«المخطوطات العربية من مقدونيا».. تروي حكايا من ألف عام
تعد المخطوطات العربية كنزاً تراثياً وإنسانياً لا يمكن الاستغناء عنه، وهي ذخيرة مهمة، لا تسكن مكاناً محدداً، فمعظمها يتخذ من مكتبات العالم الكبرى ومكتبات الباحثين والمختصين مسكناً لها، ما إن تطالعها حتى تكتشف مدى ثراء الإرث الذي تركه العرب للعالم، وتبين مدى مساهمتهم في إغناء المكتبة العالمية، سواءً على الصعيد الفكري أو الأدبي أو العلمي.
المخطوطات القديمة وجدت لها مكاناً في الدورة 18 من «أيام الشارقة التراثية»، التي تقام في ساحة التراث في قلب الشارقة حتى 10 أبريل المقبل، لتفتح عيون الزوّار على هذا الإرث الذي لا يقدر بثمن، حيث علقت هذه المخطوطات على جدران جناح «المخطوطات العربية من مقدونيا»، الذي يضم 28 مخطوطة، بعضها ينتمي إلى الأدب، وأخرى إلى الفقه، والطب، والعلوم، ومن بينها مخطوطتان من القرآن الكريم.
كل هذه المخطوطات، جاءت إسهاماً من الدكتور إسماعيل الأحمدي، الذي يعد أحد العارفين والخبراء في مجال المخطوطات، كما تدلل على ذلك سيرته الذاتية، فهو يتقن اللغتين العربية والتركية، ومعظم اهتماماته ودراساته يدور في فلك المخطوطات القديمة.
المخطوطات التي يضمها الجناح تنتمي إلى الفترة الممتدة من القرن الـ13 إلى القرن الـ19، حيث إن أقدم مخطوطة موجودة في المعرض يعود تاريخ نسخها إلى القرن الـ13، وهي من كتاب «القانون في الطب» لابن سينا. المخطوطات المعروضة، خصوصاً تلك التي تنتمي إلى فئة الأدب واللّغة، تكشف مدى ثراء الأدب العربي، ذلك ما يمكن أن تكتشفه من خلال نظرة على مخطوطة «المقامات الخمسون»، التي ألّفها الحريري محمد أبوالقاسم بن علي البصري، وقد عرفت أيضاً باسم «مقامات الحريري»، حيث امتازت بجزالة ألفاظها، وحسن سجعها، وبراعة اللّغة الأدبية التي أظهرت مدى القدرة على التلاعب في الألفاظ، وصياغة المحسنات البديعية، وهناك أيضاً مخطوطة القصيدة النعمانية للإمام أبي حنيفة النعمان، التي يمدح فيها سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وقد تعرضت العديد من المؤلفات إلى هذه القصيدة، في محاولة لتقديم شروح مفصلة لأبياتها، وما حملته من جزالة لغوية.