وثائق جديدة تكشف المستور بين مؤلف «الأمير الصغير» وشابة أميركية
تكشف سلسلة وثائق تعرض للمرة الأولى في معرض الكتب النادرة في باريس، علاقة قوية غامضة جمعت قبل ثمانية عقود بين الكاتب الفرنسي أنطوان دو سانت-إكزوبيري، وشابة أميركية سعت لنقل قصته الشهيرة «الأمير الصغير» إلى الشاشة في عمل من إنتاج «ديزني».
ولا تتوافر لدى كتّاب السيرة سوى معلومات قليلة بشأن هذه العلاقة التي جمعت بين عامي 1938 و1940 الكاتب والطيار الفرنسي الشهير بالأميركية جاين لوتن.
ووقع مدير المكتبات كريستوف شامبيون المتخصص في الإصدارات القديمة، على سبع وثائق تكشف وجود هذه الأميركية في حياة الكاتب الفرنسي، وتتيح وضع فرضيات عدة عن العلاقة التي يكتنفها غموض كبير.
وما يظهر من خلال الوثائق السبع المطروحة للبيع هو أن أنطوان دو سانت-إكزوبيري وجاين لوتن التقيا في نيويورك عام 1938 أو 1939، أي في الفترة التي أقام فيها الكاتب الفرنسي في المدينة الأميركية خلال ثلاث محطات طويلة. وكانت علاقته مع زوجته كونسويلو في تلك المرحلة تشهد توتراً.
ويروي كريستوف شامبيون من مكتبة فوسترول في باريس لوكالة فرانس برس: «لقد احتفظ من سهرتهما الأولى بريشة مذهّبة كانت موضوعة على الأرجح على قبعة جاين أو لباسها. وقد أطلق عليها تسمية (ريشة الملاك)».
لكن من هي جاين لوتن؟ يبقى هذا السؤال رهناً ببحوث المؤرخين، خصوصاً لكون هذا الاسم منتشراً في الولايات المتحدة كما أن تاريخ ولادتها مجهول.
ويبدو أن لوتن هذه كانت أصغر سناً من الكاتب الذي كان يناهز الـ40 حين التقاها، وفق ما يستنتج شامبيون من إهداء كتبه سانت-إكزوبيري على «نسخة طبعت خصيصاً للآنسة جاين لوتن» من كتابه «طيّار الحرب» الصادر في نيويورك سنة 1942، وأطلق على نفسه في هذا الإهداء لقب «الصديق المسنّ».
ومن القطع الاستثنائية ضمن مجموعة الوثائق هذه، رسالة غير مؤرخة من صفحتين، يمكن التكهن بأن أنطوان دو سانت-إكزوبيري نصّها في أكتوبر 1940. وكتب فيها «سأقوم بجولة في نيويورك للترويج لكتابي (أرض البشر)».
وأضاف «لن أسمح لكِ بالضحك إذا ما قلت لكِ إني سآتي من أجلك فقط - لأن ذلك صحيح».
ولا أحد يعلم على ما يبدو طبيعة العلاقة بينهما، ولا حتى كتّاب السيرة الذين حاولوا الإضاءة على هذه السنوات الأساسية في حياة الكاتب ونتاجه. لكن من الواضح أن لوتن كانت تحظى بمكانة خاصة لدى سانت - إكزوبيري.
وجاء في برقية مؤرخة في ديسمبر 1940، حين كان يستعد لعبور المحيط الأطلسي مجدداً بعد احتلال فرنسا من جانب قوات ألمانيا النازية، «أنا سعيد جداً لأني سأراك مجدداً. سأصل على أس أس سيبوني (السفينة العسكرية الأميركية التي أقلته). لا تخبري أحداً بذلك. مع عميق صداقتي».
وبقي سانت-إكزوبيري في نيويورك حتى 1943، مبدياً حذراً إزاء قضية الجنرال شارل ديغول الذي كان حينها قائد قوات «فرنسا الحرة». وانكبّ على كتابة «طيّار الحرب» عن هزيمة 1940 ثم قصة «الأمير الصغير».
ومن المعروف أن أورسون ويلز اشترى حقوق اقتباس «الأمير الصغير» في السينما سنة 1943، ثم طلب التعاون مع وولت ديزني في نسخة من هذه القصة بالرسوم المتحركة. غير أن ديزني رفض ذلك بسبب عدم وجود ضمانة بشأن هامش التحرك الفني له في المشروع.
وتقدم مكتبة فوسترول في هذه المجموعة المتعلقة بجاين لوتن، ملخصاً من ثلاث صفحات عن القصة بالإنجليزية مقدماً من أميركية شابة. ويبدأ الملخص بعبارة «طيار وحيد يواجه عطلاً في الصحراء. ثم يستسلم للنوم بعد محاولة حثيثة لإصلاح المحرك المعطّل».
وأضاف شامبيون «هي تقف وراء المبادرة، بالاتفاق بلا شك مع الجهة التي كانت ستقدم» العمل.
وتوفي سانت-إكزوبيري في سبيل فرنسا إثر اختفاء أثره قبالة سواحل مرسيليا في يوليو 1944.