الخرائط التاريخية للإمارات والخليج العربي.. محط اهتمام منذ قرون
أكّد باحثون أهمية الخرائط التاريخية باعتبارها وثائق رسمية يمكن الاعتماد عليها في التوثيق، مشيرين إلى أن منطقة الخليح كانت محط اهتمام رحّالة ومؤرخين تركوا ميراثاً لخرائط المنطقة منذ قرون بعيدة.
جاء ذلك خلال ندوة افتراضية بعنوان «الخرائط التاريخية للإمارات والخليج العربي.. قيمة تاريخية ووثائق موضوعية»، نظمها مركز زايد للدراسات والبحوث، التابع لنادي تراث الإمارات، ضمن موسمه الثقافي، أول من أمس.
وشارك في الندوة التي أدارها الدكتور عبدالله المغني (أستاذ مشارك في قسم التاريخ والحضارة الإسلامية في جامعة الشارقة)، كل من الدكتور علي عفيفي (أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر)، والدكتور وائل الدسوقي (باحث في التراث والتاريخ الثقافي)، ومحمد حسين (باحث أخصائي وثائق وأرشيف بمركز جمعة الماجد للثقافة والتراث).
من جانبها، قالت مديرة مركز زايد للدراسات والبحوث، فاطمة المنصوري، إن «تنظيم الندوة يأتي من منطلق اهتمام المركز بتقصي جميع المصادر التاريخية الخاصة بدولة الإمارات والخليج العربي، لاسيما الخرائط التاريخية التي تعد مصدراً تاريخياً ورافداً مهماً لحفظ وتدوين وتوثيق تاريخ المنطقة، بالإضافة إلى كونها مادة علمية مهيأة للمتخصصين والمهتمين والباحثين، ولتسليط الضوء كذلك على المراكز البحثية الموجودة في الدولة، والتي تحتضن مجموعة ضخمة من الخرائط التاريخية باعتبارها وثائق رسمية وتاريخية يمكن الاعتماد عليها في التوثيق».
حفاظ على الهوية
أشاد الدكتور عبدالله المغني بجهود القيادة الرشيدة في دولة الإمارات في الاهتمام بتوثيق تاريخ الدولة والحفاظ على الهوية الوطنية وتعزيز مقوماتها، من خلال دعم المراكز المتخصصة في هذا المجال، واصفاً الخرائط التاريخية بأنها ذات قيمة كبرى، وتعد ميراثاً تاريخياً يرتبط بتاريخ العديد من المناطق الجغرافية.
بينما سلط الدكتور عفيفي الضوء على «جهود الرحّالة الغربيين في رسم خرائط الجزيرة العربية والخليج»، وعلى بعض الدراسات والبحوث والمقالات المنشورة التي ركزت على أهمية الخرائط، وكيفية الاستفادة منها كمادة تاريخية.
وخلص الباحث إلى نتائج عدة تتمثل في أن الخرائط التاريخية تُعد مصدراً تاريخياً مهماً للمعرفة التاريخية، لافتاً إلى أن رحالة غربيين اهتموا برسم خرائط للمناطق التي ارتادوها في الخليج والجزيرة العربية، وأن هؤلاء الرحالة تعددت جنسياتهم ولغاتهم، ورغم ذلك رسموا خرائط للمنطقة.
ورأى أن القرن الـ19، من الممكن أن نطلق عليه عصر المعرفة الجغرافية عند الرحالة، إذ تميز بكثرة الرحالة الذين جابوا المنطقة، وبالعدد الكبير من الخرائط التي رسمت للمنطقة، وتميزت خرائط الرحالة بالدقة لرسمها بناءً على الدراسة الميدانية.
لم يكن مجهولاً
أما الدكتور وائل الدسوقي فقدم ورقة عمل بعنوان «الخليج العربي في الخرائط التاريخية.. الأهمية والتسميات»، ضمت تفسيراً لمعظم الخرائط والمعلومات الجغرافية والمسميات التي تناولت منطقة الخليج العربي منذ بداية رسم الخرائط.
وأضاف أن الهدف من رصد الخليج العربي في الخرائط التاريخية ليس لإثبات أهميته التي لا غبار عليها، ولكن لندرك أن الخليج العربي لم يكن مجهولاً عند الأقدمين، كما يروّج البعض، فقد ترك لنا التراث الإنساني ما يدل على معرفة عميقة به في الحضارات القديمة لا يمكن إنكارها.
من ناحيته، تطرق محمد حسين لتجربة مركز جمعة الماجد في الضبط الأرشيفي للخرائط، إذ تمكن المركز من جمع 600 خريطة تنوعت بين الخرائط التاريخية والجيولوجية والسياسية والعسكرية وغيرها، ويمتد المدى الزمني لهذه الخرائط من 1561 ميلادية حتى القرن الـ21، مشيراً إلى أن المركز يعمل على ترميم الخرائط بشكل دوري من خلال قسم الترميم، ويتم حفظ الخرائط في بيئة مناسبة باتباع معايير الحفظ المختلفة.
وأضاف حسين أنه يتم إعطاء الخرائط أرقاماً تسلسلية، وتعتمد في الوصف على عناصر عدة، منها العنوان، تاريخ التحرير، الرسام، الناشر، بيان مقاس الرسم، وغيرها.
واستعرض نماذج من الخرائط التي يحتضنها المركز مثل خريطة الإدريسي (صورة الأرض للشريف الإدريسي المتوفى سنة 560هـ)، الذي يعد من كبار الجغرافيين في التاريخ، وخرائط مغاصات اللؤلؤ في الإمارات والخليج العربي.
مداخلات
تخللت ندوة «الخرائط التاريخية للإمارات والخليج العربي.. قيمة تاريخية ووثائق موضوعية»، التي حضرها عدد من الباحثين والأكاديميين والمهتمين، مداخلات عدة، من بينها مداخلة المدير الإداري في مركز زايد للدراسات والبحوث، بدر الأميري، ومداخلة لأستاذ القانون الدولي في كلية القانون بخورفكان، الدكتور نعمان عطا الله الهيتي، ومداخلة أخرى للباحث في التاريخ والحضارة الإسلامية، الدكتور جمعان عبدالله مسفر الشهراني.
• القرن الـ19 تميّز بكثرة الرحالة الذين جابوا المنطقة، وبالعدد الكبير من الخرائط التي رسموها. وتميزت خرائط الرحالة بالدقة لرسمها بناءً على الدراسة الميدانية.