مطر بن لاحج يُنجز المنحوتة الأكبر في الشرق الأوسط
«طاقة الكلام» تحفة فنية في «قصر الوطن»
تعتبر منحوتة «طاقة الكلام»، التي قدّمها الفنان الإماراتي مطر بن لاحج، في «قصر الوطن»، من أبرز الأعمال التي قدمها إلى اليوم لجهة الضخامة، إذ تُعدّ، وبحسب بن لاحج، الأكبر في الشرق الأوسط، حيث يصل وزنها إلى 12 طناً. وعن هذه المنحوتة، ومراحل إنتاجها الكاملة، التي جعلته يعمل كفنان وكمهندس على إنجاز العمل في فترة قياسية، قال مطر بن لاحج لـ«الإمارات اليوم»: «سياسة العمل لديّ تبدلت بعد الاحتراف من حيث الجاهزية القصوى لتطبيق أفكاري، أصبحت أسير على منهجية ضخمة، لاسيما بعد التصميم الهندسي، ما انعكس على الأحجام الكبيرة التي أقدم بها أعمالي». ونوّه بأنه في المنطقة العربية كان كثير من الفنانين يعتمدون على الإسمنت كمادة بارزة في النحت، وبالتالي كان من الصعب فرض مجسمات ضخمة من «الستانليس ستيل» من دون مورد مالي.
ولفت إلى أن الفنان يحتاج إلى نوع من التمهيد لترجمة أفكاره، وقد وصل مع الوقت والخبرة إلى مرحلة لا يخاف فيها من قياس العمل، بل يتجه إلى الأكبر وإلى رمزية الأعمال الفنية الضخمة، ملاحظاً أن الأفق الفني والمنسوب الموجود عند متلقي الفنون يحتاج إلى دعم، مشيراً إلى أن الفن بات يدخل الى حياة الناس عن طريق الثقافة والتكنولوجيا، وأن هذه المرحلة تحتاج إلى وجود أفق فني ومنسوب يوجد عند معظم الناس ويحتاج إلى دعم.
وعن اختيار المنحوتة لـ«قصر الوطن»، لفت بن لاحج إلى أنه يعمل دائماً على تحضير وإنتاج قوالب فنية بشكل دائم، منها التي تعتمد على اللغة والحرف، أو الأشكال الطولية والأفقية، ومنها التي تقوم على اللغة الفنية البوهيمية، وأيضاً هناك التجريدية، وعندما تتاح الفرصة لتقديم عمل في مكان، يستدعي أكثر من قطعة مناسبة للمكان ويترك الخيار للممول، بهدف مشاركة المجتمع اختيار الأفضل، كي لا يفرض أي قطعة بعينها ولا يخرج عن سياق الذوق العام.
يبلغ وزن المنحوتة 12 طناً، فيها أعمال فراغية تحتمل الأوزان المدروسة، التي لا توضع بشكل اعتباطي، وأشار بن لاحج إلى أنه اجتهد حتى أصبح مهندس ديكور، فالقطعة تتطلب العلم بالهندسة، وقد تعلم بالأداة وطابقها، ونفذها من خلال الهندسة التنفيذية، والنقل والتركيب، وضمانة عامل الزمن، إذ أجبر نفسه على احترام عامل الزمن. ونوه بأن الأعمال الضخمة تحتاج من أربعة إلى ستة أشهر كي تنتج، وقد أنتجت في وقت قياسي، مبيناً أن طريقة الأداء التي قوامها الاستعداد النفسي لكل عمل يقوم به تجعله أكثر تركيزاً في الصعوبات، التي يراها فرصة لتعلّم ما هو جديد.
عبّر بن لاحج عن مواجهته ست صعوبات في إنجاز المنحوتة، وبالتالي كان عليه إيجاد ستة حلول لها، منوّهاً بأن الفنان الشغوف دائم البحث عن مجرى جديد، وإيجاد أفكار مبتكرة وجديدة. ولفت إلى طلاء المنحوتة بالذهب كان من أصعب الأشياء التي واجهته خلال إنجاز العمل، إضافة إلى أنه لا يجب العمل على تنفيذ العمل من دون ضمانات أن يعيش عمراً طويلاً دون أن يطاله أي خراب. ونوّه بأن المنحوتة تحمل سراً هندسياً ضخماً، فرغم شكلها الضخم الذي يصل إلى ثمانية أمتار وسطية، فإن المساحة التي تلامس الأرض هي متر واحد فقط، وفق أسلوب هندسي شديد الدقة والتوازن. وأكد بن لاحج أن ميزة هذا العمل تكمن في أنه يمنح الطاقة، خصوصاً إذا تمت قراءة الكلام قبل الدخول.
وحول المحطات الفنية المقبلة، قال بن لاحج: «لديّ درب أساسي وهو العمل اليومي على ترجمة فلسفتي، ولهذا أختار العناصر الأجود والأرفع للإنسانية، فلا أريد أن تأخذني الشهرة كي أكون (براند) وأجني الأموال دون أن يستوعب الناس ما أنتجه، أريد مساعدة البشرية على تكريس مفهوم الذوق في الدنيا، ويجب أن يكون هناك سيل جارف من الذوق والفنون».
حماية المواهب
عن الحركة الفنية في الإمارات، قال مطر بن لاحج: «تحتاج الحركة الفنية إلى تقييم وتأسيس قوي ينبع من خطط واضحة ومفهومة، وأطالب بإنقاذ المواهب ليس من الإهمال، فالحكومة توفر رعاية المواهب، وإنما لابد من اختيار من ينمّي ويصقل هذه الموهبة».
- «لا أريد أن تأخذني الشهرة كي أكون (براند) وأجني الأموال دون أن يستوعب الناس ما أُنتجه».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news