أكّدوا أن «تقرير الحالة» مبادرة مهمة
أعضاء «الاستشاري للغة العربية»: تحديات لغتنا تتطلب جهوداً جماعية
أكّد أعضاء المجلس الاستشاري للغة العربية أن تقرير حالة اللغة العربية مبادرة مهمة، تسهم في رسم استراتيجيات وملامح مستقبل لغة الضاد، وتعكس حرص دولة الإمارات واهتمامها باللغة العربية، لتكتسب مكانتها على نطاق واسع.
وثمّن الأعضاء في مقالاتهم بتقرير حالة اللغة العربية ومستقبلها، الذي أطلقته وزارة الثقافة والشباب، أخيراً، جهود دولة الإمارات في المحافظة على اللغة والهوية العربية والنهوض الحقيقي بها على مختلف المستويات، وتكريس مكانتها وحمايتها، في ظل التطوّرات المتسارعة التي يشهدها العالم، فضلاً عن الدفاع عنها في عصر العولمة الثقافية، وتحويل التحديات إلى فرص وحلول مبتكرة تعزّز من حضورها.
وقال رئيس مركز أبوظبي للغة العربية، الدكتور علي بن تميم، إن «وصف واقع اللغة العربية وتحدياتها يتطلب جهوداً مؤسسية جماعية ومنهجية، تتناول المسألة من جوانبها وزواياها المتعدّدة، ولا تقتصر على نظرة أحادية أو مسبقة أو على انطباعات عامة، ولعل أول ما يستوقفنا في هذا السياق، هو النقص الفادح في البيانات والمعلومات المتعلقة باللغة العربية، فمع أن اللغة العربية معروفة بثراء معجمها وخصوبة مستندها التاريخي الإبداعي الأدبي والثقافي، إلا أنها تعاني محدودية إسهامها في المحتوى الرقمي، إذ لا يتجاوز هذا الإسهام 3% من مجمل المحتوى الرقمي العالمي»، مشيراً في مقاله بالتقرير إلى أن الإمارات كغيرها من الدول المتحدثة باللغة العربية، تواجه التحديات ذاتها، بل وربما بقدر أكبر، نظراً إلى كونها مركز عمل عالمي رائداً، يستقطب مختلف الجنسيات للعمل والعيش فيها.
من جهته، نوّه الأمين العام لجائزة محمد بن راشد للغة العربية ونائب رئيس المجلس الاستشاريّ للغة العربية في دولة الإمارات، بلال البدور، بأن «أمتنا العربية نصّت في دساتيرها على أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية لبلدانها، وإذا كانت الدساتير تنصّ على عروبة اللغة، فإن الأمر يتطلب وجود تشريعات تحدّد مواقع استعمال هذه اللغة، والضوابط الخاصة بذلك، والجزاءات التي تُفرض في حال المخالفة والتجاوز. لذا سارعت بعض الدول إلى وضع قوانين خاصة بحماية اللغة. وأضاف: «أصدرت دولة الإمارات ميثاقًا باسم ميثاق اللغة العربية، يحدّد مجموعة من الإرشادات والتعليمات العامة التي تؤكّد على سيادة اللغة العربية. وفي المؤتمر الدولي الثالث للغة العربية الذي ينظمه المجلس الدولي للغة العربية أُقرّ مشروع قانون استرشادي لحماية اللغة العربية».
دور المهاجِم
بينما قالت وكيل وزارة التربية والتعليم المساعد لقطاع تحسين الأداء، الدكتورة رابعة السميطي: «علينا أن نعيد النظر في موقفنا من اللغة العربية، وعلى وجه الخصوص موقفنا في الدفاع عنها، وفي وضع الحلول والاستراتيجيّات.. وعلينا أن نغيّر دور المدافِع إلى دور المهاجِم، ليس المهاجم الذي ينهال على الجميع ويجبرهم على الخضوع له، بل المهاجِم الذي يتسلل بكل رفق ويفرض نفسه بكل هدوء. في مجال التكنولوجيا، خاصوصاً مع تطوّر الذكاء الاصطناعي والتطوّرات الكثيرة التي يشهدها هذا المجال، فمازال هناك فرق شاسع في ما يُقدَّم باللغة العربية وما يُقدَّم بالإنجليزية».
من ناحيته، رأى مدير المركز التربوي للغة العربية لدول الخليج، الدكتور عيسى صالح الحمادي، أن «المعلّم يُعدّ حجر الزاوية في العملية التعليمية، ويحتلّ مكان الصدارة بين العوامل التي يتوقف عليها نجاح التربية في بلوغ غاياتها»، مشيراً إلى أن «الوصول إلى مستويات رفيعة لأداء معلّمي اللغة العربية، في إطار عملية التطوير مرهون بعوامل كثيرة، من أهمها انتقاء نوعيّة جيّدة منهم وحسن إعدادهم، وجودة تدريبهم، وتزويدهم بمهارات القرن الـ21».
القلب النابض
من جانبها، ذكرت المديرة التنفيذية في هيئة المعرفة والتنمية البشرية بدبي، فاطمة غانم المرّي، أنه «عندما تصبح لغتنا العربية أسلوب حياة، فسنعبر بها إلى آفاق جديدة، ونتجاوز التحدّيات. لقد كانت اللغة العربية القلب النابض في جسد الحضارة العربية الممتدّة لقرون ماضية، وسيبقى هذا القلب نابضاً في مسيرة استئناف الحضارة العربية، وذلك بما سنقدّمه كأفراد ومؤسسات من جهود متضافرة، لتكون ونحن معها بكل خير وفي مزيد من الخير والازدهار».
فيما أوضحت رئيسة منظمة «تربويّون بلا حدود»، الدكتورة كريمة مطر المزروعي، أن : «اللغة العربية لا تحتاج إلى مبادرات وقتية أو احتفاليات سنوية ترتبط بيوم واحد، بل تحتاج إلى وضع نظام وسياسات متكاملة تنظر للنظام التعليمي في تدريس اللغة العربية بشكل متكامل. فالنظام التعليمي ليس معلّماً وكتاباً فقط، بل منظومة متكاملة تعضد بعضها بعضاً».من جهتها، قالت الأمين العام لتحدي القراءة العربي، منى الكندي: «قد لا نستطيع في سنوات قليلة إحداث انقلاب كامل في العقلية العربية، أو نجتث عقوداً من الرخاوة والكسل المعرفي، فالتغيير يحتاج حفراً وئيداً في العقل العربي. ويمكننا القول إننا من خلال تحدّي القراءة العربي ومشروعات ومبادرات معرفية وثقافية عدة، استطعنا أن نطلق شرارة أمل، وأمامنا جميعاً مسؤولية المحافظة عليها كي تظل جذوتها متقدة، بالمتابعة والدعم والاستمرار والاحتفاء بملايين القرّاء العرب من الشباب». بينما قالت أستاذ كرسي اللغة العربية في جامعة زايد، الدكتورة هنادا طه-تامير: «قد نكون وصلنا اليوم إلى أن نقول إن خرافة (اللغة العربية لغة صعبة) أصبحت واقعاً يتمثل في خوف أجيال بكاملها من اللغة العربية، وفي عدم استخدامهم أو إتقانهم لها، وفي الشعور بأنها ليست في متناول أيديهم، وعقولهم، وقلوبهم».
التعريب والترجمة
اعتبر الدكتور علي سعيد الكعبي، مستشار بجامعة الإمارات، أن «إشكالية العربية في عصرنا تكمن في اللغة ذاتها والقائمين عليها، إذ توقف العمل على التعريب والترجمة - رغم قلته - من سنوات، ولم تعدّ هناك مرجعية يمكن الاستناد إليها، إضافة إلى استسهال استخدام الإنجليزية للتدريس والكتابة، واستخدام مراجعها لكثير من الأساتذة في الجامعات، بسبب التعليم الذي تلقاه كثيرون منهم في جامعات أجنبية».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news