباً إلى جنب مع حِرفيي صناعة «القرقور» من سعف النخيل، وإلى جانبهم عرض هيكل مصنوع من المعدن للحقيبة التي تعتبر عملاً فنياً رائعاً شكّل مصدر إلهام للعديد من الفنانين العالميين منذ عام 2011، وكشف هذا الهيكل المعدني عن التشابه بين نقوش الحقيبة وشكل فتحات «القرقور»، الذي يصنع على شكل سلة من سعف النخيل المحبوك، ويوضع في قاع البحر لصيد الأسماك.
وتقدم ورشة العمل الخاصة بالعلامة التجارية العالمية «لويس فيتون»، التي تحمل عنوان «الشعر على طريق السفر - لويس فيتون: الرسم والخط»، مزيجاً بين النقوش التقليدية التي اشتهرت بها الدار والخط العربي في ثنائية فريدة، إذ شاهد جمهور الورشة الخطاط الإماراتي محمد مندي، في عرض تفاعلي وهو يكتب أبيات شعر عربية على إحدى حقائب «لويس فيتون»، وإلى جواره إحدى خبيرات الرسم لدى «لويس فيتون»، تعرض طريقتها، في رسم أي نوع من الصور والشعارات على أسطح الصناديق ذات الجوانب الصلبة.
كما تستضيف «دار فان كليف آند أربلز»، خلال الجمعة والسبت المقبلين، عرضاً حول تقنياتها في الترصيع، ويرافقه عرض آخر حول صناعة البشوت الملكية، التي عادة ما يرتديها حكّام الإمارات. ويكمن سحر هذه التقنية الاستثنائية في ترصيع الأحجار الكريمة بأسلوب مميز من دون إظهار الأجزاء المعدنية التي تحملها، حيث لا يتقن تقنية الترصيع الغامض سوى القليل من صائغي المجوهرات.
بينما تستضيف دار التطريز «ذا هاوس أوف لوساج»، المعروفة بإتقانها للتفاصيل المملوكة للعلامة التجارية الفاخرة «شانيل»، حتى 21 الجاري، ورشة عمل تفاعلية بمشاركة فناني السدو.
وتستضيف دار الشوكولاتة الفاخرة بـ«هوتيل لو بريستول»، اليوم، ورشة عمل بمشاركة أحد خبراء «بيت القهوة»، المبادرة التي أطلقتها دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي، بهدف توثيق القهوة العربية وحمايتها كأحد العناصر التراثية الأساسية في الثقافة الإماراتية
حماية للمستقبل
من جهته، عبّر رئيس دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي، محمد خليفة المبارك، عن سعادته بمسيرة النجاح التي يحققها بيت الحِرفيين منذ افتتاح أبوابه للجمهور العام الماضي حتى الآن، إذ حقق بعض أهدافه الرئيسة التي شملت تعزيز أوجه التعاون بين الحِرفيين والفنانين الإماراتيين، ومصممي العلامات الفرنسية الفاخرة، عبر سلسلة ورش عمل بعنوان «حوارات المهارات والحِرف اليدوية».
وأضاف: «إننا على قناعة بأن حماية المستقبل لا تتحقق إلا بصون التراث العريق، ومن خلال سلسلة ورش العمل هذه وما يصاحبها من فعاليات وعروض، فإننا نسهم في تمكين المواهب وصقل مهاراتها، كما نرفع الوعي والمعرفة حول التراث الإماراتي المعنوي بين المواطنين والمقيمين والزوّار، ما من شأنه أن يدعم جهودنا المبذولة في تسليط الضوء على تقاليد وحِرف الأسلاف، وكيفية المحافظة عليها وصونها عبر قوّة التعاون الإبداعي».
من جانبها، أوضحت الرئيس والمدير التنفيذي للجنة كولبير إليزابيث، بونسول دي بورت، أن اللجنة تعدّ هيئة مجتمعية تمثل الرفاهية الفرنسية، وهي بمثابة منصة مثلى لإقامة حوار بين مختلف الحضارات والثقافات، خصوصاً في البلدان المستضيفة لمختلف الفعاليات، مشيرة أن برنامج «فلانيري كولبير أبوظبي» في بيت الحِرفيين في منطقة الحصن، يأتي مثالاً حياً على هذا النهج الفريد من نوعه في العالم الذي تتخذه اللجنة. كما تعكس لجنة كولبير من خلال «فلانيري كولبير أبوظبي» جوانب مختلفة عدة من المؤسسات والعلامات التجارية التي تمثلها، خصوصاً أنها تشكل مزيجاً من التراث الحِرفي غير المادي، مع الإبداع للاحتفاء بالحِرف التقليدية الإماراتية، ومنتجات الرفاهية الفرنسية الفاخرة.
مندي يزيّن «لويس فيتون»
قال الخطاط الإماراتي، محمد مندي، لـ«الإمارات اليوم»، إن الأبيات التي خطها على حقيبة «لويس فيتون» هي للشاعر أحمد الكندي، موضحاً أنها «تتحدث عن الرحيل، وهو موضوع يتناسب مع ما اشتهرت به (دار لويس فيتون) من إنتاج حقائب السفر»، ويقول فيها:
شـدوا العربـان بالكلي واتركوا ذا الروح ولهانـه
مادروا وش بالحشا حلّـيم الفـراق وحـرّ نيرانـه
وأشار مندي، الذي يعدّ أول خطاط إمارتي يخوض مثل هذه التجربة في التعاون مع دار أزياء عالمية، إلى أنه اختار نوع خط جلي ديواني للكتابة به، لقابليته للتشكيل وفق أشكال متعددة، وما يتميز به من مظهر فني، كما استخدم لوناً مختلفاً لكل كلمة حتى تكون أكثر وضوحاً للناس. وأكد الفنان، الذي قام بخطّ العملات النقدية الإماراتية، وكذلك جواز السفر الإماراتي، أن هذه التجربة الجديدة تمثل إضافة له ولرصيده، لافتاً إلى أن مثل هذه التجارب تثري مسيرة الفنان، من ناحية أخرى، تعدّ هذه التجربة مؤشراً إلى أن الخط العربي قادر على التآلف مع مختلف الأشكال الفنية، ودليل أيضاً على التقارب بين الثقافات والفنون رغم اختلاف الجنسيات.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news