مزاينة الإبل.. رفعُ البيرق له فرحة خاصة في الظفرة
في الإمارات حظيت الإبل، منذ سنوات بعيدة، باهتمام خاص ومكانة مميزة لدى ملاكها، فكانت مصدر فخر لهم، إذ تعد الإبل في دولة الإمارات من أركان ومكونات التراث العريق، وتحظى برعاية مميزة، نظراً إلى قيمتها التاريخية ودورها المهم في حياة الآباء والأجداد، إذ ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بكل تفاصيل حياتهم اليومية.
وفي منطقة الظفرة، وفي هذا الوقت من العام، حيث يميل الطقس إلى البرودة، تتوافد الإبل المميزة من مختلف مناطق الإمارات ودول الخليج، للمشاركة في أكبر وأعرق مسابقة للإبل المحليات والأصايل، وهي مزاينة الإبل، ضمن فعاليات مهرجان الظفرة الذي ينظم برعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة.
وانطلقت في الخامس من نوفمبر الماضي الدورة الـ14 من مهرجان الظفرة، بتنظيم من لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية بأبوظبي، في ظروف استثنائية ضمن إجراءات احترازية وشروط خاصة في ظل جائحة «كورونا».
وتنظم في هذه الدورة كما في سابقاتها، مزاينة الإبل للمحليات والمجاهيم، ضمن أشواط محددة تشمل كل الفئات والأعمار، ليعكس المهرجان استراتيجية أبوظبي في تعزيز مشاعر الفخر والولاء وصون الهوية الوطنية، والحفاظ على التقاليد المُجتمعية العريقة، ويؤكد المهرجان، منذ انطلاقته عام 2008، أهمية الإبل في حياة الأمة العربية، إضافة إلى دعم مُلاكها وتشجيعهم على الاستمرار في تربية الإبل ورعايتها وتنميتها، باعتبارها ثروة وطنية يجب الحفاظ عليها، وإطلاع الجيل الجديد على ثقافة تربية الإبل الفريدة التي تعد جزءاً لا يتجزأ من التاريخ والموروث الإماراتي والخليجي والعربي.
يلتقي خلال مهرجان الظفرة ملاك الإبل من دولة الإمارات ودول الخليج، سنوياً، في أكبر مهرجانات الإبل بالمنطقة، الذي يشهد أكبر تجمع للإبل، إذ تشكل مزاينة الإبل المحليات (المحليات والمجاهيم) الفعالية الأبرز في المهرجان والمسابقة الأكبر من حيث عدد الأشواط وقيمة الجوائز، وبالتوازي تنظم مزاينة الإبل المحليات بالفئات والأشواط المخصصة ذاتها لإبل المجاهيم، ما يجعل المنافسة مرتفعة بين المشاركين، ويجعل للناموس في مزاينة مهرجان الظفرة لوناً مختلفاً ونكهة خاصة، والناموس تعني التمنيات بالفوز، والتهنئة باستحقاق نشوة الانتصار والفخر والفرحة.
من جهته، أوضح مدير مزاينة الإبل بمهرجان الظفرة، محمد بن عاضد المهيري، أن منافسات مسابقة مزاينة الإبل تنقسم إلى فئتين من الإبل، المحليات والمجاهيم، التي تعد من أهم أنواع الإبل، وتوزع على أشواط عدة، حسب ستّ فئات عمرية (المفاريد، الحقايق، اللقايا، الإيذاع، الثنايا، والحول)، وأضاف أن لجنة المهرجان حددت في المنافسة أشواطاً فردية يشارك فيها ملاك الإبل بناقة واحدة، وتسمى أشواطاً فردية، وأشواط أخرى تسمى شوط «الجمل»، بمعنى قطيع من الإبل، ويشارك فيها بأكثر من ناقة، منها: شوط الثلاث، شوط الستّ، الجمل 15، والجمل 30 المعروف بشوط البيرق، الذي يشهد مشاركة من كبار ملاك الإبل في الإمارات والمنطقة، وأشار مدير مزاينة الظفرة إلى أنه لابد من امتلاك 30 ناقة ذات مواصفات جمالية عالية للمشاركة في شوط البيرق، ويحرص كل مشارك على أن يكون القطيع المشارك به من أكثر الإبل جمالاً، بهدف الفوز بشوط بيرق الظفرة، والحصول على راية أو علم البيرق الذي يكون من نصيب الفائز بهذا الشوط، الذي يعد من أكبر الأشواط وأهمها في مزاينة مهرجان الظفرة ومنطقة الخليج العربي، إذ حققت شهرة جذبت إليها ملاك الإبل من كل مكان، وأسهمت بشكل فعال في تنشيط حركة بيع وشراء الإبل المتميزة. وبيّن المهيري أن الإبل المحليات هي التي لم تختلط سلالتها بأي سلالة أو لون آخر، ولونها أصفر يميل إلى الأحمر؛ ولا يخالطه لون آخر، وتمتاز بحجمها المتوسط، وتسمى أيضاً بالأصايل، فيما تعرف الإبل المجاهيم باللون البني الداكن المائل إلى الأسود، ولا يخالطه لون آخر، وهي كبيرة الحجم مقارنة بالإبل المحليات.
ولفت إلى أن مهرجان الظفرة يترجم ثقافة مزاينة الإبل، لتصبح المصطلحات والمسميات المستخدمة في المهرجان مألوفة لفئة الشباب، والزائر والمتابع لهذا الموروث الأصيل، فمصطلح المفاريد يطلق على الإبل التي يكون عمرها أكثر من سنة وأقل من سنتين، والتي تعتمد على نفسها في الرعي والشرب، وتسمى الإبل بين عمر سنتين وثلاث سنوات «الحقايق» ومفردها «حقة»، ويطلق على الإبل التي يصل عمرها إلى ثلاث سنوات وصولاً إلى أربع اسم «لقية»، بمعنى أنها التقت مع أخيها من أمها في الولادة الثانية، وتبدأ حمل المتاع على ظهرها، ثم تسمى «يذعة» في سن أربع إلى خمس سنوات، وسبب التسمية أنها تجذع ثناياها التي في مقدمة الأسنان وتقع في هذا العمر، ثم ثنايا (مفردها ثنية) إذا بلغت من العمر خمساً إلى ست سنوات وبدّلت الزوج الأول من القواطع، وبعد عمر ستّ سنوات يطلق على الإبل اسم حول، ومفردها حايل، وللفحل زمول.
تتضمن المزاينة أشواطاً خاصة بالإبل المشتراة، وتسمى أشواطها بـ«الشرايا»، وأشواطاً خاصة بإبل الإنتاج المولودة في عزبة مالكها «إنتاج العزبة»، وتسمى أشواطها بـ«التلاد»، وتُعد العزبة المكان المناسب في الصحراء لتربية الإبل عند البدو (ملاك الإبل)، والمكان الذي يتم فيه تربية ورعاية وإنتاج الإبل، وتضم العزبة مكاناً لمبيت قطيع الإبل كحظيرة مكشوفة بصورة طبيعية، ومجلساً وسكناً ومخزناً للعلف والمعدات الخاصة بالإبل، وتشكل العزبة المكان الأمثل لقضاء أوقات الفراغ والإجازات بالنسبة لملاك ومحبي الإبل.
مقاييس الجمال
يحتفي مهرجان الظفرة بالسلالات المميزة من خلال مزاينة الإبل، التي تقوم على رصد جماليات الإبل وفق مواصفات الجمال، وتكون المفاضلة بين الإبل والتمييز بين المراكز الأولى على أساس نظام النقاط من 100 درجة، من خلال لجنة تحكيم تضم عدداً من أصحاب الخبرة والنظرة، والمعرفة الكبيرة بسلالات الإبل ومقاييس جمالها، وتتوزع النقاط كالتالي: الرأس والرقبة 25 درجة، الجزء العلوي 25 درجة، الجزء الأمامي 15 درجة، الجزء الخلفي 10 درجات، الشكل العام والرشاقة 25 درجة، ويشمل هذا المعيار طول البدن وارتفاع المطيّة والذلالة، وصحة الجسم ولمعان الشعر.
المحليات هي التي لم تختلط سلالتها بأي سلالة أو لون آخر.
المفاريد يكون عمرها أكثر من سنة وأقل من سنتين، وتعتمد على نفسها في الرعي.
30
ناقة ذات مواصفات جمالية عالية لابد من امتلاكها للمشاركة في شوط «البيرق».