توقيف معارض الكتب وحركة الطباعة لا يوقف الحنين إلى الكتاب. ■أرشيفية

مثقفون: الكتاب «الإلكتروني» لا يلبّي الشغف

أبدى مثقفون ومسؤولون ثقافيون إماراتيون تمسكهم بالكتاب الورقي، وحنينهم لحضور معارض الكتب، داخل الدولة أو خارجها، لكنهم وبسبب الظروف المتلاحقة رسموا سيناريوهات بديلة لغياب الفعاليات المتعلقة بالكتاب حالياً، وتراجع عجلة الطباعة واصدار الكتاب، منها الاكتفاء حالياً بكتب العام الماضي، أو تبادل الكتب مع أصدقائهم، أو شراء كتب جديدة عن طريق الـ«أون لاين»، وتوصيلها إلى البيت بالبريد، أو اللجوء إلى الكتب الإلكترونية، التي وصفوها بأنها «لا تلبي شغف القراءة»، ولا تعوّض الإمساك بأوراق الكتاب، أو جولات البحث عنه في أروقة المعارض.

تبادل الكتب

تقول رئيسة اتحاد كتاب وأدباء الإمارات نائب الأمين العام للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، الشاعرة الهنوف محمد، لـ«الإمارات اليوم»: «معظم الكتَّاب لديهم قائمة من الكتب لم يقرأوها، فهم عادة يشترون كتباً إضافية من المعارض سنوياً، وبعضهم يتبادلون الكتب الإلكترونية من خلال (واتس أب)، فيكون لدى البعض كتب إضافية، يتم تداولها، وحالياً يتبادلون الكتب التي صدرت أثناء الأوبئة، وتناولت الأزمات». وتضيف: «الكتاب الورقي له هيبته ونكهته، وتكون بين الكتاب والقارئ حالة تواصل جسدي ونفسي، وهذا أمر مهم، والكتاب الإلكتروني لا يلبي الشغف، أما الأجيال التي يمكن أن نطلق عليهم أجيال الشباب، فميولهم إلى الكتاب الإلكتروني أكثر، فمن جيل إلى آخر يختلف شغفهم، والوسائط التي يستخدمونها في الاطلاع».

متعة التجول

يتفق رئيس مجلس إدارة مسرح دبي الوطني، ياسر القرقاوي، مع رأي الهنوف، مؤكداً أنه «لا يمكن للكتاب الإلكتروني أن يسد شغف (الورقي)، إذ توجد متعة حقيقية خلال التجول في أروقة معارض الكتاب، فيحدث تواصل بيني وبين العناوين التي تمر أمام عيني، إلى أن يتم الاختيار، ربما طريقة عرض كتاب تدفعني لاقتنائه للمرة الثانية أو الثالثة، لأن للورقي حضوراً مختلفاً تماماً عن الإلكتروني الذي لا يناسبني، لأني تعودت على اقتناء الورقي». ويضيف القرقاوي لـ«الإمارات اليوم»: «في حال امتدت ظروف جائحة كورونا، واستمرت الإجراءات الاحترازية، وأثرت على إقامة معارض الكتاب، فأتصور أن السيناريو الذي من الممكن أن أسلكه هو الحصول على الكتاب الورقي عبر مواقع دور النشر العالمية التي ترسل الكتاب الورقي بالبريد، حتى أستطيع الحصول على الكتاب الذي أريده، ثم في نهاية المطاف إذا لم أجد هذه الوسيلة ميسّرة، فسألجأ إلى الكتاب الإلكتروني، وهذا آخر الحلول بالنسبة لي».

لا غنى عن «الورقي»

يؤكد المخرج المسرحي الإماراتي، الدكتور عبدالله الجابري، «لا غنى لنا عن الكتاب الورقي»، مضيفاً أنه «في المقابل، أرى أن التطور مهم، والكتاب أيضاً يتطور، من الورقي إلى الإلكتروني، فكما أن لا معنى للاحتفاظ بالكتب الورقية في المكتبة المنزلية للزينة، لا معنى أيضاً للشغف بأي كتاب إلكتروني، فالتوازن مهم عند الاختيار، فالمعرض بالنسبة لي جولة ثقافية متكاملة، أستغرق فيها لأبحث عن العناوين الجديدة والمهمة في الوقت نفسه، ولا أقتني أي كتاب يصادفني».

هيبة «الورقي»

يقول الشاعر يونس الصايغ: «لا شك أن رحلة الذهاب إلى معارض الكتاب، رحلة مميزة، حيث ملتقى الكتاب والمثقفين، إلا أن الظروف الراهنة لو امتدت وتسببت في تعليق إقامتها، سيلجأ المثقفون والقراء إلى مواقع دور النشر للحصول على الكتاب الورقي بالبريد، الذي لا يسد مكانته الكتاب الإلكتروني الذي لا يلبي الشغف بالمقروء».

ويضيف الصايغ: «الآن، يوجد وقت للكتابة، والتواصل مع كثيرين، لكن التفاعل ليس سريعاً، بعكس الحضور الفعلي في معارض الكتاب، لذا فالسيناريوهات المحتملة لمواصلة الحضور الثقافي، ورغم أني أفضل الكتاب الورقي وهيبته بما يحمله بين سطوره وأوراقه، إلا أن الكتاب الإلكتروني يعتبر الخيار الأخير، رغم صعوبة مواصلة قراءته».

وتقول سلوى سيف، مدربة حياة: «نحن في فترة نقلة مهمة في الحياة الثقافية، والشراء الـ(أون لاين) لا يلبي الشغف، لأن التجول في أروقة معرض الكتاب متعة لا تضاهيها متعة في الوجود».

وتضيف: «أعتقد أنني سأختار عناوين الكتب من خلال المكتبات والتجول والاستمتاع، في النهاية لا شيء يغنينا عن الكتاب المطبوع، وملمس الأوراق، ورائحة الكتب».

معارض إلكترونية

أميرة مسعد، أمين مؤسسة مبادرة نادي الكتاب بالإمارات، تقول: «أنا من مؤيدي تنظيم معارض الكتب بشكلها التقليدي، مع أخذ جميع الاحتياطات الاحترازية اللازمة لذلك، مع البدء في تجهيز معارض إلكترونية بديلة كتجربة جديدة، باعتبار ذلك السيناريو البديل للمعارض بشكلها التقليدي المعروف».

وأضافت: «أؤيد تماماً شراء الكتب عن طريق المتاجر الإلكترونية (أون لاين)، ما سيخفض كلفتها الشرائية ويجعلها في متناول قطاعات كبيرة من العائلات محدودة الدخل، كما ستوفر الوقت والمجهود أيضاً».

سوق النشر الرقمي

اعتبر رئيس هيئة الشارقة للكتاب، أحمد بن ركاض العامري، أن ما يمكن النظر إليه باعتباره أزمة يشكل في الواقع تحدياً وفرصة في الوقت نفسه، وقال: «على الرغم من أن معارض الكتاب لاتزال هي الأقرب إلى قلوب القراء في مختلف بلدان العالم، إلا أنه لا يمكن النظر إلى تأجيلها وإلغائها بوصفه الحدث الأكبر في المشهد الثقافي العالمي، وإنما علينا الالتفات إلى سوق النشر الرقمي». وقال العامري لـ«الإمارات اليوم»: «أثبت الحراك الثقافي خلال الأزمة العالمية التي فرضها انتشار فيروس كورونا المستجد أنه واحد من أكثر القطاعات مرونة وجاهزية في الاستجابة لمختلف التحديات، سواء المتعلقة بمتغيرات السوق والحراك الاقتصادي، أو على المستوى اللوجستي المتعلق بتنظيم الفعاليات المحلية والدولية».

وأضاف: «يمكن النظر إلى هذه المرونة والجهوزية بالوقوف عند المبادرات الثقافية الافتراضية التي أطلقها عدد من المؤسسات حول العالم، وبالرجوع إلى حجم الطلب على النشر الإلكتروني وتنامي سوق الكتاب المسموع، إلى جانب تزايد الإقبال على مواقع تسوّق الكتب عبر الإنترنت».

الأكثر مشاركة