خلال جلسة نظمتها «الثقافة وتنمية المعرفة»

موصليون: إعمار الجامع النوري إحياء للمجتمع الإبداعي

المشاركون في الجلسة أكدوا أن إعادة بناء الجامع النوري ومنارته الحدباء وكنيستي الطاهرة والساعة تجسّد التجانس والتوازن المجتمعيين بين أطياف وشرائح مجتمع الموصل. من المصدر

نظمت وزارة الثقافة وتنمية المعرفة، بالشراكة مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونسكو»، جلسة حوارية بعنوان «تراث الموصل.. عهد جديد.. بسواعد الشباب»، وذلك بمناسبة ذكرى مرور ثلاث سنوات على تدمير الجامع النوري ومنارته الحدباء في مدينة الموصل على أيدي تنظيم «داعش» الإرهابي.

الجلسة التي أقيمت افتراضياً على تطبيق «زوم»، وأدارتها مينا العريبي، رئيسة تحرير صحيفة «ذا ناشيونال»، شارك فيها كل من: نورة بنت محمد الكعبي، وزيرة الثقافة وتنمية المعرفة، والدكتور صهيب الدرزي، رئيس المكتب الاستشاري الهندسي في جامعة الموصل، وراكان العلاف، مدير المشروع الوطني لإعمار الجامع النوري في اليونسكو، وعلي البارودي، أستاذ ترجمة في جامعة الموصل ومصور فوتوغرافي، وفهد صباح، ناشط عراقي في المجال الثقافي ومؤسس ملتقى الكتاب، وعبدالرحمن الحجار، أحد مفتشي آثار وتراث محافظة نينوى في وزارة الثقافة والآثار العراقية، ونرجس دنون، متطوّعة مع فريق عمل منظمة اليونسكو.

وأشادت نورة الكعبي، بالسواعد الوطنية من الموصليين، الذين كان لهم الدور الكبير في إنجاز المرحلة الأولى من مشروع إعادة بناء الجامع النوري ومنارته الحدباء، مشيرة إلى أن قرار دولة الإمارات في عام 2018 بتبني مبادرة «اليونسكو» بإعادة البناء، كانت رسالة أمل لمواجهة الأفكار المتطرّفة، التي تحاول جاهدة محو التراث الإنساني والثقافة، وزرع الخوف في المجتمع. وقالت الكعبي: «في يوم ما ستعلو المنارة الحدباء للجامع النوري وتحلق في أفق الموصل، وسيُعاد بناء الكنائس وإقامة المناسبات الثقافية والموسيقية، والعديد من الفعاليات الأخرى التي تمثل السمو الإنساني، الذي كاد أن تختطفه أيدي الظلام وأعداء التنوير، وإنه بفضل بجهود ودعم دولة الإمارات ومنظمة اليونسكو، سترجع ابتسامة الموصليين وعناقهم للحياة». من جهته، أوضح راكان العلاف، أنه تم إنجاز المرحلة الأولى من مشروع إعادة بناء الجامع النوري بسواعد أهالي الموصل، الذين وصلت أعدادهم إلى ما يقارب 300 شخص من الفترة فبراير 2019 حتى مارس 2020، حيث تمت إزالة الألغام والمخلفات الحربية، كما تم عزل القطع التراثية والتاريخية في الموقع وتصنيفها وتوثيقها وترقيمها، مشيراً إلى أن العمل مع «اليونسكو» استمر، على الرغم من تأثير «كوفيد-19» على سرعة الإنجاز، في حين ننتظر وصول المعدات والأجهزة من الخارج للبدء بإجراءات فحوص للتربة وأعمال التصاميم الأساسية لموقع المشروع، حيث سيشهد الربع الأخير من العام الجاري المباشرة الفعلية للمرحلة الثانية من إعادة الإعمار. من جهته، أشار الدكتور صهيب الدرزي، إلى إجراء بحوث ودراسات عدة من قبل الخبراء والاختصاصين في جامعة الموصل، الذين أكدوا إمكانية عودة منارة الجامع كما كانت في السابق بالانحناء نفسه الذي يميزها على مر التاريخ. وأوضح عبدالرحمن الحجار، أنه تم جمع «الطابوق» الخاص بالجامع والقطع الصغيرة بشكل كامل، وهو ما يؤكد أن إعادة البناء ستكون مع الحفاظ على قيمته التاريخية، حيث إن استخدام المواد الحديثة سيُفقد الجامع النوري أهميته الأثرية، آملين عودة المنارة بشكلها الأصلي وبقيمتها التراثية التي تُشكّل رمزاً للموصليين، لافتاً إلى ضرورة تشجيع الصناعات والحرف التي اشتهرت بها الموصل، أبرزها النقش على الحجر والخشب، من خلال تدريب أبناء المدينة عليها، في ظل وجود الخبرات القليلة من الحرفيين القدامى. وأوضح فهد صباح، أن علاقة الموصليين بالجامع النوري ومنارته الحدباء هي ارتباط ذاكرتهم بالتراث والتاريخ، مُعرباً عن أمله في الاهتمام بالملف الثقافي الذي يوازي أهميته عمليات الإعمار والبناء، حيث إن أبناء الموصل بحاجة إلى إعادة بناء دور سينما، التي دُمرت جميعها خلال الحرب، إلى جانب إعادة الموسيقى الموصلية ذات الطابع الخاص، سواء من خلال القيام بإنشاء مدارس تدريب موسيقية أو إنشاء دار أوبرا، لأننا على يقين بأن ترميم المشروعات الثقافية والتراثية يعتبر إغاثة لروح الموصل والموصلين.

وأكد علي البارودي، أن أهل الموصل لديهم شغف كبير بالثقافة، فبعد تحرير المدينة في يوليو 2017، أقيم أول مهرجان ثقافي للكتب في سبتمبر 2017، بحضور 5000 شخص في حرم جامعة الموصل، وتم توزيع ما يقارب 13 ألف كتاب، ما يؤكد أن المدينة التي تهتم بالكتاب قبل الإعمار مدينة لن تموت. من جهتها، أوضحت نرجس دنون، أن هناك العديد من الشباب الموصلي يشاركون في إعداد تصاميم للملابس، ولديهم مهارات عدة وأفكار ستسهم في دعم الصناعة في الموصل، مقترحةً العمل على بناء مصنع في المدينة يضم الكفاءات والطاقات الشبابية، من النساء والرجال، للعمل في مجال التصميم، وإعالة أنفسهم لتعويض ما ألمّ بهم جرّاء الحرب.

وفي نهاية الجلسة أكد المشاركون أن إعادة بناء الجامع النوري ومنارته الحدباء وكنيستي الطاهرة والساعة، تجسّد التجانس والتوازن المجتمعيين بين أطياف وشرائح مجتمع الموصل، وأن هذا الإعمار المشترك يُعدّ فرصة لتحفيزهم للعودة إلى منطقتهم وتاريخهم، والعمل معاً على إعادة إحياء روح الموصل، عبر صوت الآذان ودقات أجراس الكنائس، لتعُم روح التسامح أرجاء المدينة من جديد.


فهد صباح: «علاقة الموصليين بالجامع النوري ومنارته الحدباء هي ارتباط ذاكرتهم بالتراث والتاريخ».

راكان العلاف: «أنجزنا المرحلة الأولى من بناء الجامع بسواعد 300 شخص من أهالي الموصل».

نورة الكعبي:

«بفضل جهود ودعم الإمارات و(اليونسكو)، سترجع ابتسامة الموصليين وعناقهم للحياة».

تويتر